يبدأ أى نقاش فى السوق الأمريكية حول المنتجات المالية التى تستهدف المسلمين الباحثين عن الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة، بمناقشة حجم الجالية الإسلامية. ولا يطلب من السكان فى الولاياتالمتحدة أثناء عملية التعداد الإفصاح عن انتمائهم الدينى، ومن ثم يكون حجم الجماعات الدينية تقديريا دائما. وبالنسبة للمسلمين، تتراوح التقديرات بين مليونين وثمانية ملايين. ويعتبر مركز بيو للأبحاث مصدرا موثوقا به. وذكر المركز هذا العام أن عدد المسلمين فى الولاياتالمتحدة بلغ 2.5 مليون مسلم، أو ما يساوى 0.8% من عدد السكان. وفى السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعة من المنتجات المالية التى تستهدف أبناء الجالية الراغبين فى استثمارات تتوافق مع القواعد الإسلامية، مثل تحريم الفائدة. وأصبح قطاع عريض من الصناعة المالية الأمريكية الضخمة معتادا على القواعد التنظيمية الحاكمة للاستثمارات الإسلامية التى يحتاجونها لإرضاء السلطات الدينية. وقد تدفقت استثمارات من مجموعات شرق أوسطية على أسواق المال الأمريكية، وهى كبرى أسواق العالم، خاصة فى العقد الأخير. ويقول عصام صلاح الشريك فى شركة كينج آند سبالدنج للمحاماه: «منذ أواخر التسعينيات تقوم المؤسسات الخليجية بطرح أوراق مالية وتستخدم عوائدها فى عمل استثمارات كبيرة فى الصناديق العقارية وشركات رأس المال المخاطر فى الولاياتالمتحدة. ويضيف: «ولهذا الغرض، كان على البنوك والمستثمرين فى الولاياتالمتحدة إعداد الأنظمة الملائمة للاستثمارات الإسلامية». وبالنسبة للمستثمرين فى السندات، هناك بعض أنواع الاستثمارات المعتمدة على الاقتراض التى يمكن شراؤها فقط عبر سوق الصكوك، وتتوافق مع مبادئ الاستثمار الإسلامى، التى تحظر الفائدة. وتسمح هذه الأدوات بالمدفوعات المشابهة للفائدة، وتنطوى المخاطر المرتبطة بالسندات عبر استخدام الشراكات والأدوات التمويلية الخاصة المضمونة بالأصول على سبيل المثال. وفى العقد الماضى، شهدت سوق هذه الأدوات الشبيهة بالسندات نموا. وتقول مؤسسة طومسون رويترز للخدمات الاعلامية: إن قيمة سوق الصكوك هذا العام بلغت 19 مليار دولار حتى الآن. وكان النشاط قد بلغ ذروته عام 2007 بنحو 25 مليار دولار. وتعدت جاذبية الأسواق البنوك والشركات الراغبة فى صناديق تتوافق مع التعاليم الإسلامية، والمستثمرين الذين لا يشترون سوى المنتجات التى تتوافق مع مبادئ الشريعة الاسلامية. فقد بدأ المستثمرون فى الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال، فى شراء الصكوك لكسب التعاملات مع بنوك فى منطقة الشرق الأوسط التى لا تطرح سندات بالأساليب الأكثر تقليدية. وقد بدأت شركات أمريكية استخدام هذه السوق لجمع الأموال. فقبل أقل من شهر، شكل قطاع الصكوك علامة فارقة عندما أصبح الذراع التمويلية لشركة جنرال إليكتريك أول شركة صناعية غربية تصدر صكوكا إسلامية، بصفقة مقدارها 500 مليون دولار تم تغطيتها بالكامل، عندما كانت الشركة تسعى لاجتذاب مجموعة جديدة من المستثمرين. ومع ذلك، تعرض نشاط الصكوك لتوقف مفاجئ، مع احتمال مواجهة القطاع لأسوأ حالات ضعفه. وكانت البداية مع سعى شركة «نخيل» للمقاولات لتأجيل سداد الديون المستحقة عليها، وهى الشركة التى أنشأت العديد من مشروعات البناء الفاخرة فى دبى. وكان من المفترض أن تقوم الشركة فى 14 ديسمبر الحالى بسداد صكوك قيمتها أربعة مليارات دولار. ومن الواضح انخراط شركات استثمار دولية وأخرى عالمية فى القطاع: فعدة مجموعات منها ضمن مجموعات الاستثمار التى تتباحث فى شروط إعادة الهيكلة. ويقول محللون فى مجموعة بى إن واى كونفرجكس جروب: «لا يتمتع نظام دبى بشفافية كاملة فيما يتعلق بالكيانات القانونية المالكة للمشروعات الممولة من عائدات السندات. وهناك العديد من النقاط التى ينبغى تغطيتها قبل حلول موعد استحقاق السندات فى 14 ديسمبر». وتمثل الصكوك جزءا صغيرا من إجمالى سوق السندات. يقل عن حجم السندات الجديدة التى باعتها الشركات غير المالية فى العالم خلال هذا العام وحده. وعلى أقل تقدير، سوف تؤدى أزمة نخيل إلى توقف نشاط الصكوك، وتردد المزيد من الشركات الأمريكية فى الدخول إلى هذا النشاط التمويلى. ومع ذلك، فمع توقع استمرار زيادة طلب المستثمرين من الشرق الأوسط على الأقل على مثل هذه الأنواع من الصفقات، من المتوقع أن تسعى المزيد من المجموعات الأمريكية إلى دخول هذا النوع من الاستثمار. يقول فابيانا ديل كانتو، الذى يعمل فى نشاط القروض المشتركة الناشئ بمؤسسة باركليز كابيتال: «ظلت الشركات الراغبة فى زيادة نشاطها فى منطقة الخليج تركز لفترة طويلة على قاعدة الاستثمار التى تستهدف الأوراق المالية». ويضيف: «والآن سوف تشهد النمو فى الصناديق المقصورة على الاستثمار فى الصكوك فقط». وربما لايزال عدد السكان المسلمين فى الولاياتالمتحدة صغيرا نسبيا، غير أن الوعى بمثل هذه الأساليب التمويلية من المتوقع أن يتزايد باضطراد داخل النظام المالى الأمريكى.