أشعل الثوار بميدان طلعت حرب فى الثامنة مساء أمس الأول، شموعا لإحياء ذكرى الشهداء على النغمات الحزينة لأغنية «يا بلادى يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى». أطلق بعض الشباب الصواريخ والألعاب النارية، وآخرون وزعوا الشموع على المارة. فى حين جلس نحو 5 شباب تحت أقدام تمثال طلعت حرب، وأمسكوا بالشموع وصور بعض الشهداء، وظهرت على وجوههم علامات الحزن. بدأت الاحتفالات من الصباح، وظهر أكثر من عشرة بائعين للأعلام، ووقف بعض طلاب كلية الفنون الجميلة بألوان مائية لرسم الأعلام على الوجوه بدون مقابل. قال محمد، «الناس بيحطوا لى فلوس وأنا مش بحب أكسفهم». وقف محمد أمام صندوق كرتون صغير، وضع عليه ثلاث علب للألوان المائية التى يتكون منها العلم المصرى، وبجوارها يضع الناس له جنيهات معدنية مقابل الرسمة. ينادى محمد على الفتيات والأطفال، «علشان عارف أنهم بيحبوا الرسم أكتر». وينادى بائع لم يتجاوز عمره 15 عاما، «نمرة عربيتك الجديدة»، ويحمل معه لافتات ورقية تشبه اللوحة المعدنية الجديدة للسيارات، ورقمها «25 يناير». وفى الرابعة عصرا تقريبا، ظهر عبدالحكيم عبدالناصر فى شارع طلعت حرب، وتجمهر الناس حوله ورفعوا لافتات وصورا للرئيس الراحل عبدالناصر. وعلى أحد الأرصفة جلس شاب بين أصدقائه يروى لهم عن مظاهرات تأييد الرئيس المخلوع مبارك. «عايزين يعملوا لمبارك يوم لتكريمه»، وضحك الشاب بسخرية، وهو يتابع: أنا ما عنديش مشكلة بس يقولوا لى هو عمل ايه لمصر علشان يتكرم. ورد آخر شغله كتابة بعض الشعر للشهداء، «عبدالناصر وزع الأرض على الفلاحين، والسادات حرر سيناء، طيب حسنى عمل إيه؟». وأضاف بسرعة: بس ما حدش يقول إنه عمل مترو الأنفاق، وضحك الشباب معا، قبل أن يرد آخر «لأ ومسئول عن قتل الشهداء». وظلت الشائعات تتردد عن انتظار المطرب محمد منير، حتى إن العاملين بالمحال كانوا يسألون المارة عن شائعة غناء منير فى الميدان. وحمل بعض الشباب جنود الجيش على أعناقهم، وظلوا يهتفون «الجيش والشعب أيد واحدة»، قبل أن يلتقطوا معهم صورا تذكارية مع علم مصر بطول 5 أمتار تقريبا. ولم تتوقف الأغنيات الوطنية القادمة من حزبى التجمع والغد، وكذلك الوفود القادمة من ميدان طلعت حرب هاربين من الزحام الشديد، للاحتفال فى ميدان طلعت حرب. وظهر فجأة عند السابعة مساء، مجموعة من الشباب يحملون «تيشرتات الشهداء». فى شارع طلعت حرب أوقف حوالى خمسة شباب دراجاتهم النارية، ووقفوا ينادون الجماهير الغفيرة التى تحتفل «تيشرت الشهداء ب 15 جنيه». التيشيرت الأبيض، المطبوع عليه صور الشهداء على خلفية رمادية غامقة، يزينه أيضا علم مصر من الظهر. قال هيثم، صاحب محل هواتف محمولة، «إحنا الخمسة فكرنا نعمل حاجة للشهداء وتكون ذكرى مع كل واحد». وسريعا جذب «تيشرت الشهداء» المارة، وأضاف محمد، مجند بالجيش حصل على إجازة، «كنت لازم أشارك بأى حاجة علشان شهيد منطقتنا محمد من الدرب الأحمر» الذى وضعت صورته على التيشيرت. وأكد هيثم أنهم لا يحصلون على أى مكاسب من هذا التيشيرت، وأن هذا السعر تكلفة الطباعة والتيشرت فقط.