قال الكاتب سيد الوكيل رئيس تحرير سلسلة "أصوات أدبية" إحدى سلاسل هيئة قصور الثقافة، إنه لن يصادر عملا إبداعيا مقدما للسلسلة لمجرد أنه يصطدم مع مقدسات المجتمع، لكنه سيمنعه إذا كان فجا ومباشرا، مؤكدا أن معايير النشر لديه فنية وجمالية وليست سياسية أو دينية . وأضاف الوكيل أن الظرف الحالي لا يسمح الآن بأي رقابة سياسية، ومن يمارسها يزايد على الآخرين، فمن المعروف أن الفن درجة من درجات الانحراف ودائما المثقفون يقفون على يسار أي نظام.
أما بالنسبة للرقابة الدينية قال الروائي البارز إن الفن بطبيعته لا يصطدم مع معتقدات الآخرين، فالمثقف المصري ناضج بما فيه الكفاية ليقدم قناعاته دون أن يصطدم مع المقدسات، والهدف الأساسي أن يحبك القارئ ومن ثم يتسلل إليه وعيك ككاتب، كما أن الفاحص هو الرقيب وما يجده صالحا للتمرير وفقا لمعايير فنية وجمالية سيمرره وسأوافق على ذلك.
وأوضح رئيس تحرير سلسلة "أصوات" المعنية بنشر الإبداع أنه ككاتب من الممكن أن يكتب ما يصطدم مع المعتقدات الدينية لكن كمسئول عن سلسلة لن يضعها في مواجهات وصدامات ويحرم العشرات من النشر فيها، وقال إن "معركتنا ضد التيارات الإسلامية سنخوضها، وهي ليست ضد الدين وإنما هي لحق الإنسان في التعبير عن نفسه ووجوده، لكن لا أستطيع أن أنكأ الجراح الآن في هذا الظرف من أجل عمل مجاني، يمكنني أن أدخل المعركة فقط وأنا ورائي إبداع حقيقي.
ورأى أن الرقابة ليست هي المشكلة في عودة المبدعين للنشر في سلاسل الإبداع الحكومية التي انفضوا عنها لصالح دور النشر الخاصة، وقال: إن غياب الثقة في هذه المؤسسات نتيجة عدم الشفافية والوضوح بشأن النشر، والتخوف من تجربة الماضي هي الأزمة الحقيقية. وأضاف: أن هؤلاء المبدعين أيضا تعودوا على ترتيبهم في قوائم الجوائز والنشر وهي خدمات تقدمها دور النشر الخاصة وتتميز بها.
وقال الكاتب سيد الوكيل إن الهيئة العامة لقصور الثقافة تخضع لروتين ونظام لا يمكن تجاوزهما، وأنه يسعى للمنافسة بمطبوعات سلسلة أصوات في الجوائز الكبرى كالبوكر العربية وغيرها، لكن صناعة الكتاب تفرض شروط لها وأصبحت جزءا من الجوائز والبيع .
وأضاف أنا حريص على عودة الأجيال بالجديدة والشابة لسلاسل الهيئة بعدما انفضوا من حولها، لدور النشر الخاصة التي خطفت الأضواء تماما من مؤسسات الدولة، والمطلوب لتحقيق ذلك هو إعادة الثقة مع الكاتب وخدمات ما بعد البيع المتعلقة بالترويج للكتاب، وهيئة قصور الثقافة تطبع آلاف النسخ لكنها لا تحظى بالدعم الإعلامي.
وأوضح أنه طالب من إدارة الهيئة إقامة حفلات التوقيع للمبدعين، معربا عن أمله في أن تتحرك إدارة الإعلام بالهيئة وتخدم النشاط الثقافي ولا تخدم المؤسسة فقط وإداريتها كعهدها القديم.
وقال الوكيل: إذا لم يحدث ذلك سنتولى عملية النشر والترويج بأنفسنا للإصدارات الجديدة ومتابعة حركتها على صفحة موقع فيس بووك الاجتماعي الخاص بالسلسلة وإذا نجحت هذا الأمر سنطلق موقعا إلكترونيا يعنى بالترويج للسلسلة ومن الممكن أن يعيد نشر الكتب إلكترونيا بعد استنفاد نشره ورقيا.
وكشف الكاتب عن خطته لتطوير سلسلة أصوات، وقال إنها لن تنفصل عن خطة الهيئة التي اشترطت سن لتقديم الأعمال في حدود (من 35 إلى 45 عاما)، وهذا في إطار رؤية كلية تقول إن قصور الثقافة ليست جهة نشر بقدر ما هي جهة لتقديم المواهب للحياة الثقافية، وبالتالي فهي تتبنى المبدع لمرحلة حتى يشتد عوده ويتحقق ومن ثم يجد فرص للنشر والرواج الإعلامي وتطلقه من فكرة الحظيرة القديمة.
وأوضح أن سلسلتي "إبداعات" و"أصوات" تكملان بعضهما البعض في هذا السياق، فالأولى تقدم التجارب الأولى من سن 25 حتى 35 عاما، وبعد ذلك تتولى الثانية تقديم تجارب ناضجة، مشيرا إلى أنه كان من الممكن أن ينضمان في سلسلة واحدة، لكن ذلك سيضيق من فرص النشر.
وقال إنه ضد فكرة اشتراط سن الكاتب المتقدم للسلسلة من 35 حتى 45 عاما، معربا عن أمله في رفع هذا السن إلى 50 عاما لأننا مازلنا بلدا يسيطر عليه الشيوخ، لافتا إلى أن الأمر مرتبط بفكرة الأجيال، والجيل الثالث في الكتابة لدينا الذي تلا مباشرة جيل السبعينيات معظمه أسماء تعدت هذا سن ال 45 عاما ولم يتحققوا بالشكل الكافي، بينما الجيل الرابع مازال له أمل في النشر.
وقال الوكيل إنه في خلال الفترة البسيطة التي توليت فيها السلسلة جاءت لي شكاوى كثيرة حول مسألة السن، والنظام الحالي ليس مسئولا عن تحقق هذا الجيل الذي بات على أعتاب 50 عاما، لكن لا يمكن التضحية بهم، وأوضح أن هناك نحو 100 كتاب مجاز بالسلسلة لمبدعين تعدوا هذا السن، وهؤلاء لم يتحققوا ولن يجدوا فرص للنشر بالدور الخاصة.
وعلى الجانب الآخر، أوضح أن ترك مجال السن مفتوحا للكتاب الكبار المتحققين هو خطأ كبير لأن هناك من لا يعف عن الإصرار على النشر في تلك السلاسل وأخذ حقوق من لا يستطيعون النشر، وأعتقد أن هذا عيبا والأفضل لهم أن يتركوا هذه الفرصة لتلامذتهم، كما أنهم كانوا يتسببون في إحراج إدارة الهيئة لتخطيهم أدوار النشر وتكدس الأعمال المجازة .
وأضاف أن أول مبدأ سنحققه سيكون الحرص على ألا تطول مدة انتظار الكاتب، وعامل السن سيحقق عدم التراكم، أما ثاني مبدأ فسننشط في مسألة فحص الكتب وسيتم إخبار صاحب الكتاب فورا بنتيجة الفحص بالإجازة أو بعدم الإجازة، تحقيقا لمبدأ الشفافية .وتابع: كما سأتواصل مع المبدعين، وسنجتهد لتحديد مواعيد للنشر، رغم أن ذلك صعب إداريا، لكن سنتابع حركة السلسلة وتحديث البيانات أولا بأول على صفحة فيس بووك الخاصة بالسلسلة، وسننشر فيها أغلفة الكتب قبل طباعتها.
وأوضح أن ثالث مبدأ سيتبعه في إدارة السلسلة هو ألا يعرف الفاحص اسم الكاتب، ويتعامل مع المادة فقط ضمانا للشفافية والنزاهة، وسيكون هناك حد أدنى من الدرجات، فالكاتب والكتاب المتوسط القيمة لن يمرر، ومن سينشر على الفور سيحوز على الأقل جيد جدا، خاصة أن هناك وفرة في الأعمال المقدمة.
وقال إن اختيار الفاحصين هو مسئوليته الشخصية ولا يستطيع تجاهل رأيهم حتى لو كانت هناك أخطاء، وأضاف : أقرأ الأعمال بعد فحصها ليس لإعادة النظر في رأي الفاحصين وإنما لتقييم عملهم وهو شكل من أشكال المتابعة لفريق العمل .وأوضح أنه سيختار الفاحصين على أساس مجايلتهم مع المبدعين مقدمي الأعمال للسلسلة وفاعليتهم في الحياة الثقافية، وعلى أساس التنوع بمعنى ألا يسيطر تيار على تيار آخر ، فالمشهد الأدبي في مصر متعدد وثري ولا يجب تسييد ذائقة على حساب أخرى.
وأشار إلى أن هناك ضرورة قصوى لإنقاذ مشروع النشر بالثقافة الجماهيرية، واصفا إياه بالمشروع الأبرز في مصر، ومنتقدا إصدار الأعمال الكاملة احتفاء بالأديب في حياته، قائلا : من الممكن أن نكرم الأدباء بالجوائز ، كما انتقد إصدار "إبداعات الثورة"، مشيرا إلى أنها مجرد استجابة لظرف طارئ ولا يمكن تجاهلها. وما كتب عن الثورة هو دون المستوى.