سعر الذهب اليوم الجمعة 4-10-2024 في مصر.. كم سجل عيار 21 للبيع والشراء؟    سعر السمك والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024    غارات إسرائيلية على بلدتي علي النهري وصبوبا في البقاع شرقي لبنان    باحث سياسي: إسرائيل تستخدم قنابل تخترق التحصينات وتصل إلى الملاجئ    215 شخصًا حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا    جيش الاحتلال يطالب سكان أكثر من 20 بلدة جنوب لبنان بالإخلاء    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 4- 10- 2024 والقنوات الناقلة    الصحة العالمية توافق على الاستخدام الطارئ لأول اختبار تشخيصي لجدري القردة    «الصحة» تنظم ورشة عمل حول دور الإعلام في تحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة    «بول القطط» وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به.. «الإفتاء» توضح    مي فاروق تستعد لحفلها في مهرجان الموسيقى العربية: ألقاكم بكل الحب    قبل الموعد المعلن.. عودة مياه الشرب ل9 مناطق بالقاهرة    «المصري توك».. كيف تفاعلت جماهير الأهلي مع ظهور محمد رمضان الأول؟    خريفي نهارا بارد ليلا.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة والأوقات المستحبة للدعاء المستجاب    سعر صرف العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه اليوم    ايه سماحة تكشف مفاجأة بخصوص نهاية مسلسل «عمر أفندي»    آيه سماحة تكشف قصة تعارفها على زوجها محمد السباعي    مهرجان الموسيقة العربية.. تفاصيل وموعد وأسعار تذاكر حفل تامر عاشور    أفيخاي أدرعي ينذر سكان الضاحية الجنوبية    سول: كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة باتجاه الجنوب    أول صورة للممرض الذي عثر الأمن على أشلاء جثته بالقاهرة    ضبط سائقين لسرقتهم شركة بالمعادي    «رفضت فلوس الزمالك».. القندوسي يكشف كواليس انتقاله إلى الأهلي    رقص «حسين لبيب وشيكابالا».. احتفالات خاصة ل لاعبي الزمالك بعد الفوز على الأهلي (فيديو وصور)    "وما النصر إِلا من عِندِ الله".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    كوستا: جوميز مُعجب بأدائي..ولا أحد يستطيع رفض الانضمام للزمالك    87.2%.. إجمالي تعاملات المصريين بالبورصة في نهاية تداولات الأسبوع    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    «أنا قدامك خد اللي إنت عايزه».. حكاية صعيدي أراد التبرع ب«كليته» ل أحمد زكي (فيديو)    هالة صدقي تصور مسلسل إش إش مع مي عمر في رمضان 2025    مدير الأكاديمية العسكرية: بناء القوة والحفاظ على الهيبة يحتم بيئة تعليمية حديثة    ليتوانيا تصدق على اتفاق لنشر 5 آلاف جندي ألماني    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    ملف يلا كورة.. برونزية مونديالية للأهلي.. وانتهاء أزمة ملعب قمة السيدات    قيادي بحركة فتح: نتنياهو يُحضر لحرب دينية كبرى في المنطقة    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    برج الأسد حظك اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024: تلتقى بشخص مٌميز ومكالمة مٌهمة    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    رئيس هيئة المعارض يفتتح «كايرو فاشون آند تكس» بمشاركة 550 شركة مصرية وأجنبية    مدير الكلية العسكرية التكنولوجية: الخريجون على دراية كاملة بأحدث الوسائل التكنولوجية    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    موعد مباراة مانشستر يونايتد القادمة عقب التعادل أمام بورتو والقنوات الناقلة    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: الخريجون ذو فكر متطور وقادرون على الدفاع عن الأمن القومي    صندوق النقد الدولي يكشف موعد المراجعة الرابعة لقرض مصر    قرار عاجل من "التنمية المحلية" بشأن عمال التراحيل    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    صحة دمياط: إجراء 284 عملية جراحية متنوعة منذ انطلاق المبادرة الرئاسية بداية    صحة دمياط: الكشف على 943 مواطنًا ضمن مبادرة «حياة كريمة»    تعزز الصحة الجنسية .. لن تتوقعها فوائد مذهلة للرجال بعد تناول البرتقال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى سوريا مطلوب صفقة مع الشيطان
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2012

بعد عام تقريبا على اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، تبدو سوريا على وشك كارثة هائلة ذات أبعاد معنوية وإستراتيجية. وتلوح فى الأفق حرب أهلية شاملة. كما تتزايد احتمالات ان تشتعل الأحداث فى الشام حربا تقليدية، وربما غير تقليدية، متعددة الجبهات. غير أن كثيرين فى الغرب، وبعض الحكومات العربية، وحتى فى المعارضة السورية مازالوا يعتقدون بإمكان حدوث «انهيار محكوم» لحكم بشار الأسد. ووفقا لهذا الرأى، يمكن للضغط من جميع الاتجاهات تحطيم الحكومة ومؤيديها فى الداخل والخارج، وسوف يكون أى موت أو دمار ناجم، وأى رد فعل إقليمى سلبى، ضمن حدود مقبولة. ولكن لسوء الحظ، هناك ثلاث مشكلات على الأقل تجعل من حدوث انهيار محكوم أمرا مستبعدا:

أولا: ربما يكون نظام الأسد، وهو ما يزال يتمتع بتأييد كبير من الجيش والنخبة، وشرائح أخرى من السكان، قادرا على إطالة أجل نهايته الدموية بمساعدة من أطراف خارجية. فقد انضمت روسيا التى تعتبر سوريا رصيدا استراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه إلى الصين فى تصويت على قرار الأمم المتحدة ضد حكومة الأسد.

كما تعتمد مصالح إيران الحيوية على نظام الأسد، الذى يعتبر قناة مهمة لنقل دعم طهران إلى جماعة حزب الله المسلمة الشيعية فى معركتهما المشتركة ضد إسرائيل.

وثانيا: من الأرجح أن يتخطى العنف الطائفى الناجم عن إطالة أمد الانهيار الحدود الأخلاقية أو الاستراتيجية المقبولة للغرب وحلفائه ناهيك عن الشعب السورى. وسوف تتسارع الصراعات الطائفية التى تفرق بين العلويين وغيرهم من الأقليات وبين غالبية السكان السنة، مما يضاعف التوتر فى لبنان المجاور، حيث ينظم المقاتلون السنة صفوفهم ويشنون هجمات داخل سوريا الآن، وكذلك فى العراق حيث تزايد بشدة تهديد العنف الطائفى فى الأسابيع الأخيرة.

ثالثا: سوف يضيف نزوح المهاجرين الناجم عن ذلك عنصرا آخر من عناصر زعزعة الاستقرار إلى الأزمة الإنسانية. فسوريا تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين العراقيين والفلسطينيين، المتوقع أن يشهدوا المزيد من المعاناة والخسائر.

وبعيدا عن الانهيار المحكوم، هناك سيناريو أكثر احتمالا وهو محاولة يقوم بها الأسد وإيران وحزب الله فى اللحظة الأخيرة لإنقاذ النظام السورى، ولديهم الوسائل للقيام بذلك.

والأرجح أن قوى «محور المقاومة» هذه سوف توجه قوتها العسكرية الهائلة التى تشمل الأسلحة الكيميائية فى حالة سورية ضد أعدائها فى معركة من أجل وجودها الجماعى. والأمر الأكثر ملاءمة لهذه الدول الثلاث، أن هناك طرقا متعددة يمكن عن طريقها استدراج إسرائيل إلى صراع كبير من دون أن يبدو الأسد أو حزب الله مسئولين فى نظر مؤيديهما. ولعل هجوما صاروخيا وحيدا من جنوب لبنان يقتل عددا كبيرا من المدنيين الإسرائيليين، يعتبر احتمالا قويا.

وعلى الولايات المتحدة وحلفائها الاستعداد لترتيب ضربة وقائية عسكرية واسعة النطاق، وتنفيذها بسرعة، من أجل مواجهة هذ الموقف الخطير بشكل مسئول. وحتى وفق سيناريو أفضل الأحوال، سوف يعنى ذلك سيطرة القوات البرية على أجزاء كبيرة من الأراضى اللبنانية والسورية. إلا أنه يبدو أن الإقدام على تخطيط عمل وقائى وتنفيذه أمرا مستبعدا للغاية، نظرا للقيود السياسية والمالية التى تواجهها البلدان الغربية حاليا، ناهيك عن عواقب اندلاع حرب كبرى فى الشرق الأوسط على المصالح الغربية.

ومن ثم، لا يكفى إلقاء اللوم على الفيتو الروسى والصينى فى مجلس الأمن أو حتى على نظام الأسد القاتل بسبب الخطر الذى يجتاح المنطقة فى الوقت الراهن حتى لو كانوا يستحقون الكثير من اللوم. بدلا من ذلك، ينبغى على واشنطن تبنى استراتيجية واقعية، وإن كانت بغيضة، تسعى لنزع فتيل الصراع بدلا من أن ينفجر فى وجه الجميع. وهذا يعنى التعامل مع الأسد.

لا شك أن الأسد رئيس قمعى، ووحشى وخطير، وهو المسئول عن معظم حالات الموت والدمار التى شهدتها سوريا فى الأشهر الأخيرة، لكن النتائج المترتبة على دفع ايران وسوريا وحزب الله لتجاوز خطوطهم الحمراء، من المرجح أن تكون أسوأ بكثير. ومن ثم، يتعين على الولايات المتحدة الاستغناء عن القاعدة غير الملائمة التى تحظر أخلاقيا التفاوض عندما يعتبر الرئيس متجاوزا للحدود خاصة عندما يمكن للتفاوض أن يخفف فعليا تداعيات فى المستقبل، مع تأمين المصالح والقيم فى نهاية الأمر.

●●●

ويعتبر السبب الرئيسى لعقد اتفاق مع الرئيس الأسد فى الوقت الراهن حتى وإن كان اتفاقا فيه من الترغيب ما هو أكثر من الترهيب أن عملية يقودها الغرب تقوض بشكل مطرد قدرة الرئيس السورى على استخدام العنف ورغبته فى ذلك، من شأنها تحقيق الاستقرار فى وضع إقليمى يتدهور بسرعة، وتحقيق انفتاح فى نظام سوريا السياسى والحد من القمع بمرور الوقت.

ولحسن الحظ، فإن أمريكا وحلفاءها أقوى بكثير من سوريا، وهو ما يعنى أنهم يمتلكون الأدوات والمرونة لاعتبار أن مثل هذه الاستراتيجية من التنازلات الوقائية تؤدى الى خاتمة ناجحة.

فعلى التحالف واسع النطاق الذى يواجه الأسد حاليا أن يعد أولا صفقة كبرى تتخلى عن المطالبة باستقالته فورا. وفى المقابل، ينبغى أن يتشكل فورا فريق قوى ذو كفاءة من المراقبين العرب والدوليين، ينتشر فى أنحاء البلاد من أجل التحقق من سحب أسلحة الجيش الثقيلة وإطلاق سراح السجناء السياسيين. ويكون لهذا الفريق تواجد دائم، ويمكن للمواطنين الوصول إليهم منهم لتسجيل الشكاوى حول العنف الذى يقترفه أى طرف. وينبغى، بعد ذلك، عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خارج سوريا، برعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. وهذا من شأنه تمهيد الطريق لكتابة دستور جديد وإنشاء التعددية الحزبية، ومراقبة إجراء الانتخابات البرلمانية فى وقت لاحق من هذا العام كما اقترح الأسد نفسه مؤخرا والانتخابات الرئاسية فى عام 2013. وينبغى أن يبدأ مؤتمر المصالحة أيضا تحقيقا فى أعمال العنف التى شهدها العام الماضى.

وهناك ثلاثة حوافز يمكن أن تجعل من الصعب على الأسد أن يرفض الاتفاق:

أولا: على أمريكا وحلفائها مطالبة الجيش السورى الحر وغيره من المتمردين بوقف عملياتهم. وربما يستلزم ذلك العمل مع بلدان مجاورة مثل تركيا والأردن، لإنشاء مناطق آمنة خالية من السلاح خاضعة للمراقبة، لإقامة المقاتلين وعائلاتهم وغيرهم ممن يخشون الانتقام.

ثانيا: تخفف الولايات المتحدة وأوروبا العقوبات وفقا لالتزام الحكومة بالاتفاق، ويقام مؤتمر دولى للمانحين من أجل دعم الاحتياجات المادية للشعب السورى.

أخيرا، حتى لا يعتبر الاتفاق مؤامرة غربية، يجب أن يتضمن محاولة جادة تقودها الولايات المتحدة للتوسط من أجل إعادة مرتفعات الجولان التى تسيطر عليها اسرائيل منذ عام 1967 إلى سوريا.

●●●

على الرغم من أنه لا يبدو أن هناك إرادة سياسية فى اسرائيل لمثل هذا النهج حاليا حيث لا ترى الحكومة ضرورة لتقديم تنازلات لحكومة الأسد الضعيفة المتداعية فإن بذل جهد سياسى أمريكى فى عملية سلام واعدة أمرا منطقيا. وعلى خلاف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة الآن، يمكن فى الواقع أن تنجح المحادثات مع سوريا (وكانت قد انهارت بسبب بضع مئات الأمتار من الأراضى فى 2000). ويمكن للتوصل إلى اتفاق بين سوريا وإسرائيل عزل محور إيران حزب الله المتعنت، فى لحظة حاسمة من المواجهة بشأن برنامج طهران النووى.

وربما يكون هذا المكسب، مع احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، مغريا لأعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، الذين ظلوا طويلا يعتبرون عقد اتفاق مع سوريا أمرا ممكنا سياسيا، وضروريا من الناحية الاستراتيجية.

من جانبها، ربما تجد الحكومة المهتزة بشدة فى دمشق أن هذه لحظة مواتية لقبول صفقة كوسيلة للنجاة من الهاوية، حتى لو كان من الأرجح أن يعنى ذلك خروج الأسد مستقبلا فى نهاية الأمر. وإذا رفض الأسد هذا الاتفاق، فربما يوفر هذا التصرف غير المنطقى، أفضل أمل فعليا حتى الآن من أجل تمزيق حكومته، والتحكم فى الانهيار الناجم عن ذلك.

ومن المسلم به، أن احتمالات تدبير مثل هذه الصفقة بنجاح الآن أقل كثيرا مما كانت عليه أوائل العام الماضى. ولكن إدراك أن العناصر المتشددة فى دمشق وبيروت وطهران يمكن أن تتسبب فى دمار إقليمى هائل، يثير جدلا طال انتظاره حول طرح صفقة ذات مصداقية وشاملة. ويمكن للمفاوضات الآن، بدلا من الحرب فى وقت لاحق، أن تؤدى إلى نتيجة أفضل بكثير بالنسبة لجميع الأطراف حتى لو كان ذلك يعنى إرجاء تلبية تطلعات السوريين من أجل الحرية إلى وقت متأخر كثيرا عما يود الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.