خطيئة النظام السابق أنه كان يحل كل مشاكل الدولة بالأمن المركزي.. والقضايا السياسية تحل بقرارات سياسية لا دخل للشرطة فيها «يا عسكري أنا أصلي بس باستغرب.. لو لاقي تاكل وتشرب.. قوم يا عم اضرب.. اضرب عشان الوزير من ضربتك يطرب.. لكن هتشتغل إيه لما الوزير يهرب؟» هكذا وصف الشاعر «تميم البرغوثي» حال عساكر الأمن المركزي في قصيدته «يا مصر هانت وبانت» التي ألقاها يوم جمعة الغضب 82 يناير.. الكلمات تلخص حال هذا القطاع الأمني المهم في النظام السابق.. قبضة باطشة يضرب بها النظام كل من يعارضه لتنقلب مهمته الرئيسية من درع الشغب إلي ردع الشعب. الآن يتحدث المجتمع عن أن الأمن المركزي بعد الثورة يجب أن يختلف كما قبل الثورة.. البعض يطالب بإلغائه.. أو تقليل أعداده التي قيل أنها تتجاوز المليون.. أو حتي دمجه في الجيش المصري مع تغيير وظيفته الأساسية. للكلام عن هذه القضايا المهمة انفردت «روزاليوسف» بأول حوار صحفي مع اللواء «صلاح الشربيني» مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي. أثناء الثورة دار لغط كبير حول تسليحات الأمن المركزي.. حدثنا عن ذلك. - السلاح يتدرج حسب الموقف من العصا ثم الدروع والمياه إلي القنابل المسيلة للدموع وهذه الأدوات تستخدم مع البلطجية ومثيري الشغب لأن مثل هؤلاء يكون بحوزتهم أسلحة يواجهون بها الشرطة أما المدرعات والعربات المصفحة فهي تستخدم في العمليات التي تقوم بها في الجبال والصحراء لمكافحة الإرهاب وتجار المخدرات. ولكننا نري كثيرا تلك المدرعات والسيارات المصفحة بداخل الشوارع والميادين العامة أثناء المظاهرات تواجه الجمهور؟ لأننا نخرج في مهام قد يحدث فيها شغب وإلقاء حجارات ودبش وحرائق وخلافه وهي وضعت لتتحمل تلك الظروف والمواقف وتلك العربات لايتجاوز السلاح بها أكثر من السلاح الشخصي للضابط. نلاحظ تضخما هائلاً في أعداد الأمن المركزي وهناك دعاوي لتقليل أعداده وضمه للجيش ما صحت ذلك؟ - لاتضخم إطلاقاً في الأعداد بل علي العكس نحن نحتاج لقوات لتدعيمه. ما يشاع عن أن قوات الأمن المركزي تصل لمليون مجند غير صحيح وجميعها أرقام عشوائية، عدد المجندين حالياً يصل إلي 118 ألف جندي الثلث منهم في إجازة مستمرة إذن يتبقي نحو 80 ألف ثلثهم يتم توزيعه علي معسكراتنا المنتشرة علي مستوي الجمهورية يعملون علي تأمينها وفي أعمال إدارية وسائقين، أما الثلث الباقي لتنفيذ المهام الخارجية علي مستوي 29 محافظة فبمعدل نظري يكون نحو 2000 مجند لكل محافظة وهذا عدد ليس ضخماً كما يتصور الكثيرون. قبل أحداث 25 يناير كنا نري الأمن المركزي منتشراً بطريقة مبالغ فيها فأين هم الآن؟ وهل الضباط مازالوا يخافون من مواجهة المواطنين؟ - قبل الثورة لم توجد مبالغة في تأمينات الأمن المركزي لأن كل موقف يخضع لخطة أمنية ودراسة مسبقة نضع فيها في المقام الأول الأهداف واحتمال وقوع المخاطر. بعد أحداث ثورة 25 يناير اختلفت الأمور صحيح ليس انتشار قوات الأمن المركزي بالصورة التي كانت من قبل ولكن ليس لخوف الضباط كما يشاع ولكن لأن الأهداف تبدلت فأصبح هدفنا الأول القضاء علي البلطجة، فنحن نتحرك في مجموعات ودوريات مستمرة للقضاء علي البؤر الإجرامية (علي سبيل المثال مجهودات شهر مايو فقط أسفرت عن ضبط 455 متهما و 66 سلاحاً و25 فرد خرطوش و 72 سلاح أبيض و 16 قرش حشيش و232 كيلو بانجو و44 قرص مخدر وكمية من القنابل اليدوية بخلاف المأموريات التي شاركنا فيها مع القوات المسلحة في إزالة التعديات علي الأراضي الزراعية وأملاك الدولة وإزالة تعديات علي أكثر من 500 وحدة سكنية وردم 7 آبار مخالفة، كما أننا نشارك في مهام حفظ السلام التابع للأمم المتحدة في دارفور والكونغو. ما حقيقة اشتراك قواتك في قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير وإصدار أوامر بانسحاب الشرطة مما أحدث انفلاتا أمنياً كبيرا؟ - قواتنا لم يصدر لها أمر بالانسحاب لكن كل ضابط بمجموعته تصرف علي حدة طبقاً لظروف الموقف الذي وضع فيه، فالهجوم كان علينا كبيرا وبأعداد ضخمة فضلاً عن حرق الغالبية العظمي من سياراتنا المصفحة واستشهد وأصيب الكثير من ضباطنا وجنودنا لذا فالضباط فضلوا التراجع علي مواجهة المواطنين والاقتتال معهم، بالإضافة إلي أن قواتنا لم تكن بحوزتها ذخيرة حية أو أسلحة آلية وكل ما كان معهم السلاح الشخصي لكل ضابط والرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه، ولكنني لا أريد أن نلتفت للوراء وإذا كان وقع خطأ من البعض فسيحاسبوا عليه، ولكن لا أستطيع أن أفصل الأمن المركزي عن تاريخه فمن الذي قاوم الإرهاب في سيناء كما أننا شاركنا في حرب 73 وكنا مكلفين بتأمين الجبهة الداخلية خلف الجيش وقدمنا شهداء وقتها 220 شهيدا وحاليا مكلفون بتأمين الحدود الشرقية مع الجيش لذلك فلنترك ما حدث لحكم القضاء وللتاريخ الذي سيقول مالنا وما علينا. ما حقيقة عن أن العديد من ضباط الأمن المركزي قاموا بتقديم استقالاتهم وتركوا الخدمة بعد أحداث ثورة 25 يناير؟ - هذا الكلام غير صحيح تماما فلا يوجد ضابط واحد قام بتقديم استقالته بعد تلك الأحداث فالأمن المركزي بكامل قوته.