فيما بدأ كبار معاونى الرئيس الأمريكى باراك أوباما الترويج لإستراتيجيته فى أفغانستان والتى أعلن عنها أمس الأول، برزت معارضة جمهورية محافظة وديمقراطية ليبرالية لهذه الإستراتيجية التى تقضى بزيادة عدد القوات الأمريكية هناك بمقدار 30 ألف جندى. ولم تقف المعارضة لإستراتيجية أوباما فى الولاياتالمتحدة، بل تعدتها إلى عدد من الدول الحليفة، حيث نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية فى موقعها الإلكترونى أمس مقالا لكاتبها الشهير روبرت فيسك بعنوان «هذه إستراتيجية مجربة من قبل..دون نجاح»، حيث استعرض الكاتب تجربة الاتحاد السوفيتى السابق فى أفغانستان التى بدأت بدخول الجيش السوفيتى كابول فى عام 1979 وانتهت فى العام 1989 قبل سقوط الإمبراطورية السوفيتية بعامين. وفى وصفه للأوضاع فى أفغانستان يستخدم فيسك مفردات ومصطلحات كانت تستخدم خلال حرب السوفييت هناك، لافتا النظر إلى أنها نفس المفردات والمصطلحات التى تستخدم اليوم، مثل الإرهابيين ودعم حكومة علمانية غير فاسدة فى العاصمة وتوفير الأمان للشعب، ثم الحديث فى ربيع عام 1980 عن «تعزيز القوات» وتدريب الجيش الأفغانى، إلى الحديث عن نقل سجناء سرا من البلاد وتعذيبهم داخل الاتحاد السوفييتى. يحكى الكاتب كيف أنه ذهب إلى موسكو بعد نحو ربع قرن ليقابل الروس ممن كانوا فى أفغانستان أثناء الاحتلال الروسى لها ليجد أن بعضهم قد أدمن المخدرات فيما يعانى آخرون مما يطلق عليه اسم الضغط العصبى. وفى نهاية مقاله يدعونا الكاتب «فى هذا اليوم التاريخى، الذى يغوص فيه أوباما أكثر فأكثر فى أعماق الفوضى، كى نتذكر التقهقر البريطانى من كابل وتدميرها عام 1842». ولقى وزير الدفاع الامريكى روبرت جيتس ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون تشككا من مشرعين فى جدوى هذا التصعيد الكبير للحرب الباهظة التكاليف التى لا تلقى تأييدا شعبيا. وقال الاميرال مايك مولين رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيش للجنة الشئون الخارجية فى مجلس النواب «هذا التزام هائل. وهو الالتزام الصحيح. وهو يمنحنا القوات اللازمة لاحداث تحول فى هذه الاوضاع». وقال وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس فى مستهل شهادة لكبار مسئولى أوباما امام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ إن القوات الامريكية ستبدأ الانتشار خلال اسبوعين أو ثلاثة فى مستهل «زيادة ممتدة» تستمر ما بين 18 إلى 24 شهرا. وأضاف جيتس ان الزيادة تهدف إلى بدء نقل المسئولية الامنية للقوات الافغانية باسرع وقت ممكن. وتابع: «بدء نقل المسئولية الامنية للافغان فى صيف 2011 ضرورى.. وممكن من وجهة نظرى». لكن القادة العسكريين الامريكيين يبقون على خياراتهم مفتوحة بشأن توقيت خفض القوات. وقال جيتس انهم سيراجعون التقدم فى ديسمبر من عام 2010 ولن يتركوا افغانستان لمصيرها اذا تعذر الحفاظ على الوضع الامنى. وقال ان القرار النهائى بشان متى يبدأ الانسحاب سيتوقف على ذلك التقييم. ويجتمع زعماء حلف شمال الأطلسى (الناتو) للبحث فى الخطوة المقبلة للحلف عقب القرار الأمريكى، وكان الأمين العام للحلف اندريس فوج راسموسين قد أعلن أن الحلف سيرفع اسهامه فى أفغانستان بمعدل خمسة آلاف جندى «وقد نضيف بضعة آلاف فوق هذا الرقم»، بعد أن كانت واشنطن قد طلبت من دول الحلف رفع اسهامها بمعدل عشرة آلاف جندى. وقررت بريطانيا إرسال 500 جندى إضافى إلى أفغانستان، فيما تعتزم إيطاليا إرسال ألف جندى إضافى، فيما أعلنت بولندا عن عزمها إرسال 600 جندى. ومن المعروف أن القوات الدولية العاملة فى أفغانستان والتابعة لحلف الناتو تبلغ 112 ألف جندى منها 72 ألف جندى أمريكى. وابدى جون ماكين أرفع عضو جمهورى فى لجنة مجلس الشيوخ تشككه بشأن خطة الانسحاب، مرددا مخاوف من انها قد تسمح لمتشددى طالبان بالانتظار حتى تتم زيادة القوات الامريكية ثم يعيدون تنظيم صفوفهم بعد ذلك. وقال ماكين الجمهورى الذى خسر امام اوباما فى الانتخابات الرئاسية عام 2008 ان هدف تأمين افغانستان والقضاء على الملاذات الآمنة لمتطرفى القاعدة رائع لكن موعدا «تعسفيا» لانسحاب القوات الامريكية ينطوى على خطورة. وأضاف: «تحديد موعد للانسحاب يبعث بالرسالة الخاطئة تماما لكل من اصدقائنا واعدائنا».