في مبادرة ثقافية هامة لمشروع جامعة القاهرة للترجمة برعاية د. جابر نصار رئيس الجامعة والذي عهد به إلى مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية بإشراف الدكتور محمد عثمان الخشت مدير المركز بهدف تعميق الدور الثقافي والتنويري لجامعة القاهرة وتحسين قدراتها التنافسية في مجال الترجمة والنشر الأكاديمي عن طريق ترجمة أفضل ما قدمه العلماء والمفكرين والكتاب من بحوث أكاديمية وتقارير محكمة وأعمال فكرية باللغات المختلفة في كافة المجالات المعرفية والتي تشهد نموا هائلا على المستوى الدولي . فقد أنهى مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة ترجمة كتاب هام من اللغة العبرية إلى العربية بعنوان : "أكاذيب عن السلام" لمؤلفته الكاتبة اليهودية الإسرائيلية تنيا رينهارت وهي ناشطة سياسية وأستاذة جامعية بجامعة تل أبيب قادت حملة دولية ضخمة عام 2002 تحث فيها على مقاطعة الجامعات الإسرائيلية التي التزمت الصمت إزاء الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني حتى استجابت لها بعض الجامعات البريطانية والفرنسية.وخلال إحدى موجات العدوان الإسرائيلي على غزة كتبت تقول : "جيش الدفاع جائع للحروب فمن أجل ماذا تقاتلون". وكانت بداية مواقفها الفكرية تجاه القضية الفلسطينية عقب التوقيع على اتفاقيات أوسلو لأنها رأت مع أقلية من الإسرائيليين أنها إجحاف بحق الفلسطينيين.وعندما انتهك شارون ساحة المسجد الأقصى ومعه ألفا شرطي كتبت تقول : إن مسؤولية المذبحة التي وقعت لايتحملها شارون وحده ، بل يشاركه في المسؤولية آخرون بمن فيهم أعضاء معسكر السلام ، لأنهم يعلمون أن ذلك سيشعل النار في الأراضي المحتلة". وركز كتاب "أكاذيب عن السلام" على عصر مابعد انتفاضة أوسلو بعد أن أصبح واضحاً كما تقول الكاتبة أن هناك آلية لحجب المعلومات في المجتمع الإسرائيلي لفهم مايجرى في الواقع ويمتد هذا الحجب إلى وسائل الإعلام الغربية. ويعتمد الكتاب في الأساس على الوقائع التي جرت بعد أن قرر باراك والمنظومة العسكرية إلغاء اتفاقيات أوسلو ، فيما يكشف الكتاب عن بعض أكاذيب السياسة الإسرائيلية التي تعاون فيها رئيسي الوزراء الإسرائيليين ياهود باراك وبنيامين نتنياهو بشأن سعي اسرائيل لتحقيق السلام ولجوء وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى خلق مفاهيم كاذبة توحي بأن القيادة الإسرائيلية تعتزم التفاوض على الانسحاب بينما كانت أحاديث تلك القيادة تشيد بالمستعمرين في الضفة الغربية. ويكشف الكتاب الذي ضم 10 فصول مدى الزيف فيما تدعيه إسرائيل عن التعنت السوري في مفاوضات السلام ، حيث يشير الكتاب من خلال المواد المنشورة بأن سوريا كانت الأسبق إلى تقديم لفتات تعبر عن نيتها وسعيها لتحقيق السلام في الوقت الذي امتنعت فيه إسرائيل عن تقديم أي تنازلات ولم تسع إسرائيل إلى التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين إلا من أجل الحصول على تنازلات وتمتنع عن تنفيذها بحجة خرق الجانب الفلسطيني للاتفاق حتى تبدأ بطلب إعادة المفاوضات للحصول على تنازلات أخرى. ويكشف الكتاب على أن اتفاقية أوسلو لم يرد فيها في أي موضع كلمة انسحاب وهو مايدل على أن إسرائيل لم يكن في نيتها على الإطلاق الانسحاب من المناطق الفلسطينية للتواصل إلى وجودهم محاصرين في الضفة الغربية وقطاع غزة ولجأت إلى استخدام مصطلح "إعادة الانتشار خارج التجمعات السكانية" والتي لايمكن وصفها بأنها انسحاب . وتساءلت الكاتبة كيف قبلت القيادة الفلسطينية بذلك ، ولكنها أكدت أن الإسرائيليين أقنعوا الفلسطينيين بحساسية الشعب الإسرائيلي تجاه كلمة انسحاب إلا أن الفلسطينيين تعلموا الآن أن كلمة انسحاب ليست كلمة خارجة. كما تناول الكتاب بعض الحقائق التي تشير إلى انسياق الجانب العربي إلى مايصفونه بالضمانات الأمريكية ، وإلى قدرة الإسرائيليين على التلاعب بالقادة الأمريكيين وكيف يمكن أن تكون ضماناتهم بدون قيمة ، وتلفت الكاتبة إلى ضرورة أن يكون الالتزام الذي يمكن أن يحصل عليه الجانب العربي هو التزام إسرائيلي يضمنه المجتمع الدولي. وقال د. محمد عثمان الخشت مدير مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة أن هذا الكتاب يمكن أن يسهم في تعريف الباحث والقارئ العربي بالمجتمع الإسرائيلي من كافة الجوانب وبالمنطق الذي يفكر به القادة الإسرائيليون ، مشيراً إلى أن مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة وبدعم من د. جابر نصار يقوم حالياً وفي إطار مشروع جامعة القاهرة للترجمة بترجمة بحوث أكاديمية وتقارير محكمة ونصوص إعلامية من اللغات اليابانية والصينية والأسبانية ليكون المشروع قد ترجم بأغلب اللغات بعد ترجمة أكثر من 40 كتاباً من اللغات الإنجليزية والفرنسية واليونانية والعبرية والفارسية.