أثار البيان الذى وقع عليه رؤساء الأحزاب خلال اجتماعهم «ثورة داخلية» داخل أروقة الأحزاب التى وقعت على البيان الذى أعقب الاجتماع. وظهرت بوادر انقسامات يقودها الشباب فى أحزابهم اعتراضا على بعض مواد البيان. وذلك فيما استمر غموض موقف الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى لم يوقع على البيان على الرغم من مشاركته فى الاجتماع، بينما أعلن عضو المكتب السياسى لحزب العدل، مصطفى النجار، سحب توقيعه بعد اعتراض أعضاء الحزب، كما أكدت الجمعية الوطنية للتغيير رفضها البيان.
يأتى هذا فى وقت سادت فية حالة من الجدل بين النشطاء والقوى السياسية المختلفة بشأن تفسير موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، ففى الوقت الذى اعتبر فيه البعض أن البيان أشار الى اختيار الجمعية التأسيسية فى بداية إبريل والانتهاء من صياغة الدستور والاستفتاء عليه خلال 6 أشهر، تجرى بعدها الانتخابات الرئاسية، اعتبر آخرون أن تشكيل الجمعية التاسيسية سيستغرق 6 أشهر وهو ما يؤدى إلى تأخر الانتخابات الرئاسية لمنتصف 2013.
العدل يسحب توقيعه
وجاء إعلان مصطفى النجار عضو المكتب السياسى لحزب العدل، سحب توقيعه عقب موجة من الاعتراضات التى وصلت إلى حد إعلان الانسحاب من الحزب وتجميد العضوية على موقعى «تويتر» و«فيس بوك»، وقال النجار عبر حسابه على موقع تويتر «أعلن سحبى توقيعى من بيان أمس بناء على رغبه أعضاء حرب العدل وأوضح أننى لم أوقع إلا اعتقادا واجتهادا منى بما رأيته لصالح الوطن».
كما أصدر عدد من أعضاء الحزب بيان قالوا فيه إن بعض الموقعين على البيان، خالفوا ما تظاهروا من أجله يوم 30 سبتمبر، وتم استدراجهم للتوقيع على نقاط تعطى حقوقا منقوصة.
وعقد مجموعة من المؤسسين بحزب العدل مساء أمس لدراسة سحب الثقة من المكتب السياسى، ولم ينتهى الاجتماع حتى مثول الجريدة للطبع.
غموض الديمقراطى الاجتماعى
أما الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى فاستمر موقفه غامضا من البيان، وكشفت مصادر بالحزب عن رفض قطاع كبير من قياداته ومعظم شبابه التوقيع على البيان.
وقالت المصدر أن محمد أبو الغار عضو مجلس أمناء الحزب الذى شارك فى اللقاء ولم يوقع على البيان عقد اجتماعا مع قيادات الحزب لتوضيح ما دار خلال الاجتماع مع المجلس العسكرى.
ولم يوقع أبو الغار على بيان المجلس العسكرى وكتب الحزب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إنه موافق على البيان لكن أبو الغار لم يوقع لمغادرته الاجتماع مبكرا، ولم تمض ساعات قليلة حتى حذف الحزب هذه المعلومة من على الصفحة، بعد حدوث ثورة داخلية فى الحزب اعتراضا على البيان.
فريد زهران، أمين عام الحزب الديمقراطى الاجتماعى، قال: «ما حدث أن أبو الغار خرج قبل مطالعة المسودة النهائية ومن ثم لم يقرأ النص الخاص بالتأييد الكامل للمجلس»، وأضاف: «لا يوجد حزب ديمقراطى يعلن تأييده الكامل لأى جهة هذا يليق بدول استبدادية تقوم فيها العلاقات على أساس الولاء والطاعة والتفويض المطلق، وبالتالى الصياغة الخاصة بتأييد المجلس غير مقبولة من الحزب أو أبو الغار نفسه».
ومن المتوقع أن تتصاعد الخلافات داخل الكتلة المصرية التى تضم 15 حزبا وقع بعضهم على البيان فيما لم يشارك البعض الآخر فى الاجتماع.
اعتراضات المصريين الأحرار
باسل عادل عضو المجلس الرئاسى فى حزب المصريين الأحرار أيد البيان الذى وقع عليه الحزب وقال: «أرى أنه خطوة على الطريق وخرجنا بمكتسبات أهمها تغيير المادة 5 وإتاحة الفرص للحزبيين للترشح على المقاعد الفردى».
وفى الوقت نفسه اعترف عادل بوجود اعتراضات كبيرة من شباب الحزب وبعض الأعضاء وقال: «فى ناس زعلانة»، وأشار الى وجود بعض التهديدات بالانسحاب من الحزب وتجميد العضوية ولكنها بحسب وصفه حالات فردية ولا توجد انسحابات ضخمة».
شباب الوفد والكرامة يحتجون
وفى حزب الوفد أشاد فؤاد بدراوى، سكرتير عام حزب الوفد، بموافقة المجلس العسكرى خلال اللقاء على تعديل المادة «5» من قانون الانتخابات بما يسمح للحزبيين بالترشح على المقاعد الفردية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، مشيرا إلى أن خارطة الطريق التى تم الاستقرار عليها خلال الاجتماع مناسبة ولا تمد الفترة الانتقالية لصالح العسكرى.
وحول دراسة المجلس لوقف العمل بحالة الطوارئ ودراسة تشريع يقضى بحرمان قيادات الوطنى من مباشرة حقوقهم السياسية لمدة عامين، قال بدراوى: «من حق المجلس دراسة مثل هذه الأمور فهى تحتاج لوقت من أجل إصدار التشريعات الخاصة بها».
جاء ذلك فى الوقت الذى انتقد فيه محمد صلاح الشيخ، عضو جبهة وفديون ضد التوريث، نتائج الاجتماع قائلا: «إن ما تم فى لقاء المجلس العسكرى والأحزاب السياسية ساعد على أن يدرك الشعب المصرى من معه ومن عليه» واصفا قيادات الأحزاب السياسية التى وقعت بيان تأييد المجلس العسكرى بأنها «لا تعبر نهائيا عن ضمير وإرادة الشعب وإنهم أقرب إلى أن يكونوا مرتزقة سياسيين يسعون إلى مصالح شخصية فقط ولا تهمهم مصالح الوطن».
وفى حزب الكرامة وصف أمين إسكندر، نائب رئيس الحزب، موافقة المجلس العسكرى على تعديل المادة الخامسة من قانون الانتخابات بأنها «خطوة جيدة وإيجابية»، مشيرا إلى أنه سيترك للمجلس العسكرى فرصة لمدة أسبوع لتنفيذ ما وعد المجلس بدراسته.
وعن أساليب الضغط على المجلس العسكرى من أجل تحقيق هذه المطالب قال إسكندر إنه مؤمن بالمليونيات فى التحرير من أجل تحقيق المطالب، محذرا فى الوقت نفسه من اصطدام الشعب بالمجلس العسكرى وحدوث مواجهة بينهم.
من ناحية أخرى أعرب بعض شباب حزب الكرامة عن استيائهم من توقيع رئيس حزبهم على البيان الذى نص على تأييد الأحزاب التى حضرت الاجتماع للمجلس العسكرى، فى الوقت الذى يتخذ المجلس العديد من القرارات المنفردة دون مشاورة تلك الأحزاب والقوى السياسية، بحسب شادى مصطفى، عضو حزب الكرامة.
انقسام الناصرى
وشهد الحزب الناصرى انقساما حول لقاء المجلس العسكرى الأخير بالأحزاب تنذر بانشقاقات داخلية حول موقف الحزب من المشاركة فى انتخابات البرلمانية المقبلة، حيث اعتبر سامح عاشور رئيس الحزب الناصرى أن محمد أبو العلا المتنازع على رئاسة الحزب، والذى شارك فى الاجتماع لا يمثل الحزب. وأكد عاشور رفضه التام لجميع قرارات التى أصدرها المجلس خلال الاجتماع، موضحا أن غيابه عن حضور الاجتماع كان نتيجة لوجوده خارج القاهرة، مبديا دهشته تجاه رفض المجلس العسكرى حضور توحيد البنهاوى أمين عام مساعد الحزب بديلا له.
ووصف عاشور توقيع الأحزاب على بيان المجلس العسكرى ب«الشحاتة السياسية»، قائلا: «مصر بهذه القرارات لبست فى الحيط» موضحا أن الإشكالية لا تكمن فى طول أو قصر مدة الفترة الانتقالية ولكن الأهم هو أن تسير البلاد طبقا لخطوات سليمة ومدروسة. وأكد الدكتور محمد أبو العلا المتنازع على رئاسة الحزب الناصرى، أن المجلس العسكرى دعاه لحضور لقاء الأحزاب الأخير بصفته رئيس الحزب ولم يدع سامح عاشور نهائيا.
الجمعية الوطنية ترفض
من جانبه انتقد أحمد دراج، القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير توقيع الأحزاب على بيان المجلس العسكرى، قائلا: «المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعطى لهم الفتات وهم رضوا بها وقنعوا، كما لو كان المجلس هو الوصى على الثورة وليس مجرد وكيل عن الثوار».
قال أنور عصمت السادات، نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية «مصرنا»، إن توقيعهم على بيان المجلس العسكرى جاء بعد توصلهم لأفضل حلول ممكنة لمصر خلال هذه المرحلة. وردا على الهجوم الذى تعرضت له الأحزاب الموقعة على البيان، قال السادات: «شباب الثورة لا يكفون عن توجيه النقد وهذه رؤيتنا ومن لديه رؤية بديلة فليعرضها على المجلس العسكرى».
أما فى حزب التجمع فاعتبر نبيل زكى، المتحدث الرسمى باسم الحزب، إن تعديل المادة بمثابة خطوة إيجابية، منتقدا عدم إلغاء الانتخاب بالنظام الفردى وقبول رؤساء الأحزاب التى حضرت الاجتماع بدراسة وقف حالة الطوارئ دون الحصول على قرار صارم بإنهائها.
الفلول ينتقدون العزل
ووصف رئيس حزب الحرية، ممدوح على حسن بأن البيان يمثل استجابة لمطالب جميع الأحزاب فى الفترة الأخيرة، وفيما يتعلق بدراسة إصدار تشريع بحرمان بعض قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة الحياة السياسية، قال «هذه المادة مبهمة ويشوبها عدم دستورية، لعدم وجود حكم قضائى يحدد القضايا والجرائم التى ارتكبتها بعض القيادات وهو ما سيفتح الباب أمام تيارات بعينها للحصول على جميع المقاعد.
وانتقد حسن اختيار المجلس العسكرى أحزابا بعينها للاجتماع بهم والتوقيع على البيان وتهميش باقى الأحزاب.
شارك في الإعداد: صفاء عصام الدين ورانيا ربيع ودنيا سالم وضحى الجندى ومحمد عنتر وولاء الحدينى.