انتقلت أحداث العباسية الدموية إلى مجلس الشعب، أمس، وانفجرت قاعة المجلس بالصراع المكتوم بين جميع أطراف اللعبة السياسية ليخرج إلى العلن، وتحولت الجلسة التى كانت مخصصة لمناقشة بيانات عاجلة عن أحداث العباسية إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الكتل البرلمانية. وفيما أصر نواب الحرية والعدالة على تحميل المجلس العسكرى مسئولية أحداث العباسية، وقال إنه ليس شرفا عسكريا اقتحام مسجد النور بالأحذية، ورفض نواب الوفد وأحزاب أخرى توجه الأغلبية البرلمانية، ووقعت اشتباكات لفظية بين الفريقين، بعد أن قال القيادى بحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجى، إن هناك متظاهرين غاضبين بسبب استثناء أحد مرشحى الرئاسة ممن يوصفون ب«الفلول» من قانون العزل السياسى، وهنا اعترض نواب الوفد، وتدخل البلتاجى بعنف وحدة موجها حديثه للغاضبين: «من يريد أن ينظم مظاهرة تأييد لأحمد شفيق فليفعل ذلك خارج مجلس الشعب».
وواصل نواب الوفد انفعالهم ورفضهم لكلام البلتاجى، وحينما حصل عضو الهيئة الوفدية، طارق سباق، على الكلمة وجه التحية للقوات المسلحة والمجلس العسكرى على ما سماه ب«دوره فى حماية الوطن».
وانفجر اشتباك آخر بين نواب الوفد ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الكرامة، سعد عبود، كاد يتطور لاشتباك بالأيدى، وتدخل عدد من النواب من بينهم محمد عبدالعليم داوود وكيل المجلس للصلح بين سباق وعبود، ودخلا القاعة متعانقين وصفق لهم النواب.
واستمرارا لمسلسل التصفية السياسية تحت القبة، طالب النائب الوفدى احمد عطا بإحالة النائب أبوالعز الحريرى إلى التحقيق بعد وصفه لأداء مجلس الشعب ورئيسه ب«رقص الاستربتيز»، وهو الاقتراح الذى صفق له نواب النور وعدد كبير من نواب الحرية والعدالة، ورفضه نائب حزب الوسط، عصام سلطان، وقال: يجب أن نرسل رسالة مفادها أن المجلس يتحمل أى انتقاد.
وتدخل زعيم الأغلبية، حسين ابراهيم، رافضا إحالة الحريرى إلى التحقيق وقال: «فلنتركه للرأى العام ليحكم عليه، فحكم الرأى العام اقسى بكثير من أحكام البرلمان». من جهة أخرى، حمل النائب ممدوح إسماعيل الذى قام بدور الوساطة بين جهة أمنية لم يسمها وبين المعتصمين بميدان العباسية، المجلس العسكرى مسئولية الأحداث والوقوف وراء تدبيرها، موضحا أن أحد القيادات العسكرية اتصل به ليتدخل لإطلاق سراح بعض أفراد المخابرات قام المعتصمون باحتجازهم. وأشار إسماعيل إلى أنه كان هناك لقاء سيتم بين قيادات عسكرية وممثلين للمعتصمين الأربعاء الماضى، إلا أنه تم استباق اللقاء بقتل المتظاهرين لإشعال الغضب واستفزازهم ليقوموا بالهجوم على الوزارة، ووقتها يتدخل المجلس العسكرى ويكون معه حق فى كل ما يقوم به.
وقال النائب عن منطقة العباسية، ياسر عبدالله، إن ما حدث يقف وراء تدبيره جهات سيادية، موضحا أنه يعلم أسماء الضباط الذين قاموا بجمع البلطجية، والمبالغ التى حصل عليها كل منهم.
وقال نائب الحرية والعدالة، أسامة ياسين: إننا مع التظاهر السلمى الذى لا يغلق جامعة، أو يتعدى على مؤسسات أو الهيئات المدنية، واستخدام السلاح لن يحمى أى ثورة، مستنكرا استخدام العنف مع المتظاهرين، وسماح الشرطة المصرية للبلطجية بالاعتداء على المستشفيات ودور العبادة.
كما انتقد ياسين، عدم توفير المجلس العسكرى للأمن والأمان والسماح بالتعدى على الإعلاميين، مطالبا بتسليم المجلس العسكرى للسلطة فى الموعد المحدد.
فيما انتقد النائب، محمد العمدة، إغفال النواب الأعداد المهولة، التى حاولت التعدى على الأسلاك الشائكة، مطالبا بضرورة تحرى الموضوعية عند مناقشة أحداث العباسية.
وانتقد العمدة أنصار المرشح الرئاسى المستبعد حازم صلاح ابوإسماعيل وحصارهم للجنة العليا للانتخابات واعتصامهم فى التحرير الذى انتقل إلى العباسية، وقال: «البلد هتضيع منا بسبب مصالحنا الخاصة ويجب ألا ننسى ان وزارة الدفاع هى التى حمتنا منذ 1948 حتى الآن»، وصفق النواب له بحرارة.
من ناحية أخرى، وافق المجلس نهائيا على تعديل القانون القضاء العسكرى والذى بمقتضاه يتم منع إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية.