أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خفضا كبيرا للأموال المخصصة لدعم الديمقراطية في مصر، وهو تحول يقول المراقبون إن من شأنه أن يؤثر على كل شيء، بدءا من برامج مكافحة الفساد إلى مراقبة الانتخابات. كانت التخفيضات التي قامت بها واشنطن خلال العام الماضي - والتي وصلت إلى 50% تقريبا- قد أثارت اتهامات ضد إدارة أوباما بأنها تخفف من الضغوط على نظام الرئيس حسني مبارك، مقابل الحصول على دعمها للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك عملية السلام مع إسرائيل. ونقلت وكالة الأسوشيتد برس عن أحمد سميح رئيس إحدى المنظمات التي استخدمت الأموال الأمريكية في عام 2005 مراقبة الانتخابات قوله "إن أوباما يريد التغيير الذي لا يجعل الحكومة المصرية غاضبة"، وأضاف" في السياق المصري، هذا يعني أنه لن يكون هناك تغيير". وقد صرحت هيئة المعونة الدولية الامريكية في بيان لها أن" الولاياتالمتحدة ملتزمة بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمع المدني في مصر". وقال البيان إن التخفيضات جاءت في وقت تقلص فيه واشنطن المساعدات غير العسكرية لمصر عموما على مدى السنوات الأخيرة، حيث قامت الإدارة الامريكية بتخفيضات مماثلة لدعم الديمقراطية في الأردن، وهي أيضا دولة حليفة للولايات المتحدة. وتعكس هذه الخطوة تغييرا في السياسة الامريكية، حيث تركز أكثر على التنمية والمساعدة الاقتصادية في أفغانستان وباكستان. كما تعكس توجهات الرئيس أوباما المغايرة لتوجهات سلفه الرئيس جورج دبليو بوش، الذي مارس ضغوطا قوية من أجل الإصلاح الديمقراطي في البلدان العربية. وكانت منظمة فريدم هاوس الأمريكية قد أعلنت في بيان صدر الجمعة الماضية أن تخفيض الأموال المخصصة لدعم الديمقراطية في مصر "يثير القلق، حيث تشهد البيئة قيودا متزايدة كما هو واضح في الإجراءات المشددة ضد النشطاء السياسيين، وأصحاب المدونات والصحفيين". وتعتبر مصر في مقدمة الدول على لائحة المعونات الخارجية الامريكية، منذ توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. وقد وصلت المعونة في الماضي إلى 2 مليار دولار بما فيها 1.3 مليار دولار معونة عسكرية، لكن منذ إدارة بوش قلصت الولاياتالمتحدة المعونات غير العسكرية. وتقدر المعونة هذا العام ب1.55 مليار دولار بما فيها 250 مليون دولار مخصصة للأغراض غير العسكرية، وهو نفس المبلغ الذي تلقته مصر عام 2009. وفي عام 2008، كانت إدارة بوش قد خصت مبلغ 45 مليون دولار من إجمالي المعونة لبرامج " الحكم العادل والديمقراطي"، وهو تمويل مباشر للمنظمات غير الحكومية المعروفة باسم" المجتمع المدني" والذي ينفذ برامج مستقلة لتعزيز حقوق الإنسان والإصلاح ومساءلة الحكومة. يشار إلى أن إدارة بوش كانت قد خصصت نفس المبلغ عام 2009، إلا إنه عندما تولت إدارة أوباما مقاليد الأمور، أعادت تخصيص الأموال، حيث خصصت 20 مليون فقط لدعم الديمقراطية وحولت المبلغ المتبقي للأغراض الاقتصادية. وزادت إدارة أوباما المبلغ قليلا في عام 2010 إلى 25 مليون دولار، كما فرضت قيودا جديدة تحظر تخصيص أموال هيئة المعونة الامريكية إلى جماعات غير مسجلة سواء كانت مصرية أو عالمية. بينما تحاول جماعات كثيرة ألا تسجل نفسها حكوميا، خوفا من الضغوط والتدخلات.