يوميا، تخرج من إدارات الجمارك والأجهزة الأمنية، أرقاما مفزعة عن الكميات المضبوطة من أقراص «الترامادول» المخدرة، التى تقدر بالملايين، مقابل عشرات الملايين الأخرى تمر، خاصة فى ميناء العين السخنة بالسويس، الذى تشير تقارير أمنية إلى أن 90% من العقارات المخدرة والمنشطة تعبر عن طريقه. ويكشف الانخفاض المستمر والملحوظ فى أسعار «الترامادول» داخل مصر، عن زيادة كبيرة فى حجم المعروض منه، خاصة مع دخول الصين فى المنافسة مع الهند، بعدما ظلت تحتكر سوق العقار لفترة طويلة، ووفقا لمصادر أمنية بميناء العين السخنة، رفضت الكشف عن اسمها، بدأ المهربون مؤخرا فى الاتجاه إلى الترامادول الصينى المقلد، المعروف ب«الترامادول الأبيض»، رغم صدور تحذيرات طبية من خطورته.
وتشير المصادر الأمنية إلى أن الترامادول الصينى ستظهر خطورته على المتعاطين قريبا، لأن بعض الشركات الصينية تستخدم تركيبات طبية جديدة لتتمكن من منافسة الهند، وهى تتسبب فى تدمير خلايا المخ أسرع من «الهندى» بأربع مرات.
وتوضح المصادر أن هناك خلطا بين العقارين «الهندى» و«الصينى»، ففى السابق كان المهربون يعتمدون المنتج الهندى وحده، قبل أن يدخل الصينيون فى المنافسة، فلم يكتفوا بتصدير المنشطات الجنسية، لكنهم دخلوا فى منافسة لتصدير الترامادول، والذى يمنح المتعاطى تأثيرا أسرع من نظيره الهندى، كما تظهر على المتعاطى علامات الهلوسة أسرع، نتيجة إضافة مواد فعالة جديدة، حتى يتم خفض سعره.
«الشروق» تمكنت من إقناع أحد سماسرة التهريب بميناء السخنة، بالحديث معها، موضحا «دورنا فى عملية الاستيراد بسيط للغاية، لا يتعدى إرسال إيميل إلى إحدى الشركات الصينية، لتتكفل هى بإرسال شحنة الترامادول إلينا، ولدى المصدرين الصينيين ميزة عن الهنود، حيث يسمحون بالسداد على دفعات، فيما تصر الشركات الهندية على استلام ثمن الشحنة كاملا قبل مغادرة موانيها».
ويؤكد السمسار وجود منافسة كبيرة بين الشركات الصينية والهندية المصدرة للترامادول، فى محاولة للسيطرة على السوق المصرى، لذلك تقوم الشركات الصينية حاليا برفع عائد السماسرة، الذين يقومون بتسهيل الاتفاق مع الشركات المستوردة، كما تدعو عددا من السماسرة للسفر إلى الصين، والإقامة بها لفترة.
ويضيف السمسار «فى مقابل كل حاوية يتم ضبطها فى ميناء السخنة، تمر من 5 إلى 6 حاويات، وهو ما نعلمه نحن والأجهزة الأمنية والجمارك، فالأخيرة لا تتمكن من ضبط حاويات التهريب إلا بإخبارية، وهو ما يحدث عندما يتم تسريب معلومات قبل قدوم حاوية متفق على التضحية بها، وفى نفس الوقت يتم إدخال حاويات أخرى، والغريب أن الصينيين يعلمون ذلك جيدا، وهو ما يجعلهم يدفعون بكميات مجانية إضافية، فوق كل شحنة.
وحول تهريب المنشطات والعقاقير الجنسية، يوضح السمسار، أن الصين بلا منافس فى هذا النشاط، لأنها تقوم بتصدير المنشطات بأقل من أسعارها الحقيقية ب5 أو 8 مرات، وهو ما يعطى المستوردين فرصة أكبر للربح.
من جانب آخر، قالت مصادر بإدارة مباحث الموانئ فى السويس، إن رحلة عقار «الترامادول» إلى مصر تبدأ باتفاق المنتجين فى الصين على إرسال الشحنة إلى المهربين المصريين بمنطقة «جبل على» الاستثمارية فى الإمارات، وهناك يتم تغليف وتعليب المنتج، لأنه ليس ممنوعا من التداول فى الإمارات وعدد كبير من دول الشرق الأوسط، ثم يقوم المستورد فى المرحلة الثانية بشحن عبوات العقار المخدر داخل الحاويات، إلى ميناء العين السخنة.
أما مدير شركة «R.Z.T» للاستيراد، رمزى سمير زيدان، فيؤكد ل«الشروق»، أن السبب الرئيسى لانحراف بعض الشركات المتخصصة فى استيراد البضائع الصينية والهندية، إلى التورط فى جلب العقار المخدر، هو ما تجنيه من أرباح خرافية منه، فالحاوية الواحدة من مخدر «الترامادول» الصينى، تحقق أرباحا تصل إلى 20 مليون جنيه، لأن الحاوية الواحدة التى تتسع ل20 مليون قرص، ثمنها 25 ألف دولار فقط، وعند وصولها إلى مصر، يتم بيع القرص الواحد ب5 جنيهات، أما إذا كان الاستيراد من الهند، فالربح ينخفض إلى النصف، وهو ما يدفع المهربين للاستيراد من الصين.