بعيدا عن أعين وسائل الإعلام حاول الفلسطينيون دفع برنامج دولتهم بوسائل بسيطة، ولكن رمزية لا تلقى اهتماما من أغلب الناس في وكالات الأممالمتحدة. لكن حتى في تلك الساحات الهامشية بجهاز الأممالمتحدة المترامي الأطراف واجهت جهودهم تعطيلا من الولاياتالمتحدة العازمة على عدم إظهار أي ميل، ولو بسيط، تجاه الفلسطينيين في الوقت الذي تسعى فيه للقيام بدور الوسيط النزيه في محادثات السلام المتعثرة بينهم وبين إسرائيل. ويشتبه كثير من الإسرائيليين في أن الرئيس باراك أوباما عازم على إقامة دولة فلسطينية بأي ثمن. لكن في رام الله -مقر الحكم الذاتي المحدود للفلسطينيين والكائنة بالضفة الغربية- يعتقد الفلسطينيون أنه غير جاد بشأن إقامة الدولة كما يقول. وقال سليمان زهيري، عضو الوفد الفلسطيني الذي شارك الشهر الماضي في اجتماع بالمكسيك للاتحاد الدولي للاتصالات: إن الفلسطينيين كان بوسعهم اللجوء إلى الاقتراع والحصول على ما كانوا يرغبون فيه. وقدم زهيري مذكرة كان من شأنها أن تضمن للفلسطينيين حقوق دولة عضو بالاتحاد، وبعد شهور من الاستعدادات الدبلوماسية حصلوا على دعم نحو 50 دولة، وكان الاقتراح في طريقه للحصول على الموافقة بتأييد 40 دولة أخرى. وقال إن الوفد الفلسطيني طالب بمنح الفلسطينيين حقوق وامتيازات دولة دون أن يكونوا دولة عضوا بالفعل. وقال إنه لا يهتم بالتوصيف الذي يمكن منحه للفلسطينيين بقدر اهتمامه بحصولهم على كل حقوق الدولة العضو. إلا أن الولاياتالمتحدة اعترضت وتراجع الفلسطينيون خشية عواقب الإخلال بالتوازن الذي لم يدل زهيري بتفاصيل بشأنه. ولم يصدر تعليق من وزارة الخارجية الأمريكية بشأن هذه الرواية. لكن الاعتراضات الأمريكية تنسجم مع سياسة متبعة منذ فترة طويلة تعامل الفلسطينيين على أنهم ليسوا أكثر من عضو مراقب بالأممالمتحدة. وتجرأ الفلسطينيون ليأملوا في الحصول على المزيد من إدارة التزمت علنا بإقامة دولتهم، كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان حادًّا في التعبير عن خيبة أمله. وفي كلمة ألقاها في 11 نوفمبر تشرين الثاني كان عباس صريحًا في التعبير عن إحباطه إزاء النهج الأمريكي، وركز على معارضة واشنطن لفكرة سعي الفلسطينيين للحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لإقامة دولتهم. وذكر عباس أوباما بأن إقامة الدولة الفلسطينية وعد ودين في رقبته، ويجب أن يتحقق. غير أنه سعى للتهوين من حجم التوقعات عندما قال إن الدعم الأمريكي للدولة الفلسطينية لا يزال في مرحلة الشعارات. ويوضح جورج ميتشل، مبعوث أوباما لعملية السلام، في كل زيارة إلى المنطقة أن واشنطن تعول على امتناع الفلسطينيين وإسرائيل عن القيام بأي تحركات من جانب واحد قد تضر بالمفاوضات بشأن القضايا الأساسية. ويشمل هذا محاولات الفلسطينيين للدفع ببرامج عمل دبلوماسية من جانب واحد. ويقول مسؤولون فلسطينيون إنه حتى الخطوات الصغيرة داخل الوكالات المغمورة التابعة للأمم المتحدة يتم سحقها بزعم أنها يمكن أن تضر بسياسة المسار المزدوج المتوازنة بشكل دقيق. وعندما قام الفلسطينيون في سبتمبر ايلول بأولى محاولاتهم للحصول على العضوية الكاملة بلجنة تابعة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، حيث يمكن للدول السعي لاستعادة الآثار، كان ممثل الفلسطينيين حمدان طه يأمل في استغلال الهيئة للسعي لاستعادة عشرات الآلاف من القطع الفنية التي نزعت خلال الاحتلال الإسرائيلي. وقال طه إن الاقتراح كان من شأنه أن يسمح للفلسطينيين والفاتيكان اللذين يتمتعان بوضع مراقب بالتصرف كدولة عضو. وأضاف أن ممثل الولاياتالمتحدة هو الذي عارض المقترح وحده. وتابع يقول إن الولاياتالمتحدة اشارت في اعتراضها إلى أن التغير الذي طالبت به فلسطين في وضعها شمل عنصرا جديدا، وبالتالي لم يكن هذا رفضا كاملا، وإنما محاولة لتأجيل النقاش. وقال طه إنه جرى إبلاغ الوفد الفلسطيني بأن الولاياتالمتحدة عارضت التعديل خشية إمكانية أن يقوض محاولات واشنطن لإحياء محادثات السلام.