كيف سيكون شكل الدستور الاخواني؟، هذا هو السؤال الذي يشغل الجميع خلال هذه الفترة، وخاصة بعد اقرار البرلمان الاخواني لنفسه نسبة ال50% من الجمعية التأسيسية للدستور، بالاضافة الي ان ال50% الاخري سوف يكون للاخوان نصيب الاسد فيها في ظل استحواذهم علي النقابات والجامعات والهيئات، «صوت الامة» استطلعت خلال السطور القادمة آراء بعض من رجال السياسة والقانون الذين اعلنوا غضبهم وسخريتهم من استحواذ فريق واحد علي تشكيل دستور يعبر عن مصر الثورة. حيث قال الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوري ان كل ماتم من اجراءات منذ نجاح الثورة حتي الآن هي أعمال غير صحيحة وغير دستورية لأن الدستور كان يجب ان تتم كتابته أولا قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مشيرا الي ان اختيار 50% من الداخل ومثلها من الخارج لايغير في الأمر شيئا حتي لو كانت 100% لأن الإخوان سيضعون الدستور يريدونه الذي يتسم بالصبغة الإخوانية، ولن يكتب لهذا الدستور البقاء، لانه دستور يعبر عن طائفة واحدة وبهذا سوف تكون الثورة عليه سهلة، واسقاطه بسيط وخاصة ان الفترة الماضية اوضحت عوارا دستوريا في كل مشاريع القوانين التي صاغها الاخوان بالاتفاق مع العسكر.. بينما وصف الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري قرار تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ب"الأسلوب غير العلمي"، موضحا ان تشكيلها سوف يتأثر بالتجاذبات السياسية والحزبية، وأن هذا الأمر لايضمن صناعة دستور جيد بعيدا عن توزيع الغنائم السياسية بين الأحزاب وانتقد فرحات فكرة اقتراح تشكيل لجنة الدستور بواقع50% من النواب و50% من خارج البرلمان، مؤكدا ان مشاركة نواب البرلمان باطلة ومخالفة لنص المادة 60 من الاعلان الدستوري وسيتم الطعن عليها قضائيا، وسيقبل الطعن بسهولة، وأضاف فرحات إن ما يتم في هذه الفترة من جانب القوي الاسلامية في البرلمان لفرض وصايتها علي مواد الدستور يهدد بثورة ثانية ستطيح هذه المرة بالبرلمان وكل من اراد ان يسرق الثورة من الشعب. وقال الدكتور عبدالجليل مصطفي المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير ان قرار مشاركة أعضاء البرلمان في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور باطل وسنطعن عليه أمام القضاء لأنه خالف نص المادة 60 من الاعلان الدستوري التي تنظم كيفية تشكيل هذه اللجنة والتي نصت علي ان يجتمع نواب "الشعب والشوري" لانتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية أي ان يكون اعضاؤها من غير أعضاء البرلمان. ومن جانبه شن ابوالعز الحريري هجوما حادا علي المقترح الذي تقدمت به جماعة الإخوان عبر حزبهم السياسي "الحرية والعدالة "، مؤكدا ان مايحدث هو تكريس لخلق نظام برلماني يخدم الأغلبية المؤقتة في البرلمان وان كنا نأمل ان يتم اختيار أعضاء تأسيسية الدستور من كل الطوائف لوضع دستور ينظم العلاقة بين الشعب وبين سلطات الدولة دون ان تطغي إحداها علي الأخري وهو مالن يتحقق اذا شارك البرلمان فيها مناصفة. من جانبه أبدي د. جمال زهران رفضه لاختيار البرلمان لأعضاء الجمعية التأسيسية، مشيرإلي أنه ليس من المعقول ان يختار شخص مكانه في اللجنة التأسيسية للدستور. وأضاف زهران ان الجمعية التأسيسية يجب أن تضم كل فئات المجتمع من شخصيات عامة و مثقفين وهيئات ونقابات وأدباء ونساء وأقباط، مشيرا إلي أن الإخوان مهما كانوا أغلبية فهم في الاول والاخر فصيل من ضمن فصائل كثيرة في قلب مجلس الشعب ويجب ألا يتحكم هذا الفصيل وحده في وضع الدستور. وقال الدكتور عمار علي حسن استاذ علوم السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة إنه لا يصح أن يكون المعيار الأساسي لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور هو المعيار العددي، لأن اختيار أعضاء البرلمان لابد أن تخضع لمعايير أخري تتمثل معظمها في الكفاءة والخبرة العملية والعلمية مطالبا في الوقت نفسه أعضاء الجمعية بقراءة الدساتير الأخري حتي تترسخ لديهم أدبيات تلك العمل، مشيرا إلي أن الدستور الجديد لابد أن يقر الحريات العامة واحترامه له والتأكيد عليه والفصل بين السلطات والتأكيد علي قواعد العيش المشترك مع إعادة التفكير في المادة الثانية من الدستور لأنه بصيغته الحالية تمثل خطرا علي قواعد العيش المشترك.. من جانبه قال حسن نافعة استاذ علوم الاقتصاد والسياسة بجامعة القاهرة إن أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور سيشكلون وثيقة دائمة للمجتمع المصري بكامل تياراته ولذلك ليس من المنطق أن تشكل الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان، لأنه أغلبية مؤقتة قد تحققها مرة وقد لا تحققها عدة مرات، مشيرا إلي أنه يفضل أن يشكل أعضاء الجمعية التأسيسية من مؤسسات مهمة من داخل المجتمع المصري مثل مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الجامعات ومؤسسات أخري كالأحزاب الرسمية المعترف بها وكل جهة تقوم بترشيح أفضل ما يمثلها.. وطالب الناشط السياسي جورج اسحق بعدم وجود أعضاء في الجمعية التأسيسية من داخل الكتلة البرلمانية لعدة أسباب منها احتماليه ظهور حكم بعدم دستورية مجلس الشعب فماذا يكون الموقف وقتها واحتمالية ظهور مطالب بإلغاء مجلس الشوري ولذلك فإنه من الأفضل في كافة الأحوال وجود أعضاء من خارج الكتلة البرلمانية ممن يمتلكون الكفاءة المطلوبة وخاصة قانونيا وسياسيا حتي يستطيعون عكس تطلعات الشعب المصري بكافة طوائفه وتياراته. وعبر عمرو هاشم ربيع أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية عن رفضه التام لمشاركة أعضاء من البرلمان في وضع الدستور، لافتا إلي أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن البداية كانت خاطئة وذلك عندما أقر المجلس العسكري إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، مؤكدا أن كل الدساتير المصرية السابقة بداية من دستور 23 كان يتم وضعها أولا ثم يتم انتخاب مجلس الأمة، كما أن دستور 56 تم الإعلان عنه في يناير وجرت انتخابات مجلس الأمة في يوليو، وأن الدستور يتم وضعه لخدمة مصالح الشعب، وذلك يتطلب تمثيل كافة الأطياف الأخري من نقابات ومؤسسات المجتمع المدني. وقال الدكتور ثروت بدوي، الخبير في القانون الدستوري "إن اختيار 50% من نواب البرلمان ضمن لجنة المائة سوف يترتب عليه بطلان صياغة الدستور الجديد، حيث أنه (ما بني علي باطل فهو باطل) وفقًا للقاعدة القانونية، وفي حالة صدور حكم من المحكمة الدستورية ببطلان إجراء الانتخابات البرلمانية، وبالتالي حل المجلس، فستكون إجراءات تشكيل لجنة صياغة الدستور باطلة، ما يترتب عليه بدء الإجراءات من جديد. أما الدكتور إبراهيم درويش فيؤكد أنه لن يشارك في صياغة هذا الدستور حتي ولو تم انتخابه من قبل اللجنة التأسيسية لأن الأوضاع الحالية كلها تشوبها البطلان، وهناك طرق علمية لتشكيل اللجنة التأسيسية لم يتم الالتزام بها وأن الأوضاع الحالية تؤكد اندلاع ثورة أخري أو انقلاب عسكري لتصحيح هذه الأوضاع مؤكدا أن الدستور القادم سيكون مشوها. كما أكد النائب سعد عبود أن النواب وقعوا في مأزق شديد عند اختيار مشاركة 50% من النواب في لجنة صياغة الدستور، ولكن الإخوان استطاعوا التضامن مع السلفيين؛ للسيطرة علي الدستور الجديد، وكان يفترض العمل علي مصلحة مصر وعدم استغلال سيطرتهم علي الغالبية من مجلسي الشعب والشوري في تنفيذ مقاصدهم السياسية، كما كان يفعل الحزب الوطني المنحل من قبل ، مؤكدا ان الاسلاميين يتلاعبون بمصير البلاد وسوف يخسرون الكثير عندما يكشفهم الشعب قريبا . نشر بتاريخ 26 / 3/ 2012