قال ضياء رشوان، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن ما شهدته مصر هو ثورة غير مسبوقة في التاريخ السياسي المصري، لم تحدث منذ تأسيس مصر الحديثة في عهد محمد على باشا، وأن ما حدث لا يقارن إلا بالثورة الفرنسية التي حدثت عام 1789، مشددا على أن تأثيرات الثورة المصرية لن تظهر إلا خلال سنوات، منها ما هو متعلق بتغير الشخصية المصرية، وهي التي خالفت كل التوقعات، جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده روتاري الرمل، أمس الاثنين، بحضور عدد من رؤساء وأعضاء روتاري الرمل والنزهة. وشدد رشوان على أن الثورة المصرية لم تبدأ بعد حتى نقول إنها انتهت، فهي أكبر من فكرة الإطاحة برأس النظام "حسني مبارك"، مشددًا على أن الإطاحة بمثلث أضلاع النظام السابق "فتحي سرور، وزكريا عزمي، وصفوت الشريف" حتى لو حدث، فإن الثورة ستظل غير مكتملة، لأن ما حدث خلال ثلاثين عامًا من فساد في شتى القطاعات يضعنا أمام مهمة وطنية كبرى تتعلق بعمليات هدم أسس النظام السابق، والبدء في مرحلة أخرى في بناء حقيقي لمصر، لذا فالثورة لن تكتمل إلا خلال سنوات طويلة، لأن حجم الثورة والتغيرات أضخم مما تستقر عليه الأوضاع. وأضاف رشوان أن القاعدة الاجتماعية للنظام السابق لم تهتز بعد، والمكونة من حلف واسع، عنوانه الرئيسي "الفساد"، يضم مجموعة من رجال الأعمال المنتفعين، في تحالفات مع قطاع واسع من رجال الإدارة في المجالس المحلية، لأعلى مستوى في الدولة، يضاف إليهم قطاع مهم من الأجهزة الأمنية السابقة، بما لديهم من شبكات اتصال قوية بقطاعات معينة في الوطن العربي. واعتبر رشوان، أن المجالس المحلية التي لم "تحل" بعد هي أوضح مثال على استمرار قاعدة النظام السابق، حيث يصل أعضاؤها إلى 53 ألف عضو من أول القرية إلى المحافظة، لا تمثل المعارضة فيه إلا ب400 عضو فقط، بالإضافة إلى 6 ملايين موظف في الجهاز الإداري للدولة كلهم من أبناء النظام السابق، سواء على المستوى المركزي أو المستويات المحلية في المحافظات، فضلاً عن 1300 مجلس قروي، ولديهم علاقات قوية مع الحلف السياسي الواسع، مؤكدًا أن الحل لا يكون إلا بإحداث عملية تجريف كاملة لتلك القيادات وإحلال محلها، وشدد على أن هذا الحلف هو أخطر حلف في الدولة يعادي الثورة. وعن المؤسسات الصحفية القومية، قال رشوان: إن أحد مشاكل الاختيار لرؤساء تحرير جدد أنه تم إزاحة الصالحين للقيادة في داخل المؤسسات، إما تم فصلهم أو طردهم خارجها، وهو ما ينطبق على قطاع الإذاعة والتليفزيون، موضحًا أن الخوف على الثورة من المتحولين في الصحافة القومية لا محل له، فمصلحتهم الآن هو التحالف مع الثورة، وقال "الحمد لله بقوا ثوريين أكثر مننا". وأضاف رشوان أن الاستغراق في الحديث عن قصص النظام السابق لا جدوى منه، فيجب بجانب فضح سياسات النظام، البدء في عملية البناء الواضح لمؤسسات مصر، معتبرًا أن ما تم الإطاحة به هو فقط الجزء الطافي من النظام السياسي، منوهًا بأن قطاعات واسعة من المصريين لم تشعر بآثار الثورة بعد، منهم الذين يعانون من تدهور صحي وبيئي من أمراض الكبد والسرطان من ضحايا النظام السابق. وعن المحاكمات التي تجرى الآن لرجال أعمال النظام السابق، اعتبر رشوان أن القضاء المصري يشهد أكبر عدد في المحاكمات في تاريخ الاقتصاد المصري، لافتًا إلى أن قرار إعادة جميع أراضي الإسماعيلية للدولة قرار على المستوى الاقتصادي "مروع"، ويمثل "ضربًا" واضحًا لمصالح رجال الأعمال السابقين. وقال رشوان: إن لدينا كقوى شاركت في الثورة مهمة وطنية وحيدة، وهي التحضير لانتخابات مجلس الشعب القادمة، كونها البوابة الوحيدة المتاحة لإعداد دستور جديد على أسس ديمقراطية، وهو الذي سيختار رئيس الجمهورية القادم، معتبرًا أن الثورة المضادة لن تأتي إلا من خلال البرلمان، لما لدى مرشحي الوطني من خبرة كبيرة وقديمة حتى لو ترشحوا كمستقلين. ولفت رشوان إلى أن ائتلاف الثورة المصرية ليس لديه أي خبرة سياسية حتى الآن في "لعبة" الانتخابات، مطالبهم بالنزول إلى الشارع والتواصل مع الناس، ومعرفة إحصائيات واضحة عن طرق كسب صوت المواطنين، مشيرًا إلى أن المعارضة ستخوض معركة برلمانية "شرسة" مع بقايا الوطني المدافعين عن مصالح وعلاقات كونوها على مدار أكثر من 33 عامًا. وعن مدة بقاء المجلس العسكري في الحكم في تلك الفترة الانتقالية، ألمح رشوان أن المجلس العسكري يسعى لتسليم زمام الأمور "النهارده قبل بكره"، كما أن القوى السياسية تمارس ضغطًا عليه، نتيجة لتخوفات وهمية عن استيلاء العسكر على الحكم؛ لافتًا إلى أن ما يقال عن بقاء المجلس لمدة 6 شهور هو أمر منطقي، وبحسابات الزمن صعب حدوثه، لأن الإجراءات السياسية المزمع عملها سوف تستغرق عامًا على الأقل.