الخارجية بين التجاهل والتعتيم الإعلامى:لست أدرى إلى متى ستظل الوزارات والأجهزة المسئولة عن الدولة تتعامل بنفس الأسلوب والمنهج القديم، ولا تريد أن تتطور وتواكب الأحداث.. وتقبل أنه من حق المواطن والإعلام الحصول على المعلومات بدلا من ترك الأمور للتكهنات والشائعات والأقاويل، ولماذا لا تريد هذه الجهات المسئولة أن تتنازل عن أسلوب التجاهل والتعتيم حول ما ينشر وتفضل سياسة عدم الرد بدلا من توضيح الأمور مع أن حق الرد مكفول بقوة القانون ووفقا لميثاق الشرف الصحفى والأخلاقى؟! هذا الكلام بالطبع أقوله بعدما أثير من موقف وزارة الخارجية المصرية حول القضية التى أثرناها على صفحاتنا منذ شهر تقريبا حول ملفات تثير الشكوك والتساؤلات فى قنصليتنا بلوس أنجلوس.. والتى أطلق عليها تجاوزا قضية السفير هشام النقيب قنصل مصر فى أمريكا. - ففى يوم صدور العدد الماضى مساء اتصل بى الزميل محمد جمال الدين رئيس مجلس الإدارة وطلب منى أن أتابع برنامج «مانشيت» على قناة On.TV، حيث إن هناك مداخلة للسفير هشام النقيب مع جابر القرموطى يرد فيها على ما نشرته «صباح الخير» من تجاوزات موجودة فى القنصلية المصرية بلوس أنجلوس، وبعض الشكوك حول بعض التصرفات المالية وغيرها.. وتلك التى طرحها زميلى جميل يوسف من لوس أنجلوس، بالإضافة إلى أن التحقيق تطرق إلى الوفد الذى يزور مصر تحت اسم «البيت المصرى».. وهو مكون من بعض رجال الأعمال المصريين المقيمين فى أمريكا.. وقاموا بلقاء الجنزورى ووفد المجلس العسكرى.. وغيرهم، وأن هذا الوفد جاء للتعتيم على ملفات الفساد فى لوس أنجلوس. - لكن أكثر ما لفت انتباهى وأحزننى وساءنى فى المداخلة أن هشام النقيب ذكر أنه قام بإرسال رد إلى «صباح الخير» بعد نشر التحقيق الأول.. وأن إدارة تحرير المجلة رفضت النشر، والحقيقة أننى تعجبت بشدة لأنه لم يحدث أن جاءنى رد من أى جهة مسئولة سواء سفارة مصر فى واشنطن أو وزارة الخارجية حتى نرفض نشره، بل حدث العكس، حيث إننى كلفت الزميلة عبير عطية مندوبة المجلة لدى وزارة الخارجية بالاتصال بالوزارة لمعرفة موقفها مما نشر وإذا كان لهم رغبة فى الرد، فجاءتها الإجابة بأنه سيتم إرسال رد بالفاكس إلى إدارة المجلة، وانتظرنا.. ولكن لم يجئ أى شىء.. وهذا معناه إما أن ما ذكرناه من معلومات صحيح، وليس هناك رد مقنع من الوزارة أو السفارة.. أو أن هناك تعمد تجاهل من الجهة المسئولة وأن ما نشر لا يستحق عناء الرد مع أنها مسائل فى منتهى الأهمية والخطورة.. وبالتالى ورغم أننى انتظرت الرد أكثر من أسبوعين، فإنه لم يتم الرد.. ولذا فقد نشرت على الفور الحلقة الثانية من التحقيق والتى أثارت جدلا واسعا ورد فعل عنيفا نظرا لوجود وفد البيت المصرى بالقاهرة فى هذا التوقيت، وهو ما أثار هذه الزوبعة. - حاولت أن أوضح هذه الأمور كلها للزميل جابر القرموطى فى مداخلة على الهواء أثناء رد هشام النقيب.. إلا أن موبايلات جابر القرموطى كانت مغلقة.. وبعد الحلقة اتصلت به وعاتبته على عدم الاتصال بى أثناء الحلقة ومع مداخلة هشام النقيب لأوضح الأمر.. وأننى لم أتلق أى رد من أى جهة.. وبالتالى لم يحدث أننى رفضت نشره، وأجاب القرموطى أنه سينظم مداخلة ثانية فى حلقة اليوم الثانى بينى وبين هشام النقيب لتوضيح الأمور، لكن لم يحدث أى شىء من هذا الاتفاق! - صباح الأربعاء الماضى تلقيت اتصالا من جميل يوسف من لوس أنجلوس.. وأكد أن الموضوع حقق رد فعل عاليا جدا، وأنه استمع إلى مداخلة هشام النقيب وأنه سيجهز تعقيبا على ما ذكره من ردود.. وأكد لى أن السفير سامح شكرى اتصل بالزميلة حنان البدرى مراسلة مجلة «روزاليوسف» فى واشنطن، وأكد لها أنه أرسل ردا إلى إدارة تحرير المجلة، وأن إدارة التحرير رفضت النشر. وللمرة الثانية أجد أن المجلة وإدارتها موضع اتهام دون مبرر! - صباح الخميس الماضى اتصل بى المهندس طارق عبدالرحمن - عضو وفد «البيت المصرى» وهو المسئول الإعلامى عن المركز الإسلامى بأمريكا و الذى كان غاضبا جدا مما نشر.. ووقع على أعضاء الوفد كالصاعقة على حد تعبيره، حيث أكد أنه من غير المعقول أن أعضاء الوفد سيتركون مصالحهم وأعمالهم ويجيئون فقط لتلميع هشام النقيب والتعتيم على ملفات الفساد.. وأنه شخصيا لو تأكد أن النقيب ممن خدموا النظام السابق.. ورجل من رجال ورموز النظام فلن يتركوه.. وقد طلبت أيضا من المهندس طارق ضرورة إرسال رد توضيحى لمهمة الوفد.. خاصة أن هناك على بوابة الوفد الإلكترونى خبرا يتضمن أن أعضاء الجالية المصرية فى أمريكا يؤكدون أن وفد «البيت المصرى» لا يعبر عنهم ولا يمثلهم وأنهم لأول مرة يسمعون عن «البيت المصرى»، ورد علىَّ المهندس طارق أن هذا راجع لخلافات بين أعضاء الجالية المصرية هناك.. وأنهم يسعون فقط من زيارتهم للوقوف مع البلد فى هذه المرحلة الصعبة التى تمر بها البلاد.. ووعدنى بإرسال رد لتوضيح كل هذه الأمور، لكن أيضا لم يصلنى أى شىء من وفد «البيت المصرى». - فى صباح الأحد الماضى وكبادرة منى طلبت مرة أخرى من الزميلة عبير عطية متابعة وزارة الخارجية للرد على ما نشر فى الحلقة الثانية.. وجاءتنى بأغرب رد وهو رد مقتضب من المتحدث الرسمى للوزارة السفير عمرو رشدى قال فيه: «لن أرد على اتهامات مرسلة وعبارات فضفاضة، من لديه مستندات تشير إلى حالات محددة من مخالفة القانون فإن الواجب والضمير يفرضان عليه تقديمها إلى النيابة العامة». - انتهى رد وزارة الخارجية.. وهو رد لا يسمن ولا يغنى من جوع حتى فوجئت بمكالمة هاتفية مساء الأحد من السفير هشام النقيب قنصل مصر فى لوس أنجلوس أبدى فيها اعتذاره عن الطريقة التى تحدث بها فى المداخلة مع جابر القرموطى.. وأكد أنه لم يعلم إلا منذ ثلاثة أيام فقط أن مجلة «صباح الخير» لم يصلها رد من وزارة الخارجية أو من السفارة ومنه شخصيا.. وأنه بعد نشر الحلقة الأولى من الموضوع أرسل ردا إلى وزارة الخارجية حسب البروتوكول لأنه موظف لا يستطيع أن يرسل الرد مباشرة إلى إدارة تحرير المجلة.. وكان من المتوقع أن ترسل الوزارة الرد بدورها إلى المجلة ولكن هذا لم يحدث.. وهو ما تسبب فى هذه الأزمة.. وقد أكد هشام النقيب فى مكالمته أن هناك فعلا بعض المعلومات صحيحة حول أن مبنى القنصلية فى سان فرانسيسكو تكلف ثمانية ملايين دولار، ولكن هذا لم يتم فى عهده وأنه جاء إلى القنصلية فى 2008، وكان قرار نقل القنصلية قد اتخذ وليس مسئولا عنه، وأن المنزل الذى يسكنه ليس فى بلير وسعره 2,5 مليون دولار، وليس 5 ملايين دولار فقط، وتفاصيل كثيرة ذكرها هشام النقيب حول علاقته بأحمد أبوالغيط وجمال مبارك وغيرهما، وأيضا تحدث عن الطوابق الثلاثة التى استأجرتها القنصلية وتفاصيل أخرى لا يتسع المجال لذكرها، وقد طلبت من هشام النقيب أن تأتى هذه المعلومات وهذه التفاصيل فى رد رسمى منه أو من الوزارة فأكد على ضرورة ذلك وأهميته.. وفى الوقت نفسه أنه لا يستطيع إرسال الرد إلا عن طريق الخارجية، وأيضا ذكرت له صيغة الرد الذى أرسله المتحدث الرسمى عمرو رشدى فتعجب وأكد أنه سيسعى لأن تقوم الخارجية بإرسال الرد الرسمى حتى يتم توضيح الحقائق كلها.. - وأخيرا.. فهذه هى التفاصيل الكاملة والحقيقة الغائبة فى قضية هشام النقيب.. ونحن مازلنا فى انتظار رد شافٍ وكافٍ لكل الحقائق التى جاءت فى التحقيقين الأول والثانى.. ونؤكد أنه مازالت لدينا بعض المعلومات وبعض القضايا المهمة التى تتعلق بملفات لوس أنجلوس موجودة لدى الزميل جميل يوسف.. ونحن نرجئ نشرها حاليا حتى تصلنا الحقائق كاملة ورسمية.