مع إعلان الأزهر الشريف إلغاء لجنة الحوار بين الأديان أوائل الشهر الماضي وإنشاء مركز حوار جديد بدلا من اللجنة تساءل الكثيرون عن مغزي إنشاء مركز بديل عن اللجنة لا سيما وأن اتفاقيات الحوار كما هي، وأن كل ما حدث في الاجتماع الحواري الأخير بين الأزهر الشريف والكنيسة الأسقفية هو مجرد تغيير الأشخاص الممثلين عن الأزهر وتعيين مستشار جديد لشيخ الأزهر هو الدكتور محمود عزب استاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة السوروبون والذي استقال لتولي منصبه الجديد بالأزهر. وفي الحقيقة كان هذا التساؤل يدور في ذهني أيضا إلا أنني قررت البحث عن أسباب هذا التغيير وهل هو شكلي أم أنه يتعلق بأمور تستحق إنشاء مركز بدلا من بقاء اللجنة، وفي لقاءين متواليين مع الدكتور عزب أدركت أهمية ما يريده الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر من الحوار ليكون علي قدر المستوي العالمي لمؤسسة الأزهر ، فهو لا يريد حوارا لمجرد اللقاء مع رجال دين مسيحيين في الغرب او الشرق وإنما يريد حوارا عالميا فعالا، وفي نفس الوقت تأصيلا لمفهوم الحوار داخل المجتمع، ولا يقتصر الأمر علي ذلك بل يتعداها ليكون الحوار داخلياً مع اتباع المذاهب المختلفة بهدف ان تكون كلمة المسلمين عند الالتقاء بالآخر واضحة ومحددة، بدلا من أن يظل الغرب يتحدث عن عشوائية الحوار الإسلامي وانه صادر من أكثر من جهة ولا يعبر عن رؤية واحدة للمسلمين. وبحديثي مع الدكتور عزب اكد لي أن هناك منطلقات جديدة للأزهر في الحوار وإن كانت الاتفاقيات كما هي، وقال لي كلاما مهماً يتأكد سامعه أو قارئه من أهمية الحوار الجديد الذي يريد أن يتبناه الأزهر، حيث قال لي بالنص: «الأزهر الشريف يريد أن يشد الانتباه إلي عدة حقائق أولها أن له سياسة وخطة ومنهجية جديدة ومنها أنه ليس مقصوداً بالحوار ليس فقط المناقشة مع غير المسلمين أو مع المذاهب المختلفة غير مذهب السنة للاتفاق، ولكن هناك جوانب اخري حيث يهدف المركز إلي زرع روح الحوار وتنميتها في المجتمع المصري والعربي والإسلامي والخروج من مجتمع منولوجي يتكلم فيه شخص ويسمعه الآخرون، وذلك من خلال المناقشة والحوار والنقد والتحليل والوصول إلي أساسيات، مع الاتفاق أن الحوار لا يمس العقيدة". وكلمة حق.. إن أزهر اليوم يحاول ان ينهض بمجالات عديدة لصالح الإسلام، أهمها أن يكون هناك تفعيل حقيقي للمناقشة والحوار مع الغرب ، وليعرف العالم بداية من رجال الدين الغربي ونهاية بالمجتمعات الغربية حقيقة الإسلام ومع من يتحدثون ويحاورون، وذلك من خلال حوار عالمي جديد ذات منطلقات واضحة وهادفة في نفس الوقت، ومن خلال تأصيل مفهوم الحوار مع الآخر داخل مجتمعاتنا وكيفية ممارسته بشكل يؤصل للمعني الحقيقي للحوار في الإسلام.