رفض محمد الباجوري القيادي العمالي ورئيس نقابة العاملين بالشركة الوطنية للغاز "ناتجاس"، مسودة التعديلات الدستورية التي خرجت عن لجنة العشرة؛ حيث لم تأت بجديد فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحريات النقابية للعمال، على حد تعبيره. واعتبر الباجوري، أن المشرع في التعديلات الدستورية ألغى ما جاء بالدستور المعطل حول ضرورة أن يُمثل العمال والفلاحين في المجالس المنتخبة بنسبة لا تقل عن 50% من عدد أعضائها، مشيرًا إلى عدم إمكانية تمثيل العمال من خلال الأحزاب وقوائمها، وخاصة بالمراكز المتقدمة عند وضع هذه القوائم إلا إذا نُص في قانون مباشرة الحقوق السياسية على وضع شروط وتعريف لصفة العامل والفلاح. واعتبر الباجوري، خلو المسودة من النسبة التي نصت عليها الدساتير السابقة ظلمًا واضحًا وانتهاكًا لحقوق الغالبية العظمى من الشعب المصري، الذين بدونهم لا تتم الإرادة الحقيقية للفرد والمجتمع وإنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، على حد زعمه. كما أشار إلى أن المادة رقم 12 تنص على أنه «لا يجوز فرض أي عمل جبرًا على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل» وبذلك يتم فرض العمل الجبري بالقانون متناسية الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر، والتي تحظر تمامًا أي عمل جبري، فكان الأولى أن تنتهي المادة بعبارة «وبما لا يتعارض مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية الموقعة عليها مصر»، حسب قوله. وبشأن المادة 14 التي تنص على أن «الإضراب السلمي حق ينظمه القانون»، لتقيد المادة بهذه الصياغة حق الإضراب الذي تحيله للقانون المنظم، فتعيد إلى الأذهان نصوص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والذي ينظم الحق في الإضراب ويجعل ممارسته على العمال شبه مستحيلة، متجاوزة بذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية الموقعة عليها مصر والتي تضمن للعمال حقهم في الإضراب بكل حرية، فكان الأولى كذلك أن تنتهي المادة بعبارة «بما لا يتعارض مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية الموقعة عليها مصر». أما فيما يخص خدمات التأمين الاجتماعي، فنصت المادة 16 «تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي الحق في الضمان الاجتماعي إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته في حالات العجز عن العمل أو البطالة أو الشيخوخة بما يضمن له حياة كريمة، وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة وفقًا للقانون، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات»، فقد بدأت المادة بالأفعال غير الملزمة فعلى الرغم من تكرار الفعل «تلتزم» في العديد من المواد في مسودة الدستور إلا أنها في هذه المادة استخدمت أفعال «تكفل الدولة التأمين الاجتماعي» و«تعمل الدولة على توفير معاش مناسب» مما ينفي عن الدولة الإلزام ويخضع كل ذلك لحسابات الموازنة العامة للدولة والظروف الاقتصادية، حسب قوله. ومضى الباجوري، يقول: وفي المادة 23 والخاصة بدور الاقتصاد الوطني، تنص على أن «يقوم الاقتصاد الوطني على تنمية النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وفقًا لخطة تنمية شاملة تعمل على زيادة الدخل القومي وتحقيق العدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل والإنتاج والمحافظة على حقوق العمال، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية وإسهامها الفاعل في تنفيذ خطة التنمية وتحقيق أهدافها وتقريب الفوارق بين الدخول من خلال وضع حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة للمواطنين وحد أقصى في أجهزة الدولة وشركات القطاع العام والأعمال العامة، لا يستثنى منه إلا بناء على قانون»، فتستخدم نفس الصياغات المطاطة في تحديد حد أدنى للأجور يكفل حياة كريمة تاركة الباب مفتوحًا لتفسيرات ماهية الحياة الكريمة على الرغم من أن تحديد الحد الأدنى للأجر في كافة الدول دائمًا ما يخضع لمعدلات التضخم، كما تفتح المادة الباب أمام تجاوز الحد الأقصى وتتركه للقانون ولا تربط بين الحدين الأدنى والأقصى بنسبة ثابتة بما يكفل بالفعل تقليل الفوارق بين الدخول. كما انتقد إلغاء مسودة الدستور المادة 207 من دستور 2012، والتي كانت تنص على تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يعمل على دعم مشاركة فئات المجتمع في إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتعزيز الحوار المجتمعي، وهي المادة التي كانت تنص على أنه يجب على كل من الحكومة ومجلس النواب ومجلس الشورى أخذ رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هذه السياسات ومشروعات القوانين المتعلقة بها، وهو ما كنا نعتبره من الحسنات القليلة للدستور المعطل، حسب قوله.