العلاقات بين مصر وأمريكا تمر بلحظة دقيقة وحساسة.. حملة مصر على منظمات المجتمع المدني ستؤثر على برنامج المعونة.. تحذير للقاهرة من عواقب وخيمة.. كل ذلك تصريحات لمسئولين أمريكيين وصحف أمريكية تؤكد أن العلاقة بين مصر وأمريكا تشهد توترا لم تشهده من قبل.. وذلك بعد القبض على 19 أمريكيا في أزمة منظمات المجتمع المدني.. فقد ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن عددا من كبار المسئولين الأمريكيين شددوا على أن مصر تخاطر بمئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات أمريكية وعواقب أخرى بعد إعلان الحكومة عن توجيه الاتهام لعشرات من الأجانب، ومن بينهم سام لحود ابن وزير النقل الأمريكي راي لحود، بالتدخل بشكل خاطئ في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر. وأوضحت الصحيفة أن هذا التصعيد للتوترات الرسمية جاء في وقت قرر فيه وفد من الضباط العسكريين المصريين، كان من المقرر أن يجتمع مع عدد من الأعضاء البارزين في مجلسي النواب والشيوخ هذا الأسبوع، العودة إلى مصر بناء على استدعاء من القاهرة دون تفسير ،حسبما ذكرت الصحيفة. واستعرضت الصحيفة تصريحات من جانب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني والمتحدثة باسم الخارجية والسفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس بشأن منظمات العمل المدني، وقالت وفقا لمصادر في الكونجرس إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طلبت بهدوء من المشرعين الأمريكيين الضغط على مصر اعتمادا على المساعدات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لمصر، خاصة خلال ما تشهده حاليا من أحداث. ونقلت الصحيفة عن مصادر بمجلس الشيوخ أنه من المتوقع أن تقوم مجموعة من المحافظين الجمهوريين في مجلس الشيوخ اليوم بطرح إجراء يدعو إلى خفض أو حتى إلغاء المساعدات الأمريكية لمصر. وأشارت صحيفة "بوليتيكو" في تقريرها إلى أن المواجهة المستمرة بشأن العاملين بالمنظمات غير الحكومية الأمريكية قد هزت أصدقاء مصر في الكونجرس ومؤيدي برنامج المساعدات العسكرية لها، مشيرة الى أنهم أصبحوا في موقف حرج في ظل دفع القاهرة لثمن الوضع الحالي في صورة وقف 1.3 مليار دولار التي كانت ستوضع في حساب فائدة ليكون تحت تصرف مصر لتغطية تمويل المساعدات العسكرية الأمريكية. وقال عضو بمجلس الشيوخ "هناك اثنان من الخطوط الحمراء في الوضع الحالي، وهما أولا حبس مواطنين أمريكيين وأجانب، وثانيا حاجة الحكومة المصرية إلى "الشفافية"، وهي تتحرك نحو وعد الإصلاحات الديمقراطية. فإلي أين تذهب العلاقات المصرية الأمريكية؟!.. وما هي نتائج ما يحدث؟.. وهل انتهت الصداقة المصرية الأمريكية بعد تنحي مبارك؟!.. وأين الدبلوماسية المصرية فيما يحدث؟!.. وهل بالفعل مصر تخاطر بما تفعله؟!.. يقول د. عبد الله الأشعل- مساعد وزير الخارجية سابقا وأستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية: الولاياتالمتحدة تشعر بدهشة كبيرة مما تفعله مصر، وخصوصا أن تلك المنظمات تعمل في مصر من زمان، وقبل الثورة كانوا يساندون الحركات الاحتجاجية وكان مبارك مستاء منهم ولكن بدون أن يأخذ أي إجراء ضدهم عكس ما فعله المجلس العسكري، وهناك تفسير يقول أن ما يحدث الآن هو أن مبارك له ثأر مع الأمريكان لأنهم لم يقفوا بجانبه ولذلك يريد أن تدفع البلد الثمن، وفي الكونجرس لديهم غضب كبير، ويلوحون بالمساعدات العسكرية لأن المجلس العسكري هو الذي يحكم البلد الآن، وفي نفس الوقت هناك اضطراب أمريكي، بجانب أن فكرة الوطنية غير واردة في العلاقات الدولية ولكنها في النهاية مسألة مصالح، فأري أن التصعيد الأمريكي سيظل موجود، وأري أيضا أن الأزمة بمثابة فقاعات بين بلدين لا تزال هناك قواعد تتحكم فيها، وأري أن تلك الأزمة ستنتهي بدون خسائر، ومن تم القبض عليهم من الممكن أن تصل القضية إلي أنه لا توجد أدلة كافية، فأمريكا لديها ملفات كبيرة تستطيع أن تستخدمها ضد مصر، مثل المعونات أو من الممكن أن تستخدم مجزرة بورسعيد وتقول أنها إبادة ضد بشر وتوصل الموضوع للمحكمة الدولية، ولكن في رأيي الموضوع سينتهي بدون مخاطرة من مصر وبدون خسائر. ويقول السفير هاني خلاف: لم يستجد أي جديد فيما يحدث الآن، فمثل هذه القضايا التي نري فيها شد وجذب بين مصر وأمريكا موجودة طوال الوقت منذ عهد السادات ومبارك، ولكن الجديد هو أننا بدأنا نعلن عنها، ولكن كانت هناك بعض القضايا موجودة من قبل مثل إلقاء القبض على مصريين في أمريكا أو الاشتباه في بعض العناصر الإرهابية، ولكن أن يفتح النائب العام الموضوع ويعلنه فهو تطور جديد في روح الانفتاح والشفافية التي بدأنا نتخذها، ومن الممكن أن تفتح تلك الملفات مع دول عربية لها نفس الدور، ولكن فكرة الاستماع إلي بعض التهديدات تخرج من أمريكا وشروط سياسية للمعونة فكل ذلك لا يصح أن يأتي من دولة تعرف احترام القانون. أما د. منال الشوربجي- أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية- تقول: ما يحدث الآن من أزمة بين مصر وأمريكا الغامض منه أكثر من المعلوم، لأن التصعيد من الجانبين غير مفهوم، وخصوصا أنه يحدث في هذا التوقيت، فهناك أشياء غير معروفة، ولم نجد من يقول ما الذي يحدث، وبالتالي فالمعلومات التي لدينا بخصوص أزمة منظمات المجتمع المدني ليست السبب في التصعيد الحالي، فهناك شئ مبهم في الموضوع لم تقال حتى الآن