حصلت «الشروق» على نص الحكم الصادر من محكمة جنوبالقاهرة بإلزام وزير الداخلية بدفع 200 ألف جنيه على سبيل التعويض لجميلة إسماعيل سكرتير حزب الغد فى قضية حريق مقر الحزب. اتهمت المحكمة قوات الشرطة بالتقاعس والتقصير عن تأمين منطقة حساسة ومهمة وسط القاهرة بها بنوك ومنشآت مهمة ورغم ذلك ظلت النيران تستعر فى مقر الحزب لمدة ساعة دون أى تحرك أمنى لاحتوائه. ولفتت المحكمة إلى أنه تبين لها أن قسم شرطة قصر النيل عين حراسة شرطية يوميا على مقر الحزب، لكنها اختفت خلال الأحداث. وجاء فى الحكم أن المدعية جميلة إسماعيل حررت بلاغا بقسم شرطة قصر النيل قيد برقم 6734 لسنة 2008 إدارى قسم قصر النيل قررت فيه أنه وبتاريخ 6/11/2008 قامت مجموعة من معتادى الإجرام وذوى السوابق تحت قيادة كل من موسى مصطفى موسى ورجب هلال حميدة وبتحريض منهما بالتعدى على مقر الحزب وذلك بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة وكرات النار وزجاجات المولوتوف مما أدى إلى اشتعال النيران بالمكتب وباب العقار الكائن به بقصد الاستيلاء عليه. كما تبين للمحكمة حضور كل من الصحفيين حسن رجب هريدى ومحمود صابر عبدالراضى ورحاب إبراهيم عبدالكريم، وقد قامت المحكمة بمناقشتهم لسماع أقوالهم حول الواقعة وقد التقت أقوالهم فى نقاط محددة تبرزها المحكمة فى أنهم جميعا قرروا ان أنصار موسى مصطفى موسى ورجب هلال حميدة تجمعوا امام مقر حزب الغد فى صباح يوم 6/11/2008 وظلوا يهتفون ومعهم مكبرات صوت لمناصرة موسى مصطفى موسى والمتنازع مع الدكتور أيمن نور على رئاسة حزب الغد . وكان يوجد بعض القيادات من وزارة الداخلية برتب مختلفة وما ان بدأ التعدى على مقر الحزب بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة والمواد الحارقة والكرات المشتعلة حتى اختفى رجال الشرطة تماما وظلت الاعتداءات نحو ساعة دون وجود أمن أفراد الشرطة ثم اشتعلت النيران وذلك كله دون ظهور لأى من رجال الشرطة كما ان عربات المطافى قد حضرت لمقر الواقعة قبل وصول رجال الشرطة. كما ان يوم الواقعة كان مقر الحزب ليس امامه أى حراسة فى حين انه فى أيام المؤتمرات كانت توجد حراسة مكثفة وفى الأيام العادية كانت الحراسة من ثلاثة إلى خمسة أفراد تقريبا. كما ان القائمين بأعمال الشغب قاموا بكسر باب العقار وتحطيمه وإشعال النيران فيه كما حاولوا منع عربات المطافى من القيام بعملية الإطفاء وبعد اشتعال النيران ووصول عربات المطافى بدأ ظهور رجال الشرطة والذين اكتفوا بعمل كردون أمنى لمنع الصحفيين من تغطية الحادث مما ينبأ بوجود خلل أمنى وتقصير من رجال الشرطة فى إطار القيام بواجبهم وقد قررت المحكمة بنهاية الجلسة برد دفترى قيد القضايا لمصدرها مع ضم دفتر أحوال قسم شرطة قصر النيل السالف الإشارة إليه بالجلسة الماضية. كما قامت المحكمة بضم دفاتر الاحوال المنوه عنها بمحاضر الجلسات وبمطالعتها تبين انه يوجد يوميا بند قيام وبند عودة خاص بتعيين خدمة من رجال الشرطة بشارع محمود بسيونى والكائن به العقار الذى تم الاعتداء عليه. كما قامت المحكمة بمشاهدة الاسطوانة المدمجة المقدمة من المدعية بجلسة 3/5/2009 والتى تم تسليم نسخة منها لنائب الدولة بجلسة 21/6/2009 وقامت المحكمة بمطابقة النسخة المقدمة بحافظة المستندات والنسخة المقدمة لنائب الدولة عن طريق تشغيلهما على جهاز كمبيوتر شخصى لاب توب أحضره دفاع المدعية لبيان تطابقهما وتبين تطابقهما ولم يبد نائب الدولة ثمة اعتراض أو ملاحظة وقد تبين للمحكمة من مشاهدة هذه الاسطوانة ان اعمال الشغب والعنف وإلقاء الزجاجات والحجارة والمواد المشتعلة استمر فترة طويلة ولم يظهر ثمة وجود لأى من رجال الشرطة طيلة تلك الفترة كما تبين اشتعال النيران فى باب العقار الكائن به مقر الحزب وإلقاء الطوب والزجاجات والكرات المشتعلة على مقر الحزب واستغاثة المحتجزين فى شرفات مقر الحزب والخاص بالمدعية. وأضافت المحكمة انه توافر عنصر الخطأ فى جانب المدعى عليه بصفته فلا مجال للشك ان ثمة تقصيرا قد توافر فى جانب وزير الداخلية بصفته بشأن دوره فى الاشراف والتوجيه والرقابة على تابعيه والذين شاب عملهم التقصير والاخلال بواجبات ومقتضيات عملهم. حيث ان الثابت من أقوال الشهود والذين استمعت واطمأنت إليهم المحكمة ان أعمال الشغب قد استمرت لمدة تقرب من الساعة ثم اشتعلت النيران دون وجود أى رجل من رجال الشرطة فى حين ان المفترض ان شارع محمود بسيونى الكائن به العقار محل الدعوى توجد به نقطة حراسة كما ثابت من مطالعة دفتر أحوال قسم قصر النيل عن المدة من 1 إلى 10/11/2008 فهل يتصور أن تحدث كل تلك الأحداث والمشاجرات والإتلافات دون أن يبلغ المكلف بالحراسة فى شارع محمود بسيونى قسم الشرطة؟! وفرضا وان غفل أو تغاضى ذلك الشرطى فإن محل الواقعة فى شارع محمود بسيونى المتفرع من ميدان طلعت حرب أى فى منطقة محورية ومهمة وتحتوى على مبان وفنادق وبنوك مهمة للغاية وقد درج تسميتها بمنطقة وسط البلد لأهميتها القصوى وبالرغم من ذلك تحدث كل تلك الأحداث دون شعور من رجال الشرطة فضلا عن ان قسم قصر النيل لا يبعد عن محل الواقعة سوى مسافة أقل ما توصف به أنها قليلة جدا أما وإن حدث ذلك دون وجود رجال الشرطة فإما ان هناك تواطؤا من الشرطة وهو ما تستبعده المحكمة من حساباتها إذ ان مرفق الشرطة درع واحدة للوطن والمواطنين وإما ان هناك تقصيرا وإخلالا فى اداء الواجب المنوط بهم وهو ما ترى المحكمة انه قد توافر فى حقهم لاسيما وأن المدعية قد سبق وأن تقدمت بشكوى حول ذلك الموضوع وحول تلقيها تهديدات من المنشقين عن حزب الغد وقد نشروا ذلك بصفحات جريدة الغد وأقروا بأنهم فى سبيلهم لاستعادة مقر الحزب والنيل من المدعية. رغم كل ذلك لم يقم رجال الشرطة باتخاذ التدابير والإجراءات الأمنية اللازمة فى مثل تلك الظروف ومن ثم قد توافر الخطأ فى جانب رجال الشرطة وهم تابعو وزير الداخلية بصفته ومن ثم فقد استقر الخطأ فى جانبه وأضحى مسئولا عما يترتب على ذلك الخطأ من أضرار. أما من حيث توافر عنصر الضرر فقد ثبت للمحكمة من الصور الفوتوغرافية والصحف المقدمة من المدعية جميلة إسماعيل والاسطوانة المدمجة (C.D) أنها قد تعرضت إلى أضرار فادحة سواء مادية متمثلة فى اتلاف المكتب الخاص بها والذى اشتعلت به النيران فأتلفت محتويات من أثاث ومقتضيات ومستندات وكتب. فضلا عن اتلاف جدرانه وأرضياته كما تعرضت المدعية إلى أضرار معنوية قاسية ذات شقين الأول وهو ما لاقته من ترويع وتهديد واحتجاز وقد نهانا ديننا الحنيف عن ترويع بعضنا البعض فمن روع مؤمنا روعه الله يوم القيامة، أما الثانى فى اللوعة والأسى جراء اتلاف مكتبها ومحتوياته. أما عن عنصر السببية فقد بات جليا انه لولا خطأ تابعه وزير الداخلية بصفته ما لحقت تلك الأضرار بالمدعية فلو أن رجال الشرطة كانوا فى ثوب اجادتهم لاستطاعوا قمع هؤلاء المشاغبين عند بدء اشتعال فتيل أعمال العنف أو لاستطاعوا درء مخطط مثيرى الشغفب ووأده فى هذا لدى ابلاغ المدعية عما تعرضت له من تهديدات قبل الواقعة بعدة أيام فلولا هذا الخطأ والتقصير ما لحقت بالمدعية تلك الأضرار.