بعد استقراره عالميا.. أسعار الذهب اليوم الأحد 7 يوليو 2024 للبيع والشراء    وزير التموين: الدعم يعد الملف الرئيسي ولا بد من وضع إجراءات لتنقية البيانات    محافظ كفر الشيخ يستمع لمشاكل المواطنين في جولة ليلية بشوارع العاصمة    التشكيل الرسمى لمباراة أوروجواي ضد البرازيل في كوبا أمريكا    3 ناجين و2 مفقودين.. القصة الكاملة لكارثة غرق 5 لاعبين من اتحاد طنجة المغربي    بعد توليه رئاسة إيران.. من هو الإصلاحي مسعود بزشكيان وما هي صلاحياته؟    6 شهداء ومصابون في قصف لطائرات الاحتلال مواقع متفرقة بقطاع غزة    تشكيل الأوروغواي الرسمي ضد البرازيل في كوبا أمريكا    ضياء السيد: رفعت صاحب شخصية قوية منذ صغره وكنا نستعد لعودته للملاعب وتفاجئ بانضمامه للمنتخب مع كيروش    رابط استخراج نتائج البكالوريا 2024 سوريا بالخطوات عبر الموقع الرسمي moed.gov.sy    التعليم: 99% من نماذج إجابات امتحان الكيمياء المتداولة عبر جروبات الغش غير صحيحة    عاجل - مع بداية العام الهجري شاهد خطوات استبدال كسوة الكعبة 1446    تركي آل الشيخ يكشف اسماء الأعمال الفنية التي ستصدر بالتعاون مع الشركة المتحدة    جوري بكر تعلق على انتقادات فتح شاطئ لعمال الساحل الشمالي.. ماذا قالت؟    خالد الجندي: هجرة الرسول تمثل القدرة على اتخاذ قرار.. ونتج عنها ميلاد أمة    «زي النهارده».. اليوم العالمي للشيكولاتة 7 يوليو 2009    رئيس مودرن سبورت: الحديث عن مستحقات أحمد رفعت «سابق لأوانه»    وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يشهدان الاحتفال بالعام الهجري الجديد    نشوى مصطفى تتعرض لحادث بسيارتها.. وتعلق: "ربنا نجانى برحمته ولطفه"    «بعد فيديو طلقتني ليه؟».. هل تزوج لطفي لبيب من نجوى فؤاد؟    رئيس كفر الدوار يتابع التزام المحال التجارية بمواعيد الغلق    كوبا أمريكا 2024| تشكيل منتخب البرازيل لمواجهة أوروجواي    مجلس التعاون الخليجى يدين قصف إسرائيل لمدرسة الجاعونى التابعة للأونروا بغزة    مقتل شخصين إثر قصف روسي على مبانٍ في خيرسون الأوكرانية    نجوم الرياضة في عزاء أحمد رفعت بكفر الشيخ | فيديو    يورو 2024 – كومان: لهذا السبب أشركت فيجورست.. ومن الممكن لعبه ضد إنجلترا    ماذا يريد الشعب من الحكومة؟    جريمة موثقة أضرت بالتعليم.. نقابة المحامين تعلق على واقعة الغش الجماعي بالدقهلية    بحضور حسام حبيب.. جهات التحقيق تعاين الاستوديو محل الاعتداء على شيرين عبد الوهاب    جمال شعبان يكشف مفاجأة عن سبب وفاة أحمد رفعت    سحر القهوة: تاريخها، فوائدها، وأثرها الثقافي في العالم    الأكاديمية العسكرية المصرية تحتفل بتخرج الدفعة الأولى (ب) من المعينين بالجهات القضائية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية    سعر الفراخ البيضاء يتراجع وكرتونة البيض ترتفع بالأسواق اليوم الأحد 7 يوليو 2024    لليوم ال 274.. الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعيةوينسف المبانى بالشجاعية و"غوتيريش" يحذر من حرب شاملة    وفاة مسن ضربه أبناء شقيقه بعصا على رأسه في الغربية    الذكرى السابعة ل«ملحمة البرث».. حين أفشل منسي ورجاله مخططات الإرهاب    عمرو موسى: مصر لا يمكن أن تشارك في تصفية القضية الفلسطينية    وزير التموين: التسعيرة الجبرية ليست حلا.. ونعمل على زيادة الدعم في الموازنة المقبلة    72 ألف متر مربع.. كل ما تريد معرفته عن ميناء الصيادين بسفاجا    الكلية العسكرية التكنولوجية تستقبل وفدًا من جامعة العلوم للدفاع الوطنية الصينية    مجلس أمناء الحوار الوطني يتوجه بالشكر للرئيس السيسي لاهتمامه البالغ بالحوار    حظك اليوم برج القوس الأحد 7-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    استدعاء شيرين عبدالوهاب للتحقيق في بلاغها ضد حسام حبيب بضربها    فضيحة تضرب أشهر ماركات الحقائب.. إطلالات مئات الآلاف سعرها لا يتجاوز ال3 آلاف جنيه    بالأسماء، ترشيحات نقابة الصحفيين لممثليها في عضوية الأعلى للإعلام والوطنية للصحافة    اليوم غرة محرم.. العام الهجري الجديد 1446    آخر فرصة للتقديم.. وظائف خالية بجامعة الفيوم (المستندات والشروط)    نادر شوقي يفجر مفاجأة بشأن وفاة أحمد رفعت    جمال علام: وفاة أحمد رفعت صادمة لجميع المنظومة.. وأجهزة صدمات القلب موجودة    عاجل.. رئيس مودرن سبورت يكشف تفاصيل عقد أحمد رفعت وقيمة راتبه المستحق لأسرته    احذروا.. تناول هذه الإضافات في الآيس كريم قد يشكل خطراً على الصحة    «الطرق والمستشفيات والتعليم والقمامة».. ملفات على طاولة محافظ المنوفية بعد تجديد الثقة    تعرف على أبرز مطالب مواطني الإسكندرية من المحافظ الجديد    ضبط 3 بلطجية المتهمين بالتعدي على شاب في المرج    سبّ وضرب في اللايف.. كواليس خناقة داخل مستشفى بأكتوبر    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانصياع ليس خياراً .. ومبادرات الدفء ومناورات الفتور فى أيام أوباما الأولى
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 03 - 2009

حفلت الأيام الأولى للرئيس الأمريكى باراك أوباما ب«مبادرات الدفء» والمجاملات التى أطلقها فى كل اتجاه، لتشمل ليس فقط الخصوم وإنما أيضا بعض الحلفاء الذين فترت العلاقة معهم نتيجة لشعار جورج بوش «من ليس معنا، ضدنا». بالمقابل لم يزد رد الفعل «الفاتر» لهؤلاء الخصوم والحلفاء على التأكيد أنه لا أحد زاهد فى الحوار مع القطب الأعظم، ولكن لا أحد متعجل أيضا على هذا الحوار، أو راغب فى دفع ثمنه مقدما.
هكذا، تعلن إدارة أوباما نقل بؤرة نشاطها العسكرى لأفغانستان، وتطلق المجاملات باتجاه الدول المحيطة بها. فتحظى روسيا والصين مثلا بتأكيدات الشراكة والحوار بديلا عن أسلوب الضغط والتهديد الذى اتبعته الإدارة السابقة، وتحظى إيران بسلسلة إشارات إيجابية تتوج برسالة «عيد النيروز» الشهيرة.
ماذا يكون الرد؟ يعلن الجميع الترحيب بهذا التغير فى «سلوك الإدارة الأمريكية» ويتريثون لاستدراج المزيد من العروض التفصيلية، والحكم على «جدية» هذا التغيير!!
أكثر من ذلك، تضطر إدارة أوباما بعد أقل من شهر على توليها الحكم، للخروج من قاعدة «ماناس» فى قرغيزستان، أهم محطات إطلاق العمليات الجوية على أفغانستان، بذريعة «عقارية» مهينة تتمثل فى إعلان الحكومة القرغيزية أن الولايات المتحدة رفضت زيادة قيمة الإيجار المدفوعة للقاعدة، ومن ثم فإنها تمهل الإدارة الأمريكية 6 أشهر لإخلائها!! ويهمس المراقبون أن الأصابع الروسية وراء هذه «الأزمة العقارية»، كجزء من عمل دءوب لتنفيذ الهدف المعلن للسياسة الخارجية الروسية الوصول لعالم متعدد الأقطاب، وكسر الاحتكار الأمريكى للقوة فى النظام العالمى.
بالمثل، ترد إيران على «رسالة عيد النيروز» بإشارات ترحب من حيث المبدأ بالحوار مع إدارة أوباما، بشرط الاعتراف بأنه لا مجال لوقف «التقدم النووى الإيرانى» حسب التعبير الحرفى لمرشد الثورة على خامنئى، بل تضع شروطا للتعاون فى أفغانستان، أهمها التراجع الأمريكى عن الحوار مع بعض أجنحة حركة طالبان، العدو الألد لإيران.
حتى الحليفة تركيا، التى تحظى «بتكريم» القطب الأعظم باختيارها منبرا لمخاطبة العالم الإسلامى، تحتفظ بهامش مناورتها، وتعلن «بكبرياء جارح» على لسان رئيسها عبدالله جول خلال زيارته للعراق الأسبوع الماضى، أن قواعدها العسكرية مفتوحة أمام القوات الأمريكية «فى طريق خروجها» من العراق، نفس القواعد التى رفضت تركيا استخدامها فى «دخول» هذه القوات للعراق.
القاسم المشترك فى هذه التطورات هو الدرجة غير المسبوقة من «الجرأة» والابتعاد عن «الواقعية» فى التعامل مع القطب المسيطر على مقدرات النظام العالمى. بالمقابل يبدى «القطب الأوحد» أريحية وتسامحا استثنائيين مع هذه «التجاوزات»، بشكل لا يفوقه إثارة للدهشة سوى تشدده مع حلفائه الأكثر «إخلاصا وتهذيبا»، بدءا من إهدار سيادة باكستان وتحويل شمالها مسرحا لعمليات «مكافحة الإرهاب»، ووصولا للموقف من الرئيس حميد قرضاى الذى يوشك أن يكتشف عواقب «خدمة الغز» حسب المثل الشائع من خلال لائحة الاتهامات الأمريكية له بالمسئولية عن التدهور فى أفغانستان، والتهديد باستبداله ب«الأجنحة المعتدلة» فى طالبان!ّ!
هل هى حماقة متبادلة، من القطب الأعظم الذى يتهاون مع «المتمردين» ويظلم «المخلصين»، ومن المتمردين المصريين على «إلقاء أنفسهم فى التهلكة»؟
فى السياسة، كما فى أى تحليل علمى، «الحماقة» ليست مقولة تحليلية، ناهيك عن أن تفسر تطورات بهذا الحجم. ولأن «الحماقة» لا تفسر، فقد اشتعل الجدال فى مراكز البحث والأوساط السياسية والصحفية داخل الولايات المتحدة وخارجها، حول هذه التطورات، والفرص التى تتيحها لكل لاعب دولى. عنوان النقاش هو «ماذا بعد انتهاء عصر القطب الأوحد؟»، وجوهره يتلخص فى أربعة أفكار أساسية:
أولا: أن لحظة «القطبية الأحادية» التى أعقبت نهاية الحرب الباردة أوشكت على الانتهاء، مثلها مثل جميع المراحل الشبيهة فى التاريخ، والتى كانت مجرد محطات انتقالية بين أشكال دولية أكثر استقرارا. هكذا، أدى تراجع الوزن الأمريكى فى الاقتصاد العالمى، وعجز الولايات المتحدة خلال الأزمة الاقتصادية الأخيرة عن مواجهة الركود العالمى بمفردها، لإشعال النقاش حول غياب الأساس الاقتصادى لاستمرار «الأحادية القطبية». ثم جاءت الورطات العسكرية فى أفغانستان والعراق لتعطى لحديث «نهاية القطب الأوحد» بعدا استراتيجيا لا يمكن القفز فوقه، وتفرض على الجميع التعامل معه بمنتهى الجدية.
ثانيا: رد أنصار وجهة النظر المحافظة بقوة على هذا الطرح، مشيرين إلى الفارق الشاسع بين القول بأن «القطب الأوحد» دخل فى مرحلة تراجع، وبين القول بأن عصره انتهى وحل محله نظام دولى متعدد الأقطاب، خاصة أن أيا من الأطراف «المتمردة» أو «المتذمرة» من «القطب الأعظم» لا يمكن مقارنتها بما لدى الولايات المتحدة من قدرات. بعبارة أخرى، إذا كنا نتحدث عن انتهاء الأحادية القطبية، فأين هو الطرف القادر على موازنة الولايات المتحدة؟ هو ببساطة غير موجود، ومن ثم تبقى الولايات المتحدة قطبا أوحد، ولو حتى إشعار آخر.
ثالثا: يأتى الرد على موقف «المحافظين» فى صورة إعادة تعريف كاملة لمعنى «تعدد الأقطاب» فى القرن الحادى والعشرين. فانتهاء القطبية الأحادية، لا يعنى بالضرورة عودة عالم القرن التاسع عشر (المقسم بين حفنة من الدول الأوروبية) أو عالم الحرب الباردة ثنائى الأقطاب. التاريخ لا يكرر نفسه، وما نشهده اليوم هو حالة جديدة، تتمثل فى تراجع القطب الأكبر وتراخى قبضته على مختلف مناطق العالم، بما يسمح لقوى كبيرة أو متوسطة الحجم أن «تنحت مناطق نفوذ إقليمية» تصبح فيها اللاعب الرئيسى، وتستطيع لأسباب استراتيجية وجغرافية أن تخلق بداخلها توازنا مع القطب الأكبر (كأن توازن الصين الولايات المتحدة فى منطقة بحر الصين، وأن توازن روسيا الدور الأمريكى فى آسيا الوسطى، وهكذا). ومجموع هذه القوى «جزئية النفوذ» هو ما يوازن القطب الأعظم على المستوى العالمى، ويحد من قدرته على الانفراد بالقرار، وهذا هو جوهر النظام العالمى البازغ، القائم على «تعدد أقطاب غير متكافئين فى القوة».
رابعا: يرتب ذلك نتيجة خطيرة للإدارة الأمريكية. ففى ظل هذا الوضع الجديد تصبح مهمة القطب الأعظم دفاعية، تستهدف منع اللاعبين الجدد من استقطاع مناطق النفوذ. وفى ضوء تعذر تحقيق ذلك عسكريا، ينفتح الباب أمام الصفقات، و«مبادرات الدفء» الرامية لاحتواء من تعذرت السيطرة عليه. أما المناطق المسيطر عليها بالكامل (باكستان أو أفغانستان قرضاى) فيجب إحكام السيطرة عليها بدون تضييع الوقت فى المجاملات «الشكلية» لسيادة أو أولويات حكامها «الحلفاء».
بالمقابل، فإن الخصوم المتمردين، أو الحلفاء الطامحين لدور أكبر، يدركون هذا التغير فى بنية النظام الدولى، ويعرفون نتيجته: «مبادرات الدفء» التى تطلقها إدارة أوباما تعبر عن حاجة حقيقية للصفقات وليست «عملا خيريا». المطلوب إذن هو تحسين شروط الصفقات، وإثبات الجدارة بها عبر قدر محسوب من «مناورات الفتور».
ربما كانت هذه الصورة الجديدة للنظام العالمى وراء اختيار السياسى المحافظ والمندوب الأمريكى السابق فى الأمم المتحدة جون بولتون، عنوانا غريبا لمذكراته المنشورة مؤخرا هو «الاستسلام ليس خيارا». لا يمكن فهم هذا الاختيار الغريب إلا بمعنى رفض «المحافظين» لأن «يستسلم» القطب الأعظم لفكرة النفوذ المتراجع و»الصفقات المفروضة» مع الحلفاء وبعض الخصوم. فى مقابل منطق بولتون، يتصرف هؤلاء «الحلفاء والخصوم» بمنطق أن «الانصياع ليس خيارا». هل يمكن لأحد أن يلومهم فى ضوء تجارب «الحلفاء المخلصين» وما آلت إليه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.