شواهد كثيرة تدلل على أن قطاع واسع من المواطنات والمواطنين في مصر بات يشعر بالقلق بشأن مسار الثورة العظيمة، ويتخوف من الضبابية التي تحيط بإدارة المرحلة الانتقالية ومحطاتها الكبرى المتمثلة في الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية والجدول الزمني المرتبط بها. فمصر، وبعد قرابة 5 أشهر من إسقاط النظام السابق، ما زالت لا تملك خريطة طريق واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، ولم تتوافق قواها السياسية والوطنية على آلياتها وإجراءاتها. وقد أسهمت الضبابية هذه في تنامي سيطرة قضايا تفرق ولا تجمع على النقاش السياسي والإعلامي، ما زال أبرزها هو التنازع حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا الذي قسم القوى السياسية والوطنية إلى فصيلين وحال دون الحوار بينهما، مهددا بذلك مصلحة الوطن واستكمال أهداف الثورة التي ليس لها أن تتحقق إلا بتطهير البلاد من بقايا نظام الاستبداد السابق، والشروع في بناء النظام الديمقراطي الجديد على أسس متماسكة. كذلك رتب كل من التباطؤ في محاكمة المتورطين في قتل وإصابة المواطنين أثناء أيام الثورة المصرية، واستمرار عناصر من أجهزة الأمن في مناصبها، رغم اتهامها بالتورط في القتل، وشعور أسر الشهداء بتجاهل الحكومة لعدالة مطالبهم، وغياب منهجية واضحة للتعامل مع معاناتهم، وشيوع حالة من الإحباط والخوف على الثورة ومسارها المستقبلي بين المواطنين. إزاء كل هذه الظواهر المقلقة وإيمانا منه بعظم المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقه، يدعو حزب مصر الحرية إلى التالي: 1- أن تكون المشاركة في مظاهرات الجمعة القادمة من أجل المطالبة بخريطة طريق واضحة المعالم لإدارة المرحلة الانتقالية، وبجدول زمني محدد لمحطاتها الكبرى، ولن نتمكن في مصر من التوافق حول خريطة الطريق والجدول الزمني إلا بحوار جاد بين مختلف القوى السياسية والوطنية، وبينها وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة. 2- أن تتفق القوى الوطنية على تنحية التنازع حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا جانبا، وأن تكثف مداولاتها حول المبادئ الحاكمة للدستور الجديد والمعايير الرشيدة لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. ونؤكد هنا أن القوى الوطنية التي تمسكت منذ البداية، وقبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، بخيار الدستور أولا إنما كانت تريد، مدفوعة بالمصلحة الوطنية، أن يبدأ بناء الديمقراطية في مصر وفقا للتراتبية التي اتبعت في الكثير من حالات التحول الديمقراطي الناجحة، أي بوضع الدستور الجديد متبوعا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية. 3- أن تكون المشاركة في مظاهرات الجمعة القادمة من أجل المطالبة بتطهير البلاد من بقايا وفلول النظام السابق والعناصر الفاسدة داخل الجهاز الأمني الذين هم رهن التحقيقات والاتهامات بقتل وإصابة المتظاهرين، وبالتعامل الجاد مع ملف المحاكمات العادلة والعاجلة لقتلة المصريين والمتورطين في العنف ضد متظاهري الثورة المصرية السلميين. 4- ندعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء، بالنظر إلى الظروف الأمنية غير المستقرة بعد، وخوفا من أن تشهد مراحل الانتخابات البرلمانية عنفا قد يخرج عن السيطرة، وحيث إن تعديل قانون الانتخابات ما زال قيد التداول بين القوى الوطنية ولم يصدر بعد، إلى تأجيل الانتخابات لفترة محدودة. فربما مكنتنا بضعة أشهر معدودة من تحسين معدلات التواجد الأمني، بما يمكن الناخبين من التصويت في مناخ مناسب، وذلك مع إعطاء جميع الأحزاب والمرشحين المستقلين فرصة حقيقية للتفاعل مع تعديلات قانون الانتخابات، والاستعداد للانتخابات وفقا للنظام الجديد. 5- ندعو الحكومة إلى تطوير منهجية واضحة للتعامل مع ملف أسر شهداء ومصابي الثورة تجمع بين ضمان حقوقهم المدنية كممثلين للادعاء في محاكمات العناصر المشتبه تورطها في قتل وإصابة ذويهم وجبر مصابهم بتعويضات مالية وأدبية عادلة. 6- نطالب بضرورة سرعة البدء في إجراءات إعادة هيكلة الجهاز الأمني بشفافية تامة، بما يسهم في عودة الحياة الطبيعية إلى كافة أنحاء الوطن وضمان الالتزام بالممارسات التي تتسق مع أبسط قواعد حقوق الإنسان. 7- ندعو السلطات إلى التوقف الفوري عن إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، تلك الممارسة التي تخالف حقوق الإنسان ومعايير المحاكمات العادلة، كما ندعو إلى الإعلان بشفافية عن أعداد وأسماء المعتقلين في السجون العسكرية منذ بداية الثورة المصرية.