تدور قصة الكتاب حول المتصوف اليهودي العلامة قبالا، هذا العلم "التصوف اليهودي" الذي لم يدرس بشكل أكاديمي ومنهجي في إيران المعاصرة شأنه مثل باقي علوم هذا الدين النظرية كالفلسفة والتاريخ اليهودي، فأكثر علماء يهود إيران، من العلمانيين المشغولين بالأحكام المعاملاتية في مجتماعاتهم، وقلما يهتم أحدهم بالمباحث النظرية، أو علي الأقل بذل الجهد في نشر وتبسيط هذه المباحث العلامة قبالا. في إيران وخلال السنوات الأخيرة لم يتردد اسمه بين الطلبة والعلماء، وإنما شاع بين العوام، وأصبحت القبالية علما علي علم والحكمة الدينية الرفيعة، وفي الغالب يراد بها علمه ومباحثه الدينية. بعبارة أخري أصبح قبالا علما علي نهضة العلوم اليهودية التي كانت حكرا علي الحاخامات. مع هذا هناك عدد من الحاخامات في إيران درسوا علي يدي قبالا منهم ملا دروش شراز، الحاخام اورشرجازد، وعدد آخر من المحدثين منهم ملا موشه هلواشان. تستخدم أجزاء من نصوص زوهر وقبالا في كتب الأدعية والصلوات اليومية والأعياد اليهودية، أشهرها پاتحالياهو. وهو نص في مدح الإله وتعداد صفاته، ويقدم شرحا مختصرا للسفيروت (وهي سلسلة من المراتب بين العالم المادي والتوحد مع الله) فضلا عن عدد من الحوارات التي جرت بين الله وسيدنا موسي عليه السلام. ومن بين الكتب الفارسية المعدودة التي تتحدث عن قبالا، كتاب آيين قبالا عرفان يهود "قوانين قبالا متصوف اليهود" للكاتب شيوا اويان عام 1993 واتسم بالاقتضاب . مثال آخر كتاب "قبالا" في أربع مجلدات للكاتب ربا فيليپ برج صدر عن مركز أبحاث علوم قبالا في نيويورك عام 1991 وأعيد طبعه مرة أخري عام 1995. ولد جرشوم جرهارد شولم في العاصمة الألمانية برلين عام 1897 وتوفي عام 1982 . حصل علي شهادة الدكتوراه في الأدب العبري حول ترجمة وتفسير واحد من أصعب نصوص قبالا، التحق عام 1923 للتدريس بجامعة اورشليم العبرية، وترقي في المناصب حتي أصبح رئيس قسم التصوف اليهودي بالجامعة، حتي انتهي عمله بالجامعة عام 1965. مخلفا الكثير من الآثار عن التصوف والفلسفة اليهودية باللغات الألمانية، الإنجليزية والعبرية. ويعتبر كتاب "التيارات الكبري في التصوف اليهودي" من المراجع المهمة للطلبة الإيرانيين والباحثين في التصوف اليهودي، وأحيانا يكون موضوع دراسة للحصول علي رسائل الماجستير والدكتوراه، والآن ظهر النص الفارسي الكامل للكتاب في ترجمة دقيقة بواسطة فريدالدين رادمهر، مع حواشي تساعد في فهم النصوص. والمترجم بارع في هذا المجال وله عدد من الكتب المترجمة في مجالات العرفان منها "المتصوفة المسيحيون" للمؤلف استيفن فانينج صدر عن دار نشر نيلوفر عام 2005. ونظرا لوجود الكثير من المفاهيم الدينية اليهودية بخلاف العبارات الآرامية والعبرية في النص الأصلي، قام آرش آباي بصفته محرر الكتاب، بتوضيح وترجمة لهذه العبارات والجمل، بالإضافة إلي درج بعض النقاط حول مكانة قبالا بين يهود إيران، ونصوصه المستخدمة في الأدعية اليهودية، وأضاف فهرس كلمات في نهاية الكتاب يوضح عدداً من المفاهيم العبرية والآرامية. ويقع كتاب "التيارات الكبري في التصوف اليهودي" في 9 فصول 550 صفحة، ويبدأ بالخصائص العامة للتصوف اليهودي، وتفصيل تاريخ قبالا من البداية حتي النهاية، بمعني آخر يقدم شرحا ل«حسيديم» الاتقياء ممن عرفوا بتقواهم وأمانتهم للشريعة، والتخلص من كل ما هو غير يهودي. ويتتبع كتاب زوهر في طريقة العرض ونظام الوحدة. يعرف شولم بالانصاف، والتخلص قدر الإمكان من الخرافات والأفكار التقليدية، ولهذا يحاول الكتاب إلقاء الضوء علي الغامض من تاريخ قبالا والتغييرات الواسعة التي طرأت علي تلك الفترة، مستشهدا بعدد من القرائن الدالة علي تأثر التصوف اليهودي بالثقافات الأخري والتيارات المحيطة، رغم معارضة الكثير من اليهود التقليديين لهذه المقولة، مع هذا تعد هذه الترجمة مصدراً موثوقاً جدا في معرفة التصوف اليهودي وأثرا قيما في بازار إيران للكتب، الذي قلما تري فيه كتابا عن التقاليد اليهودية.