إن أحداث سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة الأميريكية قد أتت بحملة عالمية ترفع راية لا غبار عليها إذ يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب 0 لكنها فى الحقيقة كانت عبارة عن مزيد من الفرص للقوى المعادية للإسلام والتى إنساق وراءه البعض فى البلدان الإسلامية لشن حملات على كل ما هو إسلامى0 ومع هذا الحق الذى ينبغى أن يقال هو أن الإحساس بالأزمة التى عاشتها وتعيشها الأمة الإسلامية والعربية وكذا التساؤل القائم حول هذه الأزمة والخلافات المحتدمة حول أسباب نشأتها 0 ومن ثم حول سبل تجاوزها والخلاص من عللها وأعراضها 0 ومع الإتفاق مسبقا على أن هناك سبب رئيسى من أسباب أزمة الأمة ومأزقها ومعلم من معالم جمودها وتخلفها0 وأنه مها تعددت جهود اليقظة الإسلامية والإجتهاد الإسلامى وتنوعت أو إختلفت إزاء أزمة الفكر الإسلامى ومأزق الأمة الإسلامية0 فلا يعتقد أن هناك مجالا للخلاف على ضرورة وأهمية بل وجوب أن يتحرك وبسرعة وفى أقرب وقت قوم من مفكرى الأمة الإسلامية فى عصرنا الحالى فيعكفون على صياغة الإسلام كبديل حضارى للنموذج الغربى الوافد والمهين على القطاع الأكبر والمؤثر فى واقعنا وفكرنا0 وكبديل أيضا عن التخلف الموروث الذى قيد قدرات الأمة وأفقدها القدرة على الإبداع وعلى أهمية وضرورة تحديد معالم هذا البديل الحضارى الإسلامى كدليل عمل لكل العاملين فى إطار النهضة الإسلامية فى مختلف الميادين0 وأن يكون ذلك ببذل الجهد فىالمساهمة فى الإنتاج الحضارى والجدال بالتى هى أحسن واعتماد العقلية النقدية وضرب المثل والقدوة فى السلوك والحوار والعمل العام والخاص0 هذا وقد نشأ نظام تعليمى لا دينى فى عالمنا العربى والإسلامى يلقن القيم والمفاهيم بالأساليب الغربية وهذا مما أغرق المجتمع الإسلامى والعربى بأجيال من الخريجين حملة الشهادات العلمية العليا يحملون علما فى تخصصاتهم 0 ولكنهم على قدر كبير من الجهل بأمور دينهم وتراثهم الإسلامى إضافة إلى عدم الثقفة بالعلماء المسلمين حماة التراث الإسلامى وحملته 0 إضافة إلى أن كثير منهم أيضا متمسكين متشبثين بحرفية الموروث جملة وتفصيلا دون التمييز بين مالا يجوز تجاوزه من أحكام الكتاب والسنة وبين ما وسع الله فيه من فقهة الرجال وأرائهم0 ضف إلى ذلك أن الحركات الإستقلالية فى جميع الأقطار العربية والإسلامية قد قامت على أسس قومية وإقليمية ضيقة ومحدودة0 كما ظهرت فى كل قطر قيادات طبعا تؤمن بالواقع الإنفصالى عن الأمة العربية والإسلامية0 كما أنه من جهة ثانية قد برزت فى الوجود كيانات سياسية حددت لها معالم جغرافية قد تطورت مع بداية عهد الإسلال ليصبح كل منها دولة ذات كيان إجتماعى واقتصادى مستقل 0كما لا ننسى بأن جميع الأقطار الإسلامية تعنى ومنذة فترة ليست بالقصيرة من التخلف وهذا طبعا منذ بدأ توقف الحضارة الإسلامية عن دورها القيادى فى الإنتاج الحضارى بعد الغزوين المغولى والصليبى خاصة0 كما أن الفترة التى سبقت الإستعمار الحديث قد كانت فترة خمول حضارى وثقافى فى العالم الإسلامى0 كما أن النشاط الثقافى والعلمى كاد أن يكون قاصرا على التقليد والتكرار0 هذا وقد بدأت الأقطار الإسلامية تقع منذ أواخر القرن الثامن عشر تحت سيطرة ونفوذ الدول الغربية المستعمرة 0 وحتى وإن كانت هناك بعض المحاولات الإسلامية للتحرر من الإستعمار وإعادة الأمة الإسلامية أمة واحدة متحررة لكن قوى الإستعمار حرصت كل الحرص منذ البدء وإلى الآن على التصدى لهذه الحركات وإفشالها بكل الوسائل والإمكانات التى تتغير وتتبدل وفقا لتبدل الزمان وتغير الظروف0 كما أدى إنتشار الجهل والخرافات والأمية بين العرب والمسلمين نتيجة لعوامل عدة إلى دفع المسلم العادى إلى النكوص والركون إلى الإيمان الشكلى وكذا التقليد الأعمى والتقيد بالتفسير الحرفى لدعاة الخرافة0 وهذا طبعا مما أوجد فى نفسه قدرا كبيرا من الضعف والعجز فى مقاومة التحديات والتأثيرات الخارجية0 وعندما داهمه العالم الحديث أدى ضعفه السياسى والعسكرى والإقتصادى إلى خوفه وا رتباكه 0 طبعا وتحت تأثير هذه الصدمة سعى إلى حلول وسطية لإصلاح حاله 0 إعتقادا منه أن العصا السحرية التى ستعيد إليه بسرعة كل ما أضاعه وفاته0 0 وهكذا طبعا لجأ دون وعى أو إدراك بالنسبة للجمهرة الكبرى وإلى حد كبير وقدر من الوعى والإدراك بالنسبة لبعض من يسمون نخبا ثقافية إنبهرت بالنموذج الحضارى الغربى0 إلى إعتماد الوسائل والأفكار الغربية بعد أن سبقت له مبررات وزيفت له حجج وأسانيد 0 وبعد أن زين له مستشاروه المحليون غربيو التفكير محاولة تقليدها0 أما فى المناطق الخاضعة للإدارة الإستعمارية فقد فرض طبعا النهج الغربى وقام أولو الأمر بالترويج له بكل ما توافر لديهم من وسائل0كما أن الأمة العربية والإسلامية قد إحتقنت عليها الواقف وتكاثرت عليها وقد أصبح أمامها مشاكل لا تحصى ولاتعد مشاكل متشابكة ومتفاقمة فهى اليوم ترى غيرها من الأمم تواص قفزاتها إلى الأمام وهى فى مكانها لم تستطع أن تبرحه وأن خطوها لا يعينها على تجاوز الفجوة بل هى اليوم ترى خطواها يدفع بها إلى الخلف 0 فالأمة العربية وهى فى هذا الحال لابد لعلمائها ومصلحوها وزعمائها من تسيخير فكرهم وعلمهم لإخراجها و تجاوزها لأزمتها ومواجهتها بكل قوة واقتدار0 كما أنهم لا يجب أن يقفوا عند هذا الحد بل يساعدها كذلك على أن تصل إلى يبوؤها مكانة مرموقة بين الأمم0 وأن تحقق وصف الخالق سبحانه وتعالى لها بأنها خير أمة أخرجت للناس علما بأن هذا الوصف ليس وصفا لحالة موروثة بالفطرة تتسلمه جاهزا 0 وإنما هو إستحقاق مكتسب لا يجئ إلا نتيجة مجاهدة واجتهاد ونتيجة مكابدة وكد ونتيجة مثابرة ومصابرة 0 لكن الشئ الملاحظ اليوم فى عالمنا العربى أن معظم بلدان العالم الإسلامى فى القرن الأخير قد إبتعدت عن تطبيق شرع الله لسبب أو لآخر فأصابها الضعف والوهن والهوان 0 لذ اعلينا اليوم كعرب أن نتعامل مع ماضينا من خلال مجالين أساسيين ومهمين وهما طبعا الأول هو ما يتصل بعموم الحركة الحضارية الإسلامية0 والثانى طبعا هوكل ما يتصل بالإرث التربوى الذى صنعته العقول الإسلامية 0 ثم بعد لابد من أن تكون هناك إطلالة على عدد من المشكلات والتحديات التى تواجه الأمة فى وقتنا الراهن وانسجاما مع تلك المسلمة التى تقول بأن التربية على وجه العموم تستمد بعض مواجهاتها بالضرورة من واقع الناس وحاضرهم تمهيدا للإنطلاق إلى محاولة تطلع إلى آفاق نأمل أن يتحرك واقعنا إليها مستقبلا0 لذا أقول لابد لنا اليوم كعرب مسلمين من الإنطلاق فى طريق المعرفة التربوية الإسلامية وخاصة فى هذه الظروف التى يعيشها الصعبة وهذه المرحلة الحرجة التى يعيشها عالمنا العربى والإسلامى إضافة إلتى أحاطت الإسلام والمسلمين والفكر الإسلامى بكثير من الشبهات الظالمة0 كل هذا فى ظل إيماننا بأن الإسلام عقيدة لبناء الإنسان الذى يتقى الله ويخشاه ويحب لأخيه ما يحب لنفسه 0 ويتأمل ويتدبر ويجادل الآخرين بالتى هى أحسن حتى يقوم بمسئولية الخلافة عن طريق التعمير والبناء0 كما أننا اليوم فى حاجة إلى تغيير فى شخصينا بحيث هذا التغيير يكون محققا لما تتفق عليه شعوبنا من قيم ومعايير وتتطلع إليه من آمال وطموحات وما ترتبط به من مثل عليا 0 ويسير بالمجتمع العربى والإسلامى فى الطريق المؤدى إلى الخير الشعوب والأمم 0 وأن يكون الصالح العالم مضبوطا بمقاصد الشريعة 0