قالت صحيفة (النيويورك تايمز) الأمريكية إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد بدأ في اتخاذ خطوات لمعالجة العلاقات المتوترة مع الولاياتالمتحدة، وذلك عبر إرساله وفدًا عسكريًّا إلى أمريكا للقاء نظرائهم هناك فضلاً عن المشرِّعين. وأضافت أن الوفد الذي زار أمس مقر القيادة المركزية الأمريكية غادر القاهرة بالتزامن مع توتر العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة، وأشارت إلى أن السفارة الأمريكيةبالقاهرة رفضت التعليق على قرارها توفير المأوى لثلاثة مواطنين أمريكيين لحمايتهم من الاعتقال في القضية المتهم فيها 4 منظمات غير حكومية مدعومة أمريكيًّا بتمويل منظمات المجتمع المدني المصرية بشكل غير قانوني. وتحدثت الصحيفة عن أن منح الأمريكيين الثلاثة المأوى من قبل السفارة الأمريكية مؤشر جديد على انخفاض العلاقات بين القاهرةوواشنطن؛ التي هدَّدت مؤخرًا بوقف المساعدات العسكرية السنوية لمصر والتي تبلغ 1.3 مليار دولار إذا فشل المجلس العسكري في اتخاذ خطوات باتجاه التحول الديمقراطي. وذكرت الصحيفة أن قرار السفارة الأمريكية بتوفير الحماية لمواطنيها خوفًا من اعتقالهم يأتي بعد أسبوع من إعلان السلطات المصرية منع ستة أمريكيين يعملون بالمعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني- وهما المعهدان اللذان تربطهما علاقات وثيقة بقادة الكونجرس الأمريكي- من السفر خارج مصر بسبب التحقيق الجنائي الذي يجري حاليًّا في اتهام المعهدين بانتهاك أحكام وقواعد التمويل الأجنبي وتمويل الاحتجاجات التي تهدف إلى زعزعة استقرار مصر أو إسقاط الدولة وكانت قد رفضت السفارة الأمريكية في القاهرة الإفصاح عن أي تفاصيل تخص المواطنين الأمريكيين الذين لجأوا إليها عقب منعهم من السفر على خلفية التحقيقات الجارية بشأن عدد من المنظمات الأهلية المصرية والأجنبية. لكن موظفة بالسفارة الأمريكية قالت إنه من غير المعتاد أن تفتح السفارة أبوابها لحماية أمريكيين يخضعون لتحقيقات قضائية في مصر، وأضافت: "على مدى ثلاثين عاما على الأقل لم يحدث أمر كهذا من قبل"- حسب تقرير لشبكة BBC- وكانت السلطات قد منعت الأسبوع الماضي سام لحود مدير مكتب المعهد الجمهوري الدولي في مصر – وهو نجل وزير النقل الأمريكي راي لحود – وعدد من الأمريكيين العاملين بالمعهد من مغادرة البلاد. ولم يصدر بعد رد فعل رسمي من المسؤولين المصريين على الخطوة التي اتخذتها السفارة، ورفضت مصادر بوزارة الخارجية المصرية التكهن بالتداعيات المحتملة لهذا الاجراء ، مفضلة الانتظار حتى يتبين إذا ما كانت السفارة الأمريكية ستقوم بمنع جهات التحقيق المصرية من استدعاء الأمريكيين أو إلقاء القبض عليهم إذا استدعت الضرورة. وتقول مديرة إحدى المنظمات الحقوقية الدولية العاملة في القاهرة، إنه ربما تنامى إلي علم الأمريكيين أن سلطات التحقيق المصرية على وشك أن تصدر مذكرة اعتقال ضد لحود أو زملائه مما دفعهم للجوء إلي السفارة الأمريكية، مضيفة أنه في حالة إلقاء القبض عليهم أو إحالة القضية إلي المحكمة فستتعقد الأمور كثيرا. ورجحت مديرة المنظمة الحقوقية أن يأتي الرد في تلك الحالة من الكونجرس الأمريكي بمنع تجديد المعونة العسكرية إلي مصر هذا العام، لافتة إلي أن لجنة الاعتمادات بالكونجرس ربطت قبل أشهر بين تجديد المعونة وبين التزام مصر بعدد من الشروط من بينها احترام حرية التعبير وإنشاء الجمعيات المدنية. ويقر مسؤولون بوزارة الخارجية المصرية بدقة الموقف. فرغم أن التهديد بقطع المعونات أمر يكاد يتكرر كل عام، إلا أن المسألة هذه المرة أكثر جدية، حسب وصفهم. فالأمريكيون يشعرون بغضب حقيقي إزاء تعامل القاهرة مع ملف المنظمات الأهلية، خاصة وأن اثنتين من المنظمات تابعتان للحزبين الجمهوري والديمقراطي وتربطهما علاقات وثيقة بدوائر صنع القرار في واشنطن. ومع ذلك فإن السلطات المصرية لا تملك أن توقف التحقيقات الآن، حسب المصدر الديبلوماسي. "المسألة خرجت عن السيطرة وأصبحت تمثل ورطة للجميع"، يقول المصدر. فالمجلس العسكري "لا يريد تصعيد الموقف"، لكن السلطة القضائية تباشر عملها بشكل مستقل وقد وصلت الأمور إلي حد لا يمكن معه للمجلس العسكري أن يتدخل لوقف التحقيقات وإلا صار موقفه محرجا للغاية. الأمر الوحيد الذي تملك الحكومة المصرية أن تقوم به حاليا، كما يقول المصدر، هو التعجيل بتسجيل المنظمات محل التحقيق لكي يتم توفيق أوضاعها القانونية، ولكن حتى لو تم ذلك فإنه لن يطبق بأثر رجعي، مما يعني أن أية مخالفات تم ارتكابها في السابق ستضع أصحابها تحت طائلة القانون. ويقوم حاليا وفد عسكري مصري بزيارة الولاياتالمتحدة، وهي زيارة قال المصدر الديبلوماسي إنه كان مخططا لها مسبقا في إطار التنسيق المعتاد بين المؤسستين العسكريتين في البلدين، إلا أن المباحثات ستتطرق بلا شك إلي الأزمة الحالية حسب المصدر