من المتوقع أن تصدر المحكمة الإسرائيلية العليا قريبا حكما نهائيا بشأن موقعين يمر بهما الجدار الفاصل الأسرائيلي المثير للجدل والذي يُجرى بناؤه حول الضفة الغربية. أحد هذين الموقعين يقع في قرية بتّير الفلسطينية الشهيرة بنظام الري الذي يرجع تاريخه إلى العهد الروماني ويستخدم خصيصًا في ري المدرجات الزراعية. ويقع الموقع الآخر في منطقة كريمزان في بيت جالا، وهو الموقع الذي تعود ملكيته إلى 58 أسرة مسيحية والكنيسة الكاثوليكية. يأتي ذلك في الوقت الذي تقول فيه السلطات الإسرائيلية إن الحاجز يمثل أمرا جوهريا لأمن إسرائيل، فيما يصفه الفلسطينيون بأنه "استيلاء على الأرض". وتنظر المحكمة في محافظة بيت لحم القضيتين، وهو ما دفع الكثير من السكان المحليين والنشطاء إلى تقديم إلتماسات. وتقع قرية بتير، والتي جرى ترشيحها لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للانضمام إلى قائمة الإرث العالمي، على طول خط وقف إطلاق النار الذي جرى تحديده في عام 1949، جنوب مدينة القدس. ويعرف كثير من المجتمع الدولي هذا الخط، المعروف بالخط الأخضر، بالحدود المعمول بها لدى إسرائيل، وهو يمتد بطول خط سكك حديد كانت في الأصل جزءا من خط الحجاز الذي أنشأته الدولة العثمانية ويمتد من سوريا حتى السعودية. ويقع ثلثا قرية بتير في الأراضي الفلسطينية بينما يقع الثلث الآخر داخل إسرائيل عبر السكك الحديدية. وتحمل القنوات القديمة بالقرية المياه من عيون طبيعية تقع تحت درج إلى الحدائق النباتية والبساتين. وتمثل مبيعات المنتجات والسياحة مصدر دخل للسكان البالغ عددهم نحو خمسة الآف شخص. ويقول أكرم بدر، رئيس بلدية القرية: "بتير هي قرية فلسطينية في الأساس، إنها قديمة جدًا. لدينا الكثير من الأبنية التاريخية منذ الكنعانيين والرومانيين والبيزنطيين وحتى الحقبة الإسلامية. فكثير من الحضارات تركت آثارها في القرية". وأضاف بدر: "نظام الري في القرية يعود تاريخه إلى 2500 عام، وقد حافظ سكان القرية على الدرج القديم. نحن نحاول الحفاظ على هذه المنطقة وحمايتها من التضرر، بعدما أرادت وزارة الدفاع الإسرائيلية بناء جدارها هنا." معارضة غير مسبوقة تعارض الكثير من جماعات حماية البيئة، من بينها "أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط" التي تضم أعضاء من إسرائيل، بناء الجدار في قرية بتير، بالإضافة إلى إبداء هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية معارضتها لبناء الجدار، وهي خطوة غير مسبوقة في معارضة المشروع. وبدأت أعمال بناء الجدار في عام 2002 إبّان الانتفاضة الفلسطينية الثانية وفي أعقاب سلسلة من التفجيرات داخل إسرائيل، ويبلغ طوله الآن نحو 440 كيلو مترًا. يأتي ذلك في الوقت الذي تنفي فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية تضرر الدرج الأثري في بتير من جراء بناء الجدار، وتقول إن سكان القرية سيكون لهم الحرية في التنقل إلى حقولهم الزراعية. سيمنع الجدار بحسب الخطة الموضوعة مئات الطلاب في منطقة كريميزان من الوصول إلى مدارسهم. وبحسب الخطة الموضوعة لمسار الجدار المتوقع أن يبلغ إرتفاعه ثمانية أمتار في المنطقة القريبة من بيت جالا، سيمنع الجدار الأسمنتي الفلسطينيين من الوصول إلى المنطقة الخضراء على الجانب الآخر وكذلك المنطقة الشعبية التي تتميز بجمالها في بيت لحم وقرية كريمزان. وسيؤثر الجدار الفاصل في ذهاب مئات التلاميذ إلى مدارسهم، التي تديرها الراهبات في المنطقة، وكذلك إعاقة سير العمل في دير كريمزان ومصنع النبيذ. وينظم الأب إبراهيم شوملي، كاهن رعية اللاتين في بيت لحم، قداسا اسبوعيا عند سفح الجبل أسبوعيا في إطار احتجاج سلمي ضد بناء الجدار. وقال شوملي: "ناشدنا الجميع من أجل مساعدتنا، لكن يبدو أن أحدا لا يريد الإنصات إلينا. لدينا قضية عادلة، إنها قضية أرضنا ووجودنا وكرامتنا وديننا ومستقبلنا، لكن يبدو أن العالم لا يزال صامتا تجاه ما تقوم به إسرائيل، وهذا ما دفعنا إلى التوجه إلى الله وحده كي يقف إلى جوارنا". ويرى كثيرٌ من السكان في بيت جالا أن الهدف الرئيسي من بناء الجدار في هذه المنطقة بالذات هو ربط مستوطنات غيليو وهار غيليو، المبنيتان في الأساس على أرض قريتهم. ويعتبر القانون الدولي بناء المستوطنات غير شرعي على الرغم من الجدال الذي تثيره إسرائيل بشأن ذلك. وتؤكد وزارة الدفاع الإسرائيلية أن مسار الجدار الأمني في منطقة بيت جالا "جرى بناؤه في المقام الأول لدواعي أمنية". وأضافت: "هذا القسم من الجدار هو ضمن الجزء الخاص بمدينة القدس الذي بنى لحمايتها من الهجمات الإرهابية، ودونه ستبقى القدس معرضة للخطر". وتابعت أنه "خلال الخمس سنوات الماضية جرى استخدام الثغرات المتبقية في الجدار للمتسللين وأحيانا لدخول بعض الإرهابيين إلى القدس". وتعتزم بطريركية القدس للاتين وعدد من الشخصيات المسيحية حضور جلسات المحكمة العليا التي تنظر القضية الأربعاء. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة في اليوم ذاته قرارها النهائي في القضية.