أكد د. زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار فى تصريح خاص ل«الشروق» أنه لم يعجب بمسلسل «كليوباترا» منذ قراءته للسيناريو، مؤكدا تضمنه أخطاء تاريخية كثيرة لا يمكن التغاضى عنها. وقال: بعد مشاهدتى الحلقات الأولى من المسلسل أصبت بصدمة، بسبب الشكل السيئ الذى يقدمون «كليوباترا» عليه، وأدعى أنه ليس له أى صلة بها، كما أن كل الملابس التى يظهرون بها فى الأحداث ليست فرعونية ولا يونانية، وهذا انعكس على أداء الممثلين، فلم يقنعنى أى منهم بدوره، وأنه يقدم شخصية تاريخية. ومن مساوئ المسلسل أنه يقدم بلغة عربية فصحى وكان الأفضل تقديمه بالعامية المصرية، مثل كل الأعمال التاريخية العالمية تقدم دائما بالعامية لتدخل قلوب الناس بسرعة. يزيد على ذلك أن طريقتهم فى التحدث لا تساعد على فهم المسلسل وتقبله، خاصة مع كثرة الخطب فى أحداث العمل، فتقريبا كل المسلسل وكل أبطاله يعتمدون على الخطب فى حديثهم بينهم البعض. والغريب أنهم يظهرون «كليوباترا» وكأنها تعيش فى السوق، فتجدها فى الحلقة الواحدة تذهب إلى السوق أكثر من مرة، يضاف إلى ذلك اعتمادهم فى المسلسل على الجمال كوسيلة انتقال وهذا لم يكن موجودا فى عصرها، واستنكر حواس أن كليوباترا كانت تقع فى حب كل من تقابله، وأن تبنى علاقة مع «حرامى» من الشعب أو متسول، فهذا ليس صحيحا بالمرة، كما أنه من غير المقبول أن يقحموا شخصية مثل «كارى الحرامى» فى القصة، رغم أنه ليس موجودا فى التاريخ، ولم يذكره أى مؤرخ. ورغم إيمانى الشديد بأن الدراما تتطلب إضافة شخصية وحذف أخرى، لكن هناك أسسا تاريخية لا نقبل تحريفها مثل شكل المعابد والملابس وطريقة الحياة، وصناع هذا العمل فشلوا فى الوصول إلى الشكل الحقيقى لهذه الأشياء المهمة، فهم حرفوا كل شىء. وأشار حواس: بشكل عام هذا المسلسل السيئ «حرق دمى» لأنه ذكرنى بفيلم «المهاجر» أسوأ فيلم أخرجه يوسف شاهين، الذى حرف فيه أيضا التاريخ وأظهر الملك يركب جملا وهذا ليس حقيقيا ولا مقبولا، وطبعا هذا أقل خطأ تاريخى فى الفيلم. حواس أكد أنه قرر عدم مشاهدة المسلسل بعد الحلقة الثالثة، ورأى أنه من الحرام تضييع الوقت فى مشاهدة عمل بهذه «التفاهة»، فبخلاف أنه ليس له علاقة بالتاريخ، هو أيضا ليس فيه أى إبداع سواء فى الإخراج أو التمثيل. ولم تشفع دراسة بطلة العمل سلاف فواخرجى للتاريخ عند حواس حيث قال: رغم أنها دارسة للتاريخ فإنها قدمت أسوأ عمل تاريخى رأيته فى حياتى.وأوضح أن سبب استيائه من هذا العمل أنه لا يتصور أن مخرجه وائل رمضان قدمه دون الاستعانة بخبراء تاريخ يشرفون على الكتابة والتصوير ليعرف منهم على الأقل شكل المعابد والملابس، فأى عمل تاريخى فى الدنيا يشرف عليه خبراء يكون لهم الكلمة فيما يخص المناطق التاريخية التى لا تحتمل التحريف أو التخريف كما حدث فى هذا العمل. وعن سر عدم نصيحته لأسرة المسلسل بعد قراءته السيناريو، قال حواس: لقد رفضت الاشتراك فى المسلسل عندما أرسلوه لى، لأنى فوجئت بأنه ملىء بالأخطاء التاريخية، وتعمدت ألا أطلب تعديلها، ولا أرد عليهم لأن السيناريو أسوأ من أن يتم تعديله، فهو لا يضم خطأ أو اثنين وإنما السيناريو كاملا ملىء بالأخطاء لدرجة أنه يصعب تعديله. ونصيحتى الوحيدة هى تجاهل السيناريو الذى كتبوه، وكتابة سيناريو جديد. ورغم أن حواس أكد أن تصوير العمل فى مصر كان سيضيف له، لكنه فى الوقت نفسه لم ير أى مشكلة فى تصويره بسوريا، موضحا أن كل الأفلام الفرعونية تصور فى المغرب وليس فى مصر.. لذلك الأزمة ليست فى المكان وإنما فى صناع العمل أنفسهم الذين حرفوا التاريخ، فهم حتى عندما عملوا «الفنار» بدا واضحا جدا أنه مركب وليس حقيقيا، فهم يستخفون بعقولنا وعقول المشاهدين. الشىء الوحيد الذى أشاد به حواس فى هذا العمل وقال انه يحسب للمسلسل نجاحهم فى اختيار سلاف فواخرجى لتجسيد الشخصية لأنها الأنسب من حيث الشكل فهى تملك وجها جميلا يقترب من كليوباترا من حيث الشكل، ولكنها فشلت فى أن تشبهها فى تمثيلها وطريقتها فى التعامل وفى الحياة، فهم أضافوا إليها أمورًا كثيرة أفسدتها، لأنها لا تمت بصلة للواقع والتاريخ الأمر الثانى الذى أساند فيه أسرة المسلسل أننى معهم ضد مروجى فكرة أن «كليوباترا» كانت سوداء، وقبيحة، لأنها لم تكن كذلك على الإطلاق، فهى كانت يونانية بيضاء وجميلة بل وفاتنة..
