بعد أقل من عام على توليه منصبه فى البيت الأبيض، حدد الرئيس الأمريكى باراك أوباما ملامح استراتيجيته الجديدة فى أفغانستان والتى تتضمن إرسال 30 ألف جندى أمريكى جديد بتكلفة 30 مليار دولار إلى تلك الدولة التى تمزقها الحرب منذ 8 سنوات، بهدف وقف تقدم حركة طالبان، التى اعترف بأنها وسعت نفوذها، وتدعيم قوات الأمن الأفغانية وحماية المناطق السكنية من هجمات المتطرفين، موضحا أن الولاياتالمتحدة ستبدأ انسحابها من هناك فى غضون 18 شهرا اعتبارا من يوليو 2011، الأمر الذى أثار ردود فعل واسعة النطاق داخل الولاياتالمتحدة بين مؤيد ومتحفظ ومعارض. وحذر أوباما فى خطابه الذى استغرق 35 دقيقة فى قاعدة وست بوينت العسكرية فى نيويورك من أن الحرب التى تقودها بلاده فى أفغانستان ليست حرب أمريكا وحدها، وأن الوضع فى أفغانستان لا يمكن بقاؤه، وأن أمن أمتنا مهدد فى أفغانستانوباكستان، وأنا أمن العالم فى خطر. وقال إن «القاعدة تعد لهجمات جديدة فيما أن أخاطبكم، وأن إرسال التعزيزات مصلحة قومية حيوية للولايات المتحدة، وأن مقاتلة التطرف لن تنتهى سريعا بين عشية وضحاها، وأنها ستمتد خارج حدود البلدين»، مؤكدا الحاجة لمحاربة القاعدة أينما كانت أو فى أى مكان، وخاصة فى اليمن والصومال عبر ممارسة ضغوط متزايدة وإقامة شراكات صلبة، وقال إنه تشاور مع نظيره الباكستانى آصف على زردارى حول الاستراتيجية الجديدة، وأن الخطر الأكبر يكمن فى وجود باكستان مسلحة نوويا لأن القاعدة تسعى لامتلاك أسلحة نووية، مؤكدا أن نجاح بلاده فى أفغانستان مرتبط ارتباطا وثيقا بشراكة فعالة مع باكستان وأن الباكستانيين باتوا يدركون مخاطر تهديد التطرف الإسلامى.. وأنه اتخذ قراره بتروٍ بإرسال القوات الإضافية، ويهدف لاستعادة زمام المبادرة من حركة طالبان، وقال: «إننا فى أفغانستان للحيلولة دون انتشار سرطان مرة أخرى فى أنحاء ذلك البلد لكن هذا السرطان ترسخ فى منطقة الحدود مع باكستان لهذا فإننا بحاجة إلى استراتيجية تعمل على جانبى الحدود». وقال: «إنه فى غمرة المتاعب الاقتصادية لا ينبغى تجاهل تكاليف الحرب»، مشددا على أن جدول الانسحاب من العراق سيتم بحلول نهاية 2011 بعد أن أثار احتمال تأجيل الانتخابات التشريعية العراقية تعطيل جدول الانسحاب. وقال أوباما إنه لا يريد توقيع «شيكات على بياض لأفغانستان»، وإن الالتزام الأمريكى ليس بلا نهاية، وإنه سيبدأ سحب القوات الأمريكية خلال 18-24 شهرا، مطالبا الحكومة الأفغانية بملاحقة المسؤولين عن الفساد كما طالب الرئيس الأفغانى حامد كرزاى فى حوار بالفيديو بسرعة نشر قوات الأمن ليتولى الأفغان بأنفسهم مسؤولية بلادهم وإحراز تقدم ملموس يتم على أساسه تقييم وجود القوات الأمريكية. ودافع أوباما عن استراتيجيته الجديدة وأكد أنه لا يوجد تشابه بين حربى أفغانستان وفيتنام (1964-1975) وأنه يريد أن «يثبت للعالم أن قضيتنا عادلة وأن عزمنا لم يهن»، معتبرا أن إرسال 30 ألف جندى أمريكى إضافى خلال 6 أشهر لأفغانستان سيكلف بلاده 30 مليار دولار فى العام المقبل، بينما قالت مصادر أمريكية إن إدارة أوباما ستتعاون مع الكونجرس للحصول على أى تمويل إضافى لنفقات الحرب. وأعرب أوباما عن ثقته فى أن الحلفاء سيرسلون قوات إضافية كبيرة إلى أفغانستان لكبح حركة طالبان المتمردة. وأثار الإعلان عن استراتيجية أوباما ردود فعل متباينة داخل الولاياتالمتحدة، حيث بات الرأى العام الأمريكى غير متقبل الخسائر والتكاليف الباهظة للحرب. وحذر أنصار أوباما من أنه ربما يخاطر برئاسته فى حال نشر المزيد من القوات وأنه قد يغرق فى مستنقع فيتنام مجددا، بينما انقسم الديمقراطيون بين مؤيد ومتحفظ. وطالب الأعضاء الديمقراطيون فى الكونجرس الذين يميلون ناحية اليسار بسرعة الانسحاب، بينما أبدى الجمهوريون معارضة شديدة لإعلان جدول زمنى للانسحاب حيث أن ذلك سيعطى إشارات سلبية للأفغان ولتنظيم القاعدة. وفى الوقت نفسه يواجه أوباما هذا الانقسام أثناء مناقشة خطته واعتماد التمويل اللازم لها فى الكونجرس خلال ساعات. وبينما رحبت الحكومة الأفغانية باستراتجية أوباما الجديدة إلا أن القرار أثار شكوك العديد من مواطنى كابول الذين أعربوا عن خشيتهم من نوايا واشنطن وعدم قدرتها على استعادة الأمن، فيما يخشى آخرون من أن القوات الأجنبية تحارب بالوكالة لمصلحة أطراف أخرى، بينما أعلن مسؤول أمريكى أن بلاده تؤيد تعيين منسق مدنى فى أفغانستان لدعم حكومة كرزاى.