تباينت ردود الفعل على توصيات الجمعية العمومية لقضاة مصر، التي انعقدت مساء الخميس، لإعلان موقف القضاة من المسودة الأولى للدستور، ففي الوقت الذي أكد فيه المتحدث الرسمي باسم نادي القضاة- المستشار محمود الشريف أن "قرارات الجمعية العمومية مُلزمة للجميع دون استثناء"، قال مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائي- المستشار زغلول البلشي إن "انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة للقضاة، جاء كتحصيل حاصل ودون أية فائدة".
وامتد الجدل حول توصيات الجمعية، إلي موقف رئيس المجلس الأعلى للقضاء، المستشار محمد ممتاز متولي، حيث قال إن "توصيات الجمعية العمومية للقضاة غير مُلزمة للمجلس الأعلي".
وأضاف البلشي، أن "الجمعية التأسيسية لصياغة ووضع الدستور لم تُصدر حتى الآن أية مسودات تتضمن نصوصاً متعلقة بباب السلطة القضائية حتى يعترض القضاة عليها"، مشيراً إلى أنه "أجرى اتصالاً هاتفياً بالمستشار حسام الغرياني- رئيس الجمعية التأسيسية، وكان رده بأن الجمعية لم تصدر أية مسودات نهائية، وأن باب السلطة القضائية لم يتم مناقشته فعلياً داخل التاسيسية حتى الآن".
كما انتقد البلشي، الدعوات والتوصيات التي أظهرها القائمين على الجمعية العمومية للقضاة، وما تضمنته من تهديدات بتعليق العمل بالمحاكم والنيابات، ومنع القضاة من الإشراف على الاستفتاء على الدستور، أو الانتخابات التالية لوضعه، لافتاً إلى أن "أسلوب التهديد لا يليق أبداً بالقضاة".
وتابع "لا تملك الجمعية العمومية أو نادي القضاة إصدار قرار بوقف العمل أو تعليقه بالمحاكم أو النيابات، أو منع القضاة من الإشراف على الاستفتاءات والانتخابات، نظراً لأن ذلك يُعد ضمن اختصاصات المستشار محمد ممتاز متولي- رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والمستشار أحمد مكي- وزير العدل ومساعديه فقط، ويكون ذلك فقط في حالة وجود أية اضطرابات تُعيق عمل القضاة، وأعضاء النيابة وتهدد سلامتهم".
ويري البلشي، أن "الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات يمثل واجب وطني لا يُمكن أن يتقاعس القضاة عن أدائه، فضلاً عن أنها منصوص عليها في مواد الدستور، مُتسائلاً كيف لقاضي أن يُخالف القانون أو الدستور ويمتنع عن تنفيذ أحكام مواده؟".
ووصف البلشي، ما جاء في الاجتماع من تصعيد للأزمة، وإساءة لأعضاء الجمعية التأسيسية بأنه "كلام غير مسؤول، يُسيء إلى استقلال القضاء الذي لا ينتظر انعقاد جمعية عمومية لإقراره، نظراً لأن هناك قواعد ومعايير موضوعة من قبل الأممالمتحدة تنظم مسألة استقلال القضاء، يتعين توافرها في أي قانون يصدر في مصر، ومن ثم لا تجرؤ الجمعية التأسيسية أو غيرها على تجاوز تلك المعايير أو خرقها".
وأبدى البلشي، استياؤه من "المواقف المتناقضة التي اعتاد نادي القضاة إظهارها خلال الآونة الأخيرة"، مشيراً إلى أن "جميع المطالب التي أعلنتها الجمعية العمومية في اجتماع الخميس هي ذاتها التي تضمنها مشروع قانون السلطة القضائية الذي تقدم به المستشار أحمد مكي- وزير العدل، وقوبل بالرفض القاطع من قبل أعضاء مجلس إدارة النادي".
وفيما يتعلق بانتقاد الجمعية العمومية للقضاة للمادة 227 المتعلقة بتحديد مدة شغل المناصب بما فيها منصب النائب العام، قال البلشي "إنه مع تحديد فترة ولاية المناصب عامة وتحديد مدة بقاء النائب العام في منصبه على وجه التحديد، لأن البقاء في المنصب مدة طويلة يُفسد صاحبه، وظهر ذلك واضحاً في تحديد مدة تولي رئيس الجمهورية لمنصبه بأربع سنوات، ولا يتم انتخابه لأكثر من ولايتين أسوة بالدول الديمقراطية المتقدمة".
من جانبه، عارض المستشار الشريف، تصريحات البلشي، وأوضح أن "مسودة الدستور أصبحت في متناول الجميع لطرحها للنقاش العام، وأن أي حديث عن عدم مناقشة باب السلطة القضائية كلام عاري من الصحة"، مشدداً على أن رفض الجمعية العمومية لقضاة مصر لباب السلطة القضائية في مسودة الدستور "مُلزم للجميع".
وقال الشريف، إن "رئيس التفتيش – يقصد البلشي- يتحدث عن وجهة نظر شخصية لأنه يُخالف نادي القضاة في بعض وجهات النظر".
وعن تصريحات رئيس القضاء الأعلى عن أن توصيات الجمعية ليس ملزمة له، قال الشريف "مش ممكن المستشار ممتاز متولي يكون قال كده.. لأنه بحكم القانون والواقع رئيس الجمعية العمومية للقضاة ويترأس اجتماعاتها"، مضيفاً أن "انصراف المستشار ممتاز متولي يوم انعقاد الجمعية العمومية قبل صدور التوصيات، يعني تفويضه للجمعية العمومية باتخاذ القرار المناسب"، وشدد على أن "رئيس المجلس الأعلى للقضاء ملتزم أمام قضاة مصر بتنفيذ توصيات جمعيتهم العمومية التي حضرها أكثر من سبعة ألاف قاضي".