خلال السنوات الثلاث الماضية كانت الجزائر تفرض قيودا وتضيق النطاق على المستثمرين الأجانب، والآن تلقت إحدى الشركات المصرية المتأثرة بهذه الأوضاع بعض الأخبار الطيبة، أو على الأقل واحدا من الأخبار الأقل سوءا، وهى أوراسكوم تيليكوم. فقد أجبرت الحكومة الجزائرية أوراسكوم على بيع «جيزى»، وحدة الشركة المصرية هناك، للسلطات الجزائرية، التى لا يبدو أنها ترغب فى وجود أوراسكوم فى بلدها. والمسألة الآن هى ما الثمن الذى ستحصل عليه أوراسكوم نظير بيعها «جيزى»، أكثر أصولها ربحية؟ ومن الممكن أن يكون المبلغ الكبير الذى دفعته فرانس تيليكوم مقابل حصولها على حصة فى شركة تليفون محمول مغربية سابقة تحظى بالقبول. فقد أعلنت فرانس تيليكوم يوم الأربعاء الماضى أنها ستدفع 841 مليون دولار ثمنا لحصة قدرها 40% فى شركة ميديتل المغربية. ويقيِّم إى إف جى هيرميس، بنك الاستثمار الإقليمى الذى يتخذ من مصر مقرا له، ميديتل بما يساوى عدة مرات أرباحها المتوقعة فى 2010 قبل سداد الفوائد والضرائب والإهلاك وتناقص القيمة. وتقول مصادر فى هيرميس إن المغرب «ستكون مرجعية» مهمة بالنسبة للجزائر، وتشير صفقة فرانس تيليكوم إلى إمكانية أن تساوى صفقة بيع جيزى 12 مليار دولار، وبحسب وائل زيادة، كبير الباحثين فى هيرميس «فى أى وضع طبيعى سيكون المبلغ الذى ستدفعه فرانس تيليكوم سعرا استرشاديا لا يمكن تجاهله». وقد كلفت الجزائر شركة استشارات محلية بتقييم جيزى وإصدار توصية بالسعر المناسب، وذكرت تقارير صحفية جزائرية غير مؤكدة أن الحكومة قد تكون مستعدة لدفع 3 مليارات مقابل شراء جيزى، التى تعد أكبر شبكة فى البلاد، ويصل عدد مشتركيها إلى 15 مليون فرد. ويقل هذا المبلغ كثيرا عن ال 7.8 مليار دولار التى كانت شركة الاتصالات الجنوب إفريقية إم تى إن مستعدة لدفعه مقابل شرائها جيزى قبل بضعة أشهر، وهى الصفقة التى أوقفتها الحكومة الجزائرية، مستندة فى ذلك إلى قانون الشفعة، الذى يعطيها الحق بشراء جيزى، وهذا دليل على إصرار الدولة المتزايد على السيطرة على أكبر شبكة عندها. ومع ارتفاع أسعار النفط والاحتياطيات النقدية إلى 150 مليار دولار، تشير الجزائر إلى عدم حاجتها إلى أموال الاستثمارات الأجنبية، وأنها ستقبل هذه الاستثمارات عندها فقط فى حالة أنها طبقت شروطها. وقد بدأت السلطات الجزائرية العمل بتشريع قانون الشفعة الذى يعطيها الحق فى أن ترفض بيع المستثمر الأجنبى بها لأصوله فى البلاد لمستثمر آخر، وهى تطالب الآن بأن تكون الاستثمارات الأجنبية مملوكة بنسبة 51% لمستثمر جزائرى. وسوف تبيع أوراسكوم جيزى بعد مطالبة الحكومة الجزائرية لها بدفع ضرائب بأثر رجعى ومنع البيع المحتمل لإم تى إن. ومن المتوقع أن يتم تقييم جيزى قبل نهاية العام. وهو أمر لا تتوق إليه أوراسكوم وحدها، بل مستثمرون دوليون آخرون يحاولون تقييم مخاطر الاستثمار فى الجزائر.