أسمع كلامك عن احترام أحكام القضاء «أصدقك»، وأشوف أمورك فى الاعتراض على أحكام القضاء، بل مهاجمتها وإدانتها أندهش وأستعجب وأكاد ألطم خدودى!
ما سر هذا التناقض الصارخ والصادم فى سلوكنا جميعا من أبسط مواطن إلى تلك النخبة الفاسدة المفسدة التى أفسدت الوطن سواء بارتدائها ثيابا دينية أو ثيابا مدنية ليبرالية حداثية!
هذه النخبة - دينية ومدنية - كانت تعلم بعدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب، لكنهم سكتوا وصمتوا - وعملوا نفسهم مش واخدين بالهم!
وبعد الانتخابات وفى أواخر أبريل الماضى وقف النائب المحترم «أبوالعز الحريرى» وقال فى مجلس الشعب: أنا من الطاعنين على المجلس أمام القضاء وأرى أنه غير دستورى!
وغضب وثار وانفعل د. سعد الكتاتنى رئيس المجلس قائلا له:
- وما الذى يجبرك على أن تجلس فى مجلس غير دستورى؟ لابد أن تكون متسقا مع نفسك، قدم استقالتك إذا كان المجلس غير دستورى!
فى تلك اللحظة تأكد لى تماما أن مبدأ «سيد قراره» مازال موجودا وبقوة، ولم يغب عن حياتنا، لكن سيد قراره عاد هذه المرة وهو يرتدى ثوب ثورة 25 يناير!
وقبل 84 ساعة فقط من حكم المحكمة الدستورية صرح المرشح الرئاسى المحترم «د. محمد مرسى» الذى لم أمنحه صوتى - فى حوار طويل مع الزميلة «الأخبار» التى يرأس تحريرها العزيز ياسر رزق وقال بالحرف الواحد:
- «احترام أحكام القضاء واجب على الجميع، وحكم المحكمة الدستورية بدستورية أو عدم دستورية قانون العزل أو قانونى انتخابات مجلسى الشعب والشورى يجب أن يحترم، فلننتظر وكل الخيارات مفتوحة».
ثم مضى يقول مؤكدا: «نحن نحترم حكم القضاء أيا كان وإذا كان الحكم سيؤدى إلى إعادة الانتخابات فنحن جزء من المشهد مثل باقى أبناء الشعب المصرى، إذا أعيدت انتخابات مجلسى الشعب والشورى فقواعدنا موجودة على مستوى الجمهورية سواء تمت الإعادة على المقاعد الفردية أم على المقاعد كلها، نحن نرضى بحكم القضاء لأن مجلس الشعب لابد أن ينزه عن أى خطأ لأنه يقوم بالدور التشريعى».
أسمع وأقرأ كلام «د. مرسى» فأصدقه، ثم أشوف أمور قيادات حزبه - الحرية والعدالة - فأستعجب وأندهش من رفضها واحتجاجها!
وقولها: لا يجوز حل البرلمان، إلا بعد استفتاء شعبى!
أليس غريبا ومريبا أن من شارك وساهم وكتب الإعلان الدستورى - وضمنه المادة 28 - هم الذين يتصدرون الآن مناحة وسرادق البكاء على عدم دستورية مجلس الشعب! بصراحة شديدة وبلا لف أو دوران نحن لم نتغير كثيرا من الداخل - ربما تغيرنا كثيرا من الخارج، وقمنا بثورة عظيمة دعت إلى العدالة والحرية، لكن هذا الاستبداد الذى نولد به، والديكتاتورية التى نتربى عليها فى البيت والمدرسة والشارع ومؤسسة العمل هى التى تجعلك وتجعلنى لا أؤمن إلا بالعدالة التى على مقاسى ومزاجى وحريتى أنا لا حريتك أنت! رأيى أنا لا رأيك أنت! مزاجى أنا لا مزاجك أنت، تفكيرى أنا لا تفكيرك أنت!
وللأسف الشديد فكل واحد من أعضاء «حزب أو جماعة النخبة» التى ابتلانا بها الزمن تتكلم باسم الناس ونيابة عن الشعب!
بأى حق «احتكرت» النخبة الكلام باسم الشعب، وبأى حق «احتقرت» هذا الشعب! وعلى رأى الأغنية الشهيرة: أنا زى ما أنا.. وأنت بتتغير!
فعلا أنا زى ما أنا وأنت بتتغير! قلت مشاركة لا مغالبة، ثم غيرت رأيك، قلت لا تكويش ولا استئثار وكوشت واستأثرت بكل حاجة «مجلس شعب رحمه الله، مجلس شورى، تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير على مقاسك الفكرى والمهنى، تفكيرك فى تعديل قوانين المحكمة الدستورية.
مطالبتك بإلغاء تدريس اللغة الإنجليزية.. إلخ».
أخشى ما أخشاه وأنتم الأكثرية التى انتخبها الشعب أن تطالبوا ذات يوم بالدعوة لمليونية «الشعب يريد إسقاط الشعب»!
وبعد لقد احتكمنا جميعا إلى الصندوق وعندما تنتخب مصر رئيسها طبقا لهذا الدستور، فلابد من احترام رأى الملايين التى اختارت وانتخبت سواء د.مرسى أو الفريق شفيق!
لقد أعطيت صوتى باقتناع تام ل «شفيق»، لكننى سأحترم إرادة الصندوق إذا جاءت ب «مرسى»!