خط أحمر.. ومن المناطق المحظور الاقتراب منها لأن الغذاء هو مصدر استقرار أي مجتمع، بصورة لم يسبق لها، والاضطرابات التي تشهدها دول مجاورة حاليا تؤكد ذلك،والسؤال أين موقع مصر في أزمة الغذاء العالمية التي تتفاقم؟! الأرقام تقول إن متوسط إنفاق الأسر المصرية علي الطعام والشراب نحو 50% من الدخل وإذا ارتفعت نسبة زيادة أسعار الغذاء 40% فذلك يعني أن الدخل الحقيقي للأسر انخفض إلي 20% وتقرير التنمية البشرية يشير إلي أن نسبة الفقراء في مصر الذين يقل دخلهم اليومي عن دولارين حوالي 44% من السكان، وينفق الفقراء نحو 80% من دخلهم علي الغذاء مما يعني أن دخلهم الحقيقي ينخفض بنسبة 32% نتيجة زيادة الأسعار هذا كله سيؤدي إلي زيادة الضغوط ووقوع آخرين في دائرة الفقر، وزيادة تراجع وانكماش الطبقة الوسطي التي تعاني من أزمات متكررة منذ سنوات أدت إلي إنحدار شرائح كثيرة منها إلي طبقة محدودي الدخل، وأيضا ستؤدي أزمة الغذاء إلي ارتفاع حدة العجز في موازنة الحكومة التي تتحمل مزيدا من أعباء دعم سلع الغذاء حيث إن دعم الرغيف وحده وصل إلي نحو 11 مليار جنيه، والآثار المترتبة علي هذا خطيرة، حيث تؤدي إلي ضعف الاستقرار الاجتماعي مما يؤثر سلبا علي مناخ الاستثمار وعلي الأداء الاقتصادي بصفة عامة ! لهذا لابد من إعادة النظر في السياسات الزراعية بمصر المطبقة حاليا للحد من الآثار السلبية لأزمة الغذاء العالمية والأزمة المالية، ولكن ما هو الوضع الحالي للزراعة المصرية؟ الزراعة المصرية تعاني من عدة مشاكل منها إزدواجية وتفاوت تكنولوجي واقتصادي، حيث توجد مزارع واسعة ومتطورة وبجوارها قطاع تقليدي وملكية مفتتة ومبعثرة، وهناك تفاوت بين الشمال والجنوب في مستوي المعيشة والخدمات وأيضا ارتفاع نسبة السكان تحت مستوي خط الفقر وتدهور مستوي الخدمات مرورا بانتشار الأمراض الخطيرة وتدهور المستوي التعليمي، والنسبة العالية للأمية بالإضافة إلي الغيبوبة الثقافية، وهناك تآكل وهدر في الموارد الأرضية والمائية علي نطاق واسع علي أيدي الشريحة الصاعدة من البرجوازية الريفية، وتعد مصر مستورداً صافياً للغذاء، وتصنف كدولة عجز غذائي، وإن كانت لا تعد ضمن دول العجز الغذائي منخفضة الدخل، وما تزال مصر تحقق عجزا كبيرا في تجارتها الزراعية، وتتزايد مع ارتفاع الأسعار العالمية، الآن مصر تستورد جميع السلع الغذائية ما عدا الأرز، وتستورد إجمالا نحو 40% من غذائها مما يضعها دائما في مهب الريح لمخاطر التقلبات في أسواق الغذاء العالمية في ظل جشع التجار وكل سلعة غذائية في السوق يسيطر عليها واحد أو اثنان يتلاعبون بالسوق والأسعار والمستهلكين بهدوء في ظل رقابة مستأنسة لطيفة، واستمرار الأوضاع الحالية يعني مزيداً من التدهور في مستوي معيشة المواطن ويخلق مشاكل اجتماعية لا حصر لها،، وأصبح إعادة النظر فيما يحدث في السوق والعشوائية التي تدار بها، والانتهازية التي تسيطر عليها، ضرورة ملحة لضمان الاستقرار الاجتماعي لأن الخبراء يتوقعون تفاقم الأزمة المالية2011، وأن القادم أسوأ؛ لهذا فالأوضاع الحالية والعشوائية التي تدار بها السوق ضرورة قبل فوات الأوان.