فى 13 يوليو 2010 ، استوقفنى تصريح للسيد "عبد الله الدردري" نائب رئيس الوزراء السورى للشؤون الاقتصادية قال فيه "إن فرنسا وانكلترا تحسداننا على وضعنا الاقتصادي ، وأن انتشار الهاتف المحمول بين السوريين دليل على ارتفاع المعيشة في البلد" ! ولأن كلنا فى الهم شرق ، ولأن تصريحات الفهلوة وتطويع الأرقام مسجلة فى التاريخ الانسانى كملكية فكرية للمسئولين المصريين وحدهم دون غيرهم من كافة مسئولى الكوكب ، فقد سارع الدكتور احمد نظيف رئيس وزراء مصر المحروسة ليضع الأمور فى نصابها الصحيح ، وليرد على نائب رئيس الوزراء السورى الذى حاول سحب البساط من تحت اقدام المصريين ، قادحاً ذهنه ، مستجلياً قريحته ، ليبتدع مؤشراً جديداً غير مسبوق لقياس مستوى معيشة المواطن المصرى يرتكز على نسبة "تراخيص السيارات الخاصة" بحيث يتناسب الارتفاع فى مستوى المعيشة تناسباً طردياً مع تلك النسبة حسب نظرية المؤشر الجديد الذى اتوقع أن يتم تدريسه فى معاهد ومدارس الاقتصاد العالمية ، لذلك ادعو معالى رئيس الوزراء أن يبادر بسرعة تسجيله باسمه فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للأمم المتحدة خوفا من عمليات السرقة الفكرية ! خاصة وأن مؤشرات ارتفاع أو انخفاض مستوى المعيشة "الدقة القديمة" كانت تختلف كثيرا قبل ذلك الكشف الكبير! فعلى حد معرفتى المتواضعة ، فان مستوى المعيشة "كان" قبل مؤشر نظيف ، وكما يقول الخبراء ، يقدر بقيمة البضائع والخدمات التي أنتجها أو استهلكها الفرد أو الأسرة أو الدولة خلال مدة زمنية محددة ، وأنه يتحدد أيضا على اساس الأهداف التي يسعى الناس لتحقيقها من متطلبات الحياة ، فإذا اجتمع من حاجاتهم ما يكفل رفاهيتهم وسعادتهم فقد تحقق لهم مستوى المعيشة المطلوب ، بل ان بعض علماء الاقتصاد يقيس مستوى المعيشة بقسمة رقم يطلق عليه "مجموع إنفاق القطاع الخاص" على عدد السكان ، حيث يمثل إنفاق القطاع الخاص على الاستهلاك قيمة مجموع ما صرفه أفراد المجتمع لشراء السلع والخدمات خلال فترة محددة وبالتالى يظهر متوسط دخل المواطن العادى . ولقد ذكرنى مؤشر الدكتور نظيف بتصريح "الباشمهندس الوطنى" احمد عز فى مؤتمر حزبه الأخير حين استدل هو الآخرعلى ارتفاع مستوى المعيشة بشراء مليون مصرى سيارات جديدة خلال الخمس سنوات الأخيرة ! أما الواقع الذى تحدثنا عنه وقتها بشىء من الاستفاضة فى مقال سابق بعنوان "من اجلك أنت يا جمال" ، فبعضه يشير ، حسب تقارير رسمية منها التقرير الرسمى للتنمية البشرية مصر 2010 الذي قام بتنفيذه معهد التخطيط القومي بمصر في إطار وثيقة المشروع ) مصر (006/ 01 / بشأن التعاون الفني مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ( UNDP ) ، أقول أن بعضه يشير الى الآتى: • ارتفاع نسبة الفقراء في مصر الى 21.6% والزيادة في العدد المطلق للفقراء ( منهم 2.5 مليون يعيشون في فقر مدقع حسب تقرير الأممالمتحدة للتنمية الإدارية ) • الانخفاض في قيمة مؤشر التعليم مقارنة بالسنوات السابقة • بلغت نسبة المتعطلين الذين حصلوا على مؤهل متوسط 62.4% من إجمالي المتعطلين 90% منهم يقل عمرهم عن 30 عامًا • يمكن تصنيف نحو 20% من السكان كفقراء وفقًا لكل أبعاد الفقر. • الفقر في مصر يتسم ببعد قوي يتعلق بانتقاله عبر الأجيال ، فالفقراء في جيل ما هم أبناء الفقراء في الجيل السابق ، بمعنى أن الفقراء يزدادون فقرا ! • تبين خريطة الفقر أن أكثر من مليون أسرة فقيرة تعيش في الألف قرية الأكثر فقرًا، ويبلغ إجمالي عدد سكانها 5 مليون نسمة يمثلون 46% من إجمالي سكان هذه القرى. • وفقًا لأحدث تقرير عن "خريطة الفقر" التي أصدرتها وزارة التنمية الاقتصادية فى المشروع القومي للاستهداف الجغرافي للفقر يونيو 2009 ، بلغ عدد القرى الأكثر فقراً 1141 قرية تنتشر عبر المحافظات ويبلغ عدد سكانها 11.8 مليون نسمة • 45% يعيشون تحت خط الفقر بأقل من دولار في اليوم ( تقرير لجنة الانتاج الزراعي يمجلس الشورى ) • حصلت مصر على المركز ال 57 من بين 60 دولة ( مؤشر بلومبيرج لتقرير البؤس العالمي ) • 48 مليون فقير ، 1109 منطقة عشوائية ( تقرير لصندوق النقد الدولي للتنمية الزراعية ) • 12مليون بدون مأوى منهم 1.5 مليون يعيشون في المقابر ( تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ). • 46% من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط ( تقرير لشعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة ). • سيارة اسعاف واحدة لكل 35 ألف مواطن بجميع المحافظات والمستهدف سيارة لكل 25 ألف مواطن ! ( الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة ، الأهرام 3/7/2008 ) • 9مليون شاب وفتاة تخطوا سن 35 عاماً دون زواج بمعدل عنوسة 17%. • ارتفع إجمالي الدين العام المحلي إلى 686.5 مليار جنيه كما ارتفع الدين الخارجي ليصل إلى 32.8 مليار دولار ( البنك المركزي المصري ) • وأخيرا ومنذ أسابيع ، حصلت مصر بجدارة على المركز ال 49 بين قائمة الدول الأكثر فشلاً فى العالم والتى ضمت 60 دولة حسب التقرير السنوى لمجلة "فورين بوليسى" الأمريكية ، بينما جاءت دول مثل جزر القمر وزامبيا وغينيا الجديدة وأنجولا والضفة الغربية فى مرتبة أفضل ! ترى بعد ذلك ، وغيره الكثير ، هل سينجح مؤشر عمنا الدكتور نظيف فى استخفافنا أو اقناعنا بزهزهة الصورة ، أم أنها ستبدو بالفعل أكثر بهاءً وروعة اذا غاب منها البعض ؟! ضمير مستتر عليل وصف علته قال له الحكيم هوَّه داء الغرور فى البشر خلا النفوس هوَّه طبيب وجاى يسعفه صابه الغرور هوَّه ترك أصول حرفته وإنساق ورا القوَّة كاد العليل ينتقل قام قال له إيه هوَّه! يا مسأسأ الصبر فوق الجرح من برَّه الجرح يا عم ..... جايب دم من جوَّه ! (احمد فؤاد نجم) [email protected]