رئيس هيئة النيابة الإدارية يزور وزير الشؤون النيابية لتهنئته بتولي المنصب    صابر سعد يكتب: «كنز» في وزارة الطيران    تفاصيل جلسة رئيس الإسماعيلي وسفير قطر    محافظ المنيا لأعضاء البرلمان: لا بد من تلبية احتياجات أهالينا    البنك الفيدرالى الأميركى: تثبيت أسعار الفائدة عند 5.5%    إيران تستعد لتوجيه ضربة مباشرة لإسرائيل ردا على اغتيال إسماعيل هنية    وكيل وزارة الشباب بالدقهلية تتفقد مركز شباب بساط كريم الدين    الصفقة السادسة من الأهلي.. الزمالك يقدم شروق فؤاد (صور)    عاجل- الساعات الأخيرة قبل الإعلان.. كل ما تريد معرفته عن نتيجة الثانوية العامة    تعرف على طريقة الحصول على تذاكر المترو من الماكينات الآلية بالمحطات    ننشر الحركة الداخلية لضباط أمن الفيوم    "دعوى خلع وتهديد بالقتل".. مفاجآت جديدة فى مذبحة القليوبية    شاهد.. "روح" أغنية جديدة للنجم مصطفى حجاج    رئيس الوزراء لمراسل CBC: نستهدف إحداث نقلة كبيرة في السياحة.. ونخطط لتوفير عدد كبير من الغرف الفندقية بالعلمين    تفاصيل إطلاق القسام نيرانها من على الخيول ردا على اغتيال إسماعيل هنية.. فيديو    تقديم الخدمات الطبية ل 906 حالات بقافلة جامعة كفر الشيخ ضمن حياة كريمة    يورجن كلوب يعلن اعتزاله رسميًا: اليوم انتهت مسيرتى فى عالم التدريب    رئيس اتحاد السلاح ل"اليوم السابع": أكتفى بهذه الفترة ولن أترشح فى الانتخابات القادمة    رسميًا.. يورجن كلوب يعلن اعتزاله التدريب    كفيف ويتحدى السرطان وبترت ساقه قبل إعلان النتيجة، إبراهيم يحقق المركز الرابع بالثانوية الأزهرية (فيديو وصور)    البابا تواضروس يلقي العظة الأسبوعية من الإسكندرية    صاروخ استهدفه في السرير.. كيف حددت إسرائيل موقع إسماعيل هنية في إيران؟ (فيديو)    باكستان: مصرع وإصابة 34 شخصا جراء الأمطار الغزيرة    بالأسماء، حركة تنقلات الداخلية لضباط مديرية أمن القليوبية    محافظ شمال سيناء يشيد بجهود الأجهزة الأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار    سكك حديد مصر تواصل ندوات التوعية ضد مخاطر رشق القطارات بالحجارة    الرئيس التنفيذي ل أكت فاينانشال: 35% من إجمالي المكتتبين على أسهم الشركة من المؤسسات    خالد عجاج يقتحم استوديو محمد رمضان.. والأخير يرد (فيديو)    ميدو ل«المصري اليوم»: محمد صلاح سبب تأخر تولي حسام حسن تدريب المنتخب    بدء حملة 100 يوم صحة للكشف والعلاج مجانا بكل المحافظات    طريقة عمل الكرواسون، مخبوزات لذيذة ومميزة على الإفطار    رئيس الوزراء ووزير الصحة يتفقدان مهرجان العلمين    هند سعيد صالح تحيي ذكرى ميلاد والدها وتكشف سر غيابه عن البطولة المطلقة| حوار    وصول أول دفعة من مقاتلات «إف-16» إلى أوكرانيا    لإيجاد حلول تمنع تذبذب التيار.. جمعية مستثمري بدر تطالب «الكهرباء» بالتدخل    وزير الإسكان يبحث فرص التعاون المشترك مع سفيرة الإمارات    بلباو يطمئن جماهيره.. نيكو ويليامز يظهر في حملة تذاكر الموسم الجديد    جامعة كفر الشيخ تشارك فعاليات اليوم الثاني لمهرجان العلمين الجديدة 2024 تحت شعار «العالم علمين»    رد خالد الجندي على مقولة "المولود يأتي برزقه"    موعد تلقي طلبات ذوي الاحتياجات الخاصة للالتحاق بجامعة جنوب الوادي    غلق وتشميع 9 محال تجارية غير مرخصة فى أسيوط    رابطة الأندية تفرض عقوبات على سيراميكا كليوباترا بسبب مباراة الأهلي    نجاح فترة التشغيل الرسمية لأول قمر صناعي مصري تجريبي لمراقبة الأرض    الزمالك يكشف تطورات جديدة في قضية باتشيكو    مرور الصدفة الخاطئ.. قرار المحكمة ضد المتهمين بقتل شاب رميًا بالرصاص بالمرج    جامعة بنها تعلن أسماء الفائزين بجوائزها التقديرية والتشجيعية    باكستان تدين اغتيال إسماعيل هنية    متابعة المركز التكنولوجي وتنفيذ حملات النظافة والتجميل بالرحمانية    صحة غزة: 45 شهيدا و77 مصابا جراء المجازر الإسرائيلية بالقطاع خلال آخر 24 ساعة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين غدًا    لمواليد برج السرطان.. توقعات شهر أغسطس 2024 على كافة الأصعدة (تفاصيل)    الكشف الطبى على 280 مريضا ضمن غير القادرين بالمنوفية    فيلم ولاد رزق 3 يتخطى 240 مليون جنيه في 7 أسابيع    قبل مؤتمر إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2024.. ردد دعاء التوفيق الآن «اللهم هيئ لي من أمري رشدًا»    أمطار وشبورة ومنخفض جوي.. الأرصاد تُعلن طقس الأيام المقبلة وتحذر المواطنين    اختتام فعاليات ورشة عمل «المسابقات المعمارية وعلاقتها بالتنمية» في المهندسين    كيفية أداء صلاة الحاجة وعدد ركعاتها.. دار الإفتاء توضح    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024.... وأهم مظاهر الإحتفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباق السعادة العالمى
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 04 - 2012

علينا أن ندع أمر «السعادة» للروائيين والفلاسفة وأن ننقذها من أيدى خبراء الاقتصاد وعلماء النفس، الذين يعتقدون أنه يمكن وضع رحيقها فى «علم» وترجمته إلى سياسات مواتية لجلب السعادة. وربما كان باستطاعة الحكومة فى كثير من الأحيان التخفيف من مصادر التعاسة (المجاعة والبطالة والمرض)، لكن السعادة أكثر من مجرد غياب البؤس. إذا كنا نستطيع صنع السعادة، لكان بمقدورنا أن نلغى «الحالة البشرية». وقد غاب ذلك، على نحو ما، عن علماء الاجتماع الذين يريدون جعل السعادة هدف الحكومة. وهم يرون أن الناتج الاقتصادى (الناتج المحلى الإجمالى) ليس مقياسا لكل الأشياء فى الحياة العائلة والأصدقاء أو الدين، على سبيل المثال. وهذا صحيح، لكنه لا يعنى أن «السعادة» يمكن اعتبارها بديلا عن ذلك.

●●●

ويعد «تقرير السعادة العالمى» أحدث ما طرحه هؤلاء العلماء، وهو يصنف الدول على أساس «الرفاه الشخصى» (التسمية الفنية للسعادة)، كما سجلتها استطلاعات الرأى العام.

وعلى أكثر القوائم شمولا، تأتى الولايات المتحدة فى المركز الحادى عشر من بين 156 دولة. وفيما يلى البلدان التى تحتل المراكز العشرة الأولى، وعدد سكانها: الدنمارك (5.6 مليون نسمة، فنلندا (5.4 مليون نسمة)، والنرويج (خمسة ملايين نسمة)، وهولندا (16.7 مليو)؛ وكندا (34.8 مليون)، وسويسرا (7.9 مليون)، والسويد (9.5 مليون)، ونيوزيلندا (4.4 مليون)، وأستراليا (22.9 مليون)، وأيرلندا (4.6 مليون).

وتشترك جميع هذه البلدان فى سمة واحدة: انخفاض عدد السكان، وصغر المساحة فيما عدا كندا وأستراليا. وتتمتع البلدان الصغيرة بميزة فى سباق السعادة. فهى أقرب إلى التجانس السكانى، مع انخفاض احتمالات الصراع العرقى والدينى والجغرافى. وهو ما يقلل حجم واحد من أكبر مصادر التعاسة. ومن بين البلدان الكبرى تأتى الولايات المتحدة فى المركز الأول.

والمفارقة أن أوروبا، حيث توجد أقوى الحركات المطالبة بالسعادة، تسجل انخفاضا فى مستوى السعادة بوجه عام. وعلى نفس القياس، تعتبر المملكة المتحدة (18 مليون نسمة) الدولة الأوروبية الكبيرة الرائدة، يليها إسبانيا (22 مليونا)، فرنسا (23 مليونا)، وإيطاليا (28 مليونا) وألمانيا (30 مليونا).

وربما يعكس المركز المرتفع للولايات المتحدة طابعا وطنيا. ويقول مثل روسى ذكره «بيتر ستيرنز» أستاذ التاريخ فى جامعة جورج ميسون فى مجلة هارفارد بيزنس ريفيو «الشخص الذى يبتسم كثيرا إما أحمق أو أمريكى». ويلاحظ ستيرنز أن فكرة السعادة لم تصبح مقبولة اجتماعيا إلا فى عصر التنوير، منتصف القرن الثامن عشر. فقبل ذلك، كانت العقيدة الدينية تشجع على الاستقامة المتزمتة. وقد تشكلت الثقافات الأوروبية قبل التغيير، بعكس الثقافة الأمريكية.

●●●

وتعتبر العلاقة بين النمو الاقتصادى والسعادة مثارا للجدل. ففى عام 1974، نشر الخبير الاقتصادى ريتشارد إيسترلين من جامعة جنوب كاليفورنيا دراسة تقول: (أ) تشير التقارير إلى أن الطبقة المتوسطة والغنية أكثر سعادة من الفقراء داخل كل بلد، ولكن (ب) كلما ازدادت الدول ثراء لا تظهر التقارير زيادة فى السعادة. وأطلق على هذه الفكرة «مفارقة إيسترلين». وتشير إحدى النظريات إلى أن الناس يعتادون على الدخول الأعلى، ويقارنون أنفسهم بمن حولهم. فإذا ازداد الجميع ثراء، يظل الناس أقل سعادة عند أسفل السلم.

●●●

فإذا كان النمو الاقتصادى لا يجعل الناس أكثر سعادة، فما هو المغزى؟ كثيرا ما تكون حركة السعادة مناهضة للنمو. صحيح، أن البلدان الأشد فقرا فى حاجة إلى النمو لتخفيف البؤس؛ ولكن جيفرى ساكس الخبير الاقتصادى فى جامعة كولومبيا كتب فى تقرير السعادة: «إن أنماط حياة الأغنياء تعرض حياة الفقراء للخطر». وأضاف «يسبب تغير المناخ ضررا بالفعل للمناطق الأكثر فقرا». ويبدو هذا الكلام منطقيا، ولكنه ليس كذلك فى الحقيقة، حيث يشتمل على وجهين من أوجه القصور: أولا، ربما تكون مفارقة إيسترلين غير صحيحة. فقد وجدت دراسة حديثة أجراها خبيرا الاقتصاد «ولفرز جوستين» و«بيتسى ستيفنسون» من جامعة بنسلفانيا أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادى رفع معدلات السعادة فى معظم البلدان. وثانيا، حتى لو كانت مفارقة إيسترلين سليمة (يحدث أن يختلف خبراء الاقتصاد فيما بينهم)، فالنمو أمر ضرورى للحفاظ على السعادة القائمة.

ولننظر إلى الاتحاد الأوروبى، ارتفع معدل البطالة إلى 10.2 فى المائة مع تراجع النمو. ويقول تقرير السعادة: إن البطالة تخفض مستوى المعيشة من خلال انخفاض الدخل و«فقدان المكانة الاجتماعية، واحترام الذات، (و) الحياة الاجتماعية التى يخلقها مكان العمل».

●●●

وبينما تحاول جميع المجتمعات الغنية تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى والعدالة الاجتماعية والأمن والتقدم البيئى. فإن حركة السعادة لا تفرض سوى مزيد من التدخل. ويقول «مارك دو فو»، من معهد إترنا البلجيكى للأبحاث: «دورها يتلخص فى دفع الساسة المتحمسين إلى ضبط أوضاع الباقين ضمن فكرتهم عن السعادة». كما أن خلق هدف مستحيل تحقيق السعادة الشاملة يصم الحكومة بالفشل. فالسعادة تتوقف على أمور كثيرة لا يمكن التحكم فيها. وجميعنا نعرف أناسا يبدو أنهم يحيون حياة منعمة؛ زواج مستقر، أطفال أصحاء، عمل ناجح، غير أنهم متوترون، ساخطون ومكتئبون أحيانا. وفى نفس الوقت، هناك آخرون مبتلون بسوء الحظ المرض، واضطراب الأمور المالية، والإحباط العائلى، غير أنهم يتمتعون بالمثابرة ويحتفظون بتفاؤلهم. والتناقضات كثيرة. ويقول تقرير السعادة: إن الحرية، بمعنى القدرة على الاختيار، لازمة أيضا للحياة الكريمة. غير أن الحرية تتيح للناس القيام بأشياء مدمرة ذاتيا، مما يقلص السعادة.

●●●

وربما يكون «البحث عن السعادة» حقا، كما يقول إعلان الاستقلال. لكن تحقيق السعادة ليس استحقاقا. وتعتبر الحركة من أجل السعادة مثالية على أحسن الفروض، وهى سخيفة وقمعية وفقا لأسوأها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.