هل مِن خبَرٍ عند ذوِى علْمٍ لِهذا المُبتدأْ؟ بضعةُ أعوامٍ وما مِن أحدٍ بذلك السؤالِ قد عبَأْ! بضعةُ أعوامٍ.. وذلك السؤالُ حائرٌ يبحثُ عن إجابةٍ شافيةٍ.. وما فَتِئْ! *** *** *** قالوا: لقد أوشكَت الثورةُ أن تنجحَ.. شِئنا.. غيرَ أن اللهَ لم يشأْ! ونحن لا نعلَمُ: هل أُصيبت الثورةُ بالطاعونِ؟ أم باليرَقانِ ذلك الميدانُ قد وَبِئْ! لكنْ صَحَوْنا.. فإذا الميدانُ كالصحراءِ.. والثوَّارُ قد طاحتْ بهمْ دوَّامةُ الأنواءِ.. والثورةُ ظلتْ وحدَها كالناقةِ الدَّبْراءِ.. ترْعَى ما تبقَّى من كَلأ! والآن لاقتْ حَتفَها وهذه جثتُها فى باحةِ الميدانِ.. حامتْ فوقها الغِربانُ والحِدَأْ ********* قلتُ لهم كلَّا.. فإن الداءَ فينا نحنُ ما أتعَسَنا! لو يعرفُ الواحدُ مِنكمْ: أىَّ جُرحٍ ناغِرٍ نكَأْ! بضعةُ أعوامٍ.. ونحنُ بعدُ لا نُدركُ: مَغزَى ما طرأْ! ما كانَ للثورةِ أن تنجحَ حقٌّا ثُم تستمرَّ فى طريقِها ما دامَ فينا المُرجفُونَ والمُنافقونَ.. والذين لم يصدِّقوا بعْدُ النبأْ! ما دامَ فى الميدانِ مَن كانَ: على الطَّاعةِ والإذْعانِ قد نشَأْ ما دامَ فِينا: مَن يُقدِّسُ الطُّغاةَ.. مَن يَرَى البُغاةَ أربابًا وينحنِى لهم على المَلأْ! *********** لا تنجحُ الثورةُ بالعاطلِ والباطلِ.. لا تنجحُ إلا إنْ بَدأناها من الداخلِ.. كى نُطهِّرَ النفوسَ من أدرانِها نحرِّرَ العقولَ من أوثانِها لا نَحجُبَ الشمسَ.. لكى نُخبِّئَ النورَ عن العيونِ.. ثم نختبِئْ! ***************** يا أيها السادةُ: لا تتَّهِموا الثورةَ زُورًا لا تقولوا: إنها ماتتْ وإن نارَها خبَتْ.. ونُورَها انطفأْ فهى- وإنْ لم تعرفوها كلُّكمْ- تعرفُكُم تعرفُ كلَّ مَن بها هَزَأْ تعرفُ مَن أحبَّها.. والأبتَرَ الذى شنَأْ! تعرفُ مَن مزَّقَ عنها ثوبَها عمْدًا.. فعرَّاها ومَن رَفأْ تعرفُ مَن خانَ.. ومن هانَ.. ومن ظلَّ على إيمانِهِ فى صفَّها ملوِّحًا بسيفِها يا أيها السادةُ: لا.. لم تَمتِ الثورةُ حتْفَ أنفِها لا والذى قد خلقَ الإنسانَ مِن حمَأْ! ************** لم يَخمُدِ البركانُ.. حتى إن بدا كأنهُ هدَأْ ففى غدٍ: إنْ هى إلا أنْ تزولَ قِشرةُ الصدَأْ حتى ترَوْها حيةً قد أشرقتْ تُصلحُ مِن طريقِها ما غارَ.. أو نتَأْ نعمْ.. غدا ترَوْنَها قد كتبَ الشهيدُ بالدمِ على جبينِها: يخسرُ كلُّ مَن على حريةِ الشعبِ اجترَأْ يومئذٍ.. ليس على كلِّ مُريبٍ مُستبدٍّ غيرَ أن يحفظَ ما قرأْ! غدًا إذا المصرىُّ مِن سباتِهِ أفاقَ.. مِن عِلَّتِهِ برِئْ ليصبحَ الميدانُ عن آخِرِهِ قد امتلأْ فامتلأتْ كلُّ الميادينِ معًا وأصبحتْ واحةَ أمْنٍ دائمٍ لكلِّ مَن لجأْ يومئذٍ يؤمنُ بالثورةِ كلُّ مَن صبَأْ! **************** غدًا إذا عاد لنا الهدهدُ بالأنباءِ مِن سبَأْ سيعرفُ الكافةُ: أنَّ الثورةَ الغراءَ: بعدُ ما انتهتْ وإنما: مِشوارُها بدأْ … … … مشوارُنا بدأْ