حرم الأزهر الشريف ، لعبة الكونكر الإلكترونية التي يلعب فيها أكثر من شخص - في وقتًا واحد - على رصيد وهمي من النقود "على شكل نقاط" ، مقامرين بهذه النقاط للربح أو الخسارة ، وذلك لمخالفتها للشرع والدين واحتواؤها على القمار . وقال الأزهر من خلال مركزه العالمي للفتوى الإلكترونية : أن القمار أو المراهنة من الميسر المُتَّفق على حرمته شرعًا ، فقد أمر الله تعالى باجتنابه في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة:90، 91] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف منكم ، فقال في حلفه : باللات والعزَّى ، فليقل: لا إله إلا الله ، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرْك ، فليتصدق)[أخرجه البخاري] ، ويتصدق لأنه دعا غيره إلى القمار، علّ الله عز وجل يذهب السيئة بالحسنة ، فكيف بمن قامر بالفعل؟! . وتابع الأزهر على لسان مركزه العالمي للفتوى : فالقمار كبيرة من كبائر الذنوب ، قال القليوبي: ("فلا يصح" - أي القمار- أي وهو حرام وأخذ المال فيه كبيرة كما مر ، ويحرم اللعب بكل ما عليه صورة محرمة ، وبكل ما فيه إخراج صلاة عن وقتها أو اقتران بفحش)(حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 321) ، والحكمة من تحريم القمار وما يدخله من ألعاب واضحة جلية ، تظهر من حوادث الواقع ، حيث لا يخلو مجلس قمار من شقاق وشجار وتشاحن وبغضاء ، وربما وصل الأمر للتقاتل ، ولا ريب أن الشارع الحكيم قد أغلق الأبواب المؤدية إلى النزاع والشقاق ، وشرع لهذا تشريعات . وأكد الأزهر : أن إدمان القمار هو سبب من أسباب تعاسة الإنسان ، وفساد أخلاقه ، ودافع من دوافع الجريمة ، وحكم هذه اللعبة وما شابهها من الألعاب هو الحرمة ؛ إذ أن اللعب بالصورة المذكورة لا يخلو من أمرين أولاً : إما أن يكون محاكاة للقمار المحرم ، فيصير اللعب محرمًا ، لما في محاكاة القمار من تهوين لإثم المعصية وخطرها في نفس اللاعب ، وما يَجُرُّه من دُرْبة وجرأة عليها ، خصوصًا وأن أكثر اللاعبين - أطفالًا أو شبابًا- في مُقتبل أعمارهم ، ناهيك عمّا في هذه الألعاب من التشبُّه بأهل المعصية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من تشبَّه بقوم فهو منهم) أخرجه أبو داود ، فينبغي الابتعاد عن التشبُّه بأهل المعصية ؛ حسمًا لمادة الحرام ، وقطعًا للجرأة على الدين ، وثانيًا : وإما أن يكون قمارًا بالفعل في حالة ما إذا حوَّل اللاعب مكسبه من نقاطٍ وهمية إلى نقود حقيقة ، أو اشترى النقاط الوهمية بنقود حقيقة ، وهو محرم أيضًا ، لكون هذه الصورة هي الميسر بعينه ، والله عز وجل يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة: 90] ، وإذ أُضيف إلى هذا ما عُرف عن هذه اللعبة من إدمان الأطفال لها ، وما دفعتهم إليه من سرقة وتضييع للأوقات ، وتفريط في حق الله تعالى وطاعة الوالدين تأكد الحكم بالحرمة . وقدم الأزهر الشريف ، بعدما بيُن مركزه العالمي للفتوى الإلكترونية حكم هذه اللعبة وما شابهها من الألعاب ، عددًا من النصائح لحماية النشء والشباب من الوقوع في مخاطر تلك الألعاب الإلكترونية ، ولبناء شخصايتهم بناءًا صحيحًا ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ ، وكلكم مسئول عن رعيته) أخرجه البخاري ، وهي : متابعة الطفل بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة ، ومراقبة تطبيقات هواتف الأبناء وعدم تركها بين أيديهم لفترات طويلة ، وشغل أوقات فراغ الأطفال بما ينفعهم من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة ، ومشاركة الطفل فى جميع جوانب حياته مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له ، وتنمية مهارات الطفل وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته ، والتشجيع الدائم للطفل على ما يقدمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء ، ومنح الأبناء مساحة لتحقيق الذات وتعزيز القدرات وكسب الثقة ، وتدريب الأبناء على تحديد أهدافهم ، واختيار الأفضل لرسم مستقبلهم ، وحثهم على المشاركة الفعالة والواقعية في محيط الأسرة والمجتمع ، وتخير الرفقة الصالحة للأبناء ، ومتابعتهم في الدراسة من خلال التواصل المستمر مع المعلمين وإدارة المدرسة ، وتعريف الأبناء قيمة الوقت ، وخطر المحرمات - كالقمار- على النفس والمال .