لما الشتا يدق البيبان/ لما تناديني الذكريات / لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات/ ألقاني جايلك فوق شفايفي بسمتي/ كل الدروب التايهة تنهده خطوتي/ كل الليالي اللي في قمرها قلبي بات/ مش جاي ألومك علي اللي فات/ ولا جاي أصحي الذكريات/ لكني بحتاجلك ساعات لما الشتا يدق البيبان. أغنية تطاردني منذ أيام.. لا أردد غيرها ولا يملأني سوي كلماتها التي كتبها الشاعر الجميل إبراهيم عبدالفتاح ولحنها أحمد الحجار فمنذ عامين لم تهاجمنا موجة باردة مثل هذه الأيام، لم نشعر ببرودة أجسادنا وأرواحنا هكذا منذ فترة بعيدة، ولكن لماذا نشعر بهذا الخواء وذاك الاحتياج في شهور الشتا رسح الإحساس بالبرودة، ربما نفتقد دفء المشاعر وحضن الحبيب، نتذكر قصص الحب الفاشلة في حياتنا لا يبقي بداخلنا سوي ذكري أشخاص مروا في حياتنا.. منحونا الدفء والهدوء في يوم من الأيام، نتذكرهم كلما احتجنا إلي بعض من الحميمية فكل شيء أصبح باردا لا طعم له ولا منظر، ربما هذا بسبب العصر الذي معه انشغل كل من حولك في حياته، ولم تعد هناك لحظات بها بعض من الدفء لنعيشها، لذلك يضربنا البرد في مقتل. يهاجم أرواحنا مثل أسماك القرش، فينخر بها ولا يتركنا إلا ونحن أوراق شجر جافة سقطت في الخريف تدوسها الأقدام فتحدث صوتا مميزا جدا فتتحول إلي مجرد جزيئات صغيرة تذوب مع تراب الأرض. علي الحجار هذا الصوت الذي لا يضاهيه صوت آخر.. أشتاق إليه كثيرا وأحن إلي أيام كان فيها صوته يجعلني أرتجف، إلا أنه يبقي هو الذي منحنا أغاني كثيرة تؤنسنا، فيكفيه الرباعيات التي غناها بصوته وألقاها كاتبها صلاح جاهين ولحنها سيد مكاوي. من ضمن تلك الرباعيات رباعية يتحدث فيها صلاح جاهين عن الشتا تقول «دخل الشتا وقفل البيبان علي البيوت/ وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت/ وحاجات كتير بتموت في ليل الشتا/ لكن حاجات أكتر بترفض تموت. وتلك الرباعية وكلمات إبراهيم عبدالفتاح يصوران الشتا علي أنه غول يجتاح الأرواح فيدمرها يقتل أشياء كثيرة، تغمرنا مشاعر الحاجة إلي معان أو أشخاص. بالفعل فإن شتاء هذا العام جعلني كما جعل آخرين كثيرين يحتاجون لبشر، لحضن دافئ.. ربما حضن أمي أو أبي، يجعلنا نشعر أكثر بخواء الدنيا من حولنا.. ولكن تبقي بعض الأغنيات تؤنس وحدتنا تثبت أن الفن الجميل هو الشيء الذي يعيننا عندما نشعر بالحاجة أو الوحدة. - آخر حركة لماذا أصر النجم الهضبة عمرو دياب علي اصطحاب كاميرات تليفزيونية وصحافة وهو يقوم بزيارة ضحايا حفلة المهزلة الأخيرة بجامعة المستقبل. هذا مجرد سؤال بريء ليس إلا..