كانت وربما ما زالت صور وتماثيل لينين إلي جانب المسكين كارل ماركس تزين كثيرًا من القاعات البرلمانية للدول الاشتراكية وسميت الفلسفة السياسية لهما «الماركسية اللينينية».. أراد ماركس ذلك أو لم يرد. أنا علي سبيل المثال أحب الرئيس جمال عبدالناصر حبًا فوق الوصف وهو حب مرت عليه الدهور من يوم أن كنت في السابعة أو الثامنة من عمري وناداني والدي في استراحة «مينا هاوس» في الطريق الذي كان فعلا صحراويا بين القاهرة والإسكندرية وقال لي: «تعال يا محمد سلم علي عمك جمال» بقي هذا الحب والإعجاب و التبجيل دفينًا في قلبي رغم أن عائلتي ووالدتي ووالدي ذاقوا الأمرين من جمال عبدالناصر ونظام الحراسة وزوار الفجر.. ومن أين لك هذا.. ومنع السفر إلي الخارج وبينما عاد الوعي إلي عاشق آخر وهو توفيق الحكيم إلا أن وعيي أنا لم يتغير إلا قليلاً.. من الممكن وهذا قد يكون صدمة لأحبابي الكثيرين أقول من الممكن أن أعرف خطأ علي أني ناصري ولكن عبدالناصر لم يكن ناصريا. عبدالناصر كان زعيمًا وإذا كان قد بقي إلي يومنا هذا لغير الاقتصاد إلي ما هو عليه الحال الآن أو ما شابه ذلك وباختصار كان سوف يتعامل مع كل المسائل السياسية الحيوية بنفس طريقة الرئيس السادات والرئيس مبارك لأن السياسة هي فن الممكن وليس فن المستحيل والسياسي هو من يتعلم بالخبرة من أخطائه. ورغم حبي لعبدالناصر الذي سوف يلازمني للقبر فلابد أن أعترف أنه أخطأ أخطاء فادحة في كثير من الأشياء ما زلنا نعاني منها حتي اليوم ولكنه أيضا أنجز إنجازات لا مثيل لها في تاريخ مصر.. ومن لا يعمل لا يخطئ أبدًا.. كما قلت لأصدقاء وأساتذة وأحباء يكرهون عهد عبدالناصر وسوف يصرعون من مديحي له ولكن إذا كانوا يحبونني فلابد أنهم يحبون صدقي وولائي وإذا لم يكن عندي ولاء وصدق لما كتبت هذه الكلمات.. نعم أعرف خطأ علي أني ناصري.. ولكن اتقوا الله ولا تسموا قائد الثورة جمال عبدالناصر «ناصري». عبدالناصر كان قائداً واجه إسرائيل ولم يهادنها، السادات كان قائدًا وحارب إسرائيل وهزمها ثم زارها وخطب في برلمانها أما الرجل الذي تتلمذ علي يد الزعيمين فقد تعلم الكثير منهما ومن أخطائهما.. وعلي سبيل المثال وليس الحصر، لم تلمس رجله أرضًا إسرائيلية رغم جميع الضغوط وجميع المغريات. نعم هو يتقابل مع وزراء إسرائيل ويقابلهم بالأدب المفروض من رجل دولة ولكن علي أرض مصرية صلبة وعلي مبادئ أكثر صلابة «برجماتية» الرئيس محمد حسني مبارك وبعده عن المدارس الأيديولوجية المتحجرة وتبنيه مبادئ السياسة الحقيقية التي تسمي بجميع اللغات بكلمة ألمانية الأصل وهي «رآل بولوتيك» أي سياسة الواقع أو فن تحقيق الممكن هي التي أتعبت السياسة الصهيونية الإسرائيلية. الأضرار التي سببتها السياسة الخارجية المصرية في عهد مبارك لإسرائيل أكثر من كل العداء الذي واجهته من مصر أيام الصدام مع عبدالناصر. استطاع حسني مبارك أن يقنع العالم كله بما في ذلك قطاع كبير في الولاياتالمتحدة أن مصر دولة يستطيع العالم أن يثق بها وبنواياها وبذلك لم تستطع الفخاخ الصهيونية أن تتصيده كما استطاعت في وقت جمال عبدالناصر. حاولت إسرائيل توريط مصر في معارك اختارت لها الوقت والمكان ولكن هيهات ولا تحاول ذلك معه فقد تعلمت مصر حسني مبارك واستوعبت تمامًا الدروس من تاريخ مصر عبدالناصر ومصر السادات ومرة أخري لا تبال بما يقوله الرجل وإنما انظر إلي ما هو فاعل وارسل دعائي وتهنئتي من لندن لمصر والمصريين بمناسبة السنة الميلادية الجديدة 2011 وبالطبع دعائي للرئيس المصري بالصحة والتوفيق.