«معا لمستقبل أفضل». اللوحة الخضراء فى المدخل الرئيسى لمدينة كفر شكر ما زالت تحمل صورة محمود صفوت محيى الدين، تسرد بعض خدماته للأهالى وتنتهى بمبايعة من كل أهالى المدينة «رجال وشباب وشيوخ ونساء لابن كفر شكر البار» فى انتخابات مجلس الشعب 2010. «مش هانحرت فى البحر، مافيش لازمة لليفط دى»، تعليق أحد المارين من أمام اللافتة، بعد رحيل محمود محيى الدين لتولى المنصب الجديد فى البنك الدولى، ولكن الحاج أحمد رمضان رفض رفع لافتات التأييد للوزير السابق. رمضان يصف نفسه بأنه «واحد من مريدى الدكتور»، اللوحات الدعائية الموقعة باسمه هى الباقية «تقريبا» فى شوارع المدينة الخالية إلا من خمس لافتات. قبل أيام من إعلان خبر رحيل وزير الاستثمار، بدأت حملة الدعاية من أهالى الدائرة، «كنا هانمشى وراه فى كل مكان وكل واحد وهانعلق يفط فى كل مكان»، يتحدث رمضان عن الدعاية الانتخابية التى رفض الوزير أن تبدأ مبكرا قبل الموعد القانونى. المدينة كانت مغطاة بلافتات التهنئة والتأييد للوزير، ما يقرب من ثلاثين لافتة كانت تظلل شارع جمال عبدالناصر الرئيسى فى المدينة، ويزداد العدد بالقرب من مضيفة آل محيى الدين، حيث جمعية صفوت محيى الدين الخيرية. هناك كان اللقاء الأسبوعى كل يوم جمعة، بين أهالى الدائرة ومحمود محيى الدين «أبو سهيلة»، الابنة الكبرى للوزير التى كتب لها الأهالى رسالة تحملها لوالدها. «ياسهيلة قولى لأبوكى كفر شكر بيحبوه»، العبارة الأشهر بين الأهالى، كانت تحملها لافتة ضخمة أمام المضيفة مؤيدة للانتخابات المقبلة، اختفت مثل غيرها. لافتات محمود اختفت ومعها العديد من آمال ومصالح أهالى الدائرة، «فى حالة يأس عامة»، منذ الحديث عن احتمال رحيل الوزير، والكلام للحاج عبدالسلام شيخ عزبة زكريا بالضفة الغربية من مدينة كفر شكر، موضحا الارتباط بين ترشيح محمود للانتخابات ومصالح أهل الدائرة. لوحة الكمبيوتر التى يعلقها الحاج رمضان أمام مكتبته فى شارع جمال عبدالناصر، تضم المشروعات الحالية والمستقبلية «لرجل الخدمات والإنجازات، الأصيل ابن الأصيل»، كما تصفه اللوحة. الكوبرى الانزلاقى يربط بين البر الغربى والشرقى للمدينة. تحديد الحيز العمرانى، 288 وحدة سكنية للشباب، تأسيس مكتب مصر للسياحة، إدخال الغاز الطبيعى، بعض المشروعات التى تمت فى المدينة، بخلاف ماتقدمه جمعية صفوت الخيرية من خدمات آخرها 40 تأشيرة حج للأهالى، «دا غير الوظايف اللى وفرها للشباب»، كما يذكرها عبدالسلام. كل أسبوع كان المنادى يجوب شوارع المدينة، يعلن عن وظائف للشباب وعن استقبال محمود للأوراق، يتوقع الأهالى أن يسكت هذا الصوت كثيرا، وتقل الحركة فى المضيفة التى تغلق أبوابها حاليا بعد أذان المغرب على غير المعتاد.«عاوزينك مش عاوزين البنك الدولى»، علقها عبدالسلام فى شوارع المدينة وحملها إلى المؤتر الجماهيرى ومع تأكيد الرحيل، انسحب هو ولوحته التى أخفاها فى برميل أزرق عميق يحتفظ به فى بيته، أما باقى اللوحات فسوف يتركها «متعلقة فى الهواء» ليتعامل معها الزمن. المشاريع التى وضع محمود حجر الأساس لها أصبحت هى الأخرى معلقة فى الهواء، مدينة صناعية على مساحة 88 فدانا، موقف عربات جديد، وكوبرى علوى لتخفيف الضغط على مدخل المدينة «وكل دا ها ننساه خاصة لو كسب واحد مش وطنى»، كما يتوقع الحاج عبدالسلام، عضو حزب التجمع. فى مقابل حجر الأساس الذى وضعه محمود للكوبرى العلوى، اللوحة الوحيدة لتيمور عبدالغنى، ممثل الإخوان والنائب الحالى فى مجلس الشعب، يتمنى للأهالى «مستقبلا مشرقا». بدأ الوجود القوى لمحمود صفوت محيى الدين منذ عام 2000، حيث كان مستشارا لوزير الاقتصاد وقتها بطرس غالى، وبدأ الخدمات الملموسة منذ عام 2005 فى إطار استعداداته لخوض انتخابات مجلس الشعب فى العام الحالى بعد اتفاق داخلى بين أعضاء أسرة محيى الدين على المساندة والتأييد وعدم وجود مرشح آخر من العائلة. «ضلموها علينا، منهم لله اللى كانوا السبب وخلوه يمشى»، كان الحاج عبدالسلام يلملم إحدى اللافتات الساقطة على الأرض عندما انقطعت الأنوار فجأة. احتمالات وجود مؤامرة على الوزير، «ضربة من تحت الحزام لأن الدكتور بقى أشهر من الكبار وخطف منهم الأضواء»، بعض التفسيرات التى يجمع عليها الأهالى المعترضة على الرحيل، لافتة وحيدة وقعها أعضاء الموقع الإلكترونى يشكرون الرئيس حسنى مبارك «على ثقته الدولية فى ابن كفر شكر»، تجدها الأغلبية «نفاق قوى». المرشح الذى تم طرح اسمه بقوة فى الدائرة هو السيد البدوى محيى الدين، ابن عم محمود محيى الدين الذى تقدم بأوراقه للحزب الوطنى، «رافضا المجازفة وخوض الانتخابات مستقلا مشترطا دعم الحزب»، كما تقول مصادر مقربة من البدوى. يعتبر أبناء الدائرة أن دعم الوطنى للبدوى، سليل عائلة محيى الدين سوف يكون «عوضا بسيطا» عن خسارة محمود، وضمانا «جزئيا» لمستقبل المشروعات المعلقة بعد تجربة خمس سنوات مع إخوان «لم يأخذوا فرصتهم لخدمة الأهالى»، بدليل الكوبرى الذى ربط الضفة الغربية والشرقية للمدينة، والذى طالت المطالبة به لسنوات حتى تدخل الوزير. فى عزبة زكريا بيه محيى الدين، أمام المطلع الشرقى للكوبرى الجديد الذى أطلق عليه الأهالى كوبرى الثورة، اتفق الأهالى على استغلال بعض شكائر الأسمنت الخاصة بمشروع الصرف الصحى لإصلاح مطلع الكوبرى. فمشروع الصرف الذى وعد به آل محيى الدين، «العظماء أبناء العظماء» كما تصفهم لافتة الدعاية القديمة، سوف يتأخر مثل غيره من المشاريع برحيل وزير الاستثمار، وأدل على صدق توقعات الأهالى غير المتفائلة، «إن عربية المجلس المحلى اللى كانت بترش العزبة كل يومين عدى عليها أسبوع ماجتش»، يقول أحد «المتشائمين بالمستقبل» كما يصف نفسه قبل أن يتوقف تحت اللوحة الوحيدة فى العزبة التى تؤيده «الأصيل ابن الأصيل»، ويقول «إحنا حاسين إننا انضربنا فى ظهرنا»، يعلق الرجل وهو يصعد الكوبرى آخر مشروعات محمود الذى أعلن فى وقت افتتاحه أنه راحل.