عندما نقرأ في صحيفة أو نسمع علي لسان معلق رياضي أن لعنة الفراعنة أصابت الساموراي بالشلل، فمعناه أن منتخب مصر قد فاز علي منتخب اليابان، و أن العقارب لدغت الأفيال فينبغي أن ندرك بأن الكوت ديفوار انهزموا أمام منتخب الرأس الأخضر، أو أن أسود تيرانجا اجتاحوا المانشافت فذلك دليل علي أن السنغال تغلبت علي منتخب ألمانيا، وقس علي ذلك من التسميات والألقاب التي تخص منتخبات ال 207 أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). والطريف أن هذه الأسماء المستعارة لم تأت اعتباطاً أو من العدم، بل إن لها حكايات وأسراراً مكنونة ترتبط مباشرة مع منتخب كل بلد، وهذه الألقاب التي أُطلقت علي كل منتخب إما أن لها بُعداً تاريخياً يخص هذا البلد دون غيره، أو خاصية أو سمة اشتهر بها هذا البلد دون غيره، أو قد يكون هذا اللقب مرتبطاً باسم حيوان لبيان قوة وبطش هذا المنتخب، أو يمثل ارتباطاً مباشراً بألوان أعلام الدول أو الظواهر الطبيعية التي تتسم بها تلك البلدان أو لشهرتها بحضارات معينة فارتبط ذلك بلقب المنتخب.. ولا مانع من استعارة اسم رقصة شعبية شهيرة في هذا البلد وإطلاقها - مجازاً - علي اسم الفريق الوطني.. ويبدو أن هذه المنتخبات تحاول كسب شهرة عالمية من خلال الأسماء المستعارة رافعين شعار " الصيت ولا الغني " . الفريق الوطني في أوروبا تقتصر التسميات وألقاب المنتخبات علي كل ما له علاقة باسم الفريق الوطني وهي تسميات لا تحمل دلالات قوية كما هو الحال عند المنتخبات الإفريقية التي تستمد ألقابها من أسماء حيوانات ، ولعل في اختيار أوروبا لاسم "الفريق الوطني" أو ما يعرف ب "سيليكسيون" في إشارة إلي التشبث والتعلق بالوطن، ذلك أن أغلب البلدان الأوروبية ، خاضت حروبا ضارية وتحمل شعبها عبء دكتاتوريات الرؤساء ، فكان علي الفرد الأوروبي إبان الحرب العالمية الأولي والثانية وما بعدها أن يدين بالولاء التام للوطن ويبدي تشبثه في ظل عالم تزعزعه الحروب ، فكان لزاما أيضا أن تلعب كرة القدم باعتبارها لعبة شعبية دورا رئيسيا في جمع شمل الشعوب وتوحيد الكلمة، لذلك اقتصرت ألقاب وتسميات منتخبات الكرة علي "المنتخب الوطني" أو"الفريق الوطني" . وهكذا نجد أن مجموعة من المنتخبات حذت هذا الحذو، كما هو الشأن لمنتخب ألمانيا الملقب ب "المانشافت" أي منتخب الكرة ، و"ناثي" لمنتخب سويسرا أو "سبيرنا" وهو لقب منتخب أوكرانيا و"سبارنا" لقب منتخب روسيا ، و"لاندسلاجيت" لمنتخب النرويج ، "وناسونالي" لمنتخب إيطاليا وكلها ألقاب لبعض الدول الأوروبية، التي فضلت لقب "المنتخب الوطني"، حتي أن بعض الدول يفضل جمهورها مثل هذه التسميات كما هو الحال لمنتخب إيطاليا الملقب أيضا ب "الأزوري" أو منتخب إسبانيا الملقب أصلا بالمنتخب "الثائر" لكن الإسبان يحلو لهم لقب "لاسيليسيون" . الموسيقي والتراث تبدو الأمور مختلفة في منطقة الكونكاكاف، حيث كرة القدم لا تعرف تطورا كبيرا ولا شعبية تحاكي ما تعرفه المناطق المجاورة كما هو الحال في أمريكا الجنوبية، لكن الموسيقي هناك لها صدي ومكانة تعبر عن أسلوب حياة بسيطة، فكان طبيعيا إذا أن تتأثر لعبة كرة القدم بالموسيقي ، حيث حمل منتخب جامايكا المشعل وهو الذي لقب ب " أولاد الريكي " نسبة إلي الموسيقي المحلية الشهيرة والتي كان المغني الشهير "بوب مارلي" أحد روادها ، فكان اللاعب الجامايكي إذا سجل هدفا يعبر عن فرحته برقصة الريجي ، ناهيك عن العروض الصاخبة التي تعرفها المدرجات أثناء المباريات . ومنذ ذلك الحين سارت منطقة الكونكاكاف تلقب منتخباتها بموسيقي أو رقصة محلية كما هو الحال لمنتخب أونتيج وباربودا الذي يلقب ب " أولاد وادادي" والتي تعني رقصة محلية، ومنتخب ترينيداد وتوباجو الذي يلقب ب "سوكا واريورس" نسبة إلي رقصة سوكا المحلية، أما منتخب باهاماس فيلقب ب "أولاد رايك وسكايب"، فيما يلقب منتخب بيرمود ب "جامبي واريوس"، وجامبي تعني رقصة محلية في هذا البلاد . وعندما نتحدث عن التراث والتاريخ فلا يجب أن ننس الفراعنة وهو لقب منتخبنا الوطني المفضل الذي يفتخر بانجازات أجداده الذين يقال إنهم أول من مارسوا كرة القدم في التاريخ . وللحيوانات نصيب تحدثنا عن الوطن والتراث ولن نستثني الحيوانات كرمز له دلالات وتعابير للقوة والشجاعة والانتقام وعدم الاستسلام ومن هذا المنطلق اختارت بعض المنتخبات أسماء الحيوانات كعنوان للقوة والشجاعة . ويبقي الأسد والنسر الكاسح هما أكثر الألقاب والتسميات التي تحظي باختيار المنتخبات العالمية في إفريقيا وآسيا وأوروبا، كما هو الحال لمنتخب بلغاريا الملقب ب"لافيفيتي" ومنتخب إنجلترا ب "الأسود الثلاثة"، ولوكسمبورج ب "دليفين"، ومقدونيا "كرفيني لافوفي "أي" الأسد الأحمر ، ومنتخب سنغافورة "الأسود" و العراق ب "أسود الرافدين"، و إيران ب "أسود الفُرس" . وبالمقابل للأسود تأتي النسور عند عدة منتخبات كبولونيا "نسور بولونيا"، وصربيا "أورلوفي"، ومنتخبات الإمارات ونيجيريا ومالي وتونس . بعض المنتخبات أيضا حملت ألقابًا لحيوانات مفترسة لا ترحم، كمنتخب كوريا الجنوبية الملقب ب "النمور" أما منتخب جوايانا فيلقب ب "الفهود"، ومنتخب "التماسيح" للوسوطو، ومنتخب "الثعابين" لموزامبيق، ومنتخب "الذئاب" للبحرين . النجوم . . والشياطين النجوم كانت تعتبر عند القدامي فألا حسنا وطريقا لطرد الأشرار وكسب النجاح لذلك نجد أن بعض المنتخبات راهنت علي النجوم لجلب الانتصارات والألقاب وغالبا ما نجد لقب النجوم في إفريقيا كمنتخب غانا الملقب ب " النجوم السوداء "ومنتخب كينيا ب "نجوم هارامبي" ، ومنتخب ليبيريا ب "النجوم الفريدة" . وعلي النقيض للنجوم تأتي النار في مقام آخر عند بعض المنتخبات والتي تتجسد في كلمة "الشياطين"، إذ تعكس هذه الكلمة عدم الائتمان والمكر والانتصار بأي وسيلة، كلمة "الشيطان" تعني أيضا عند بعض المنتخبات زرع الهلع والخوف عند الخصم، وحتي جماهير منتخبات الشياطين في الملعب تحمل قناعا بقرنين نسبة إلي "الشيطان"، كما في عرف الأوروبيين، منتخب بلجيكا الملقب ب "الشياطين الحمر" وكذا منتخبي أنجولا وكوريا الجنوبية . وحتي وإن كانت ألقاب وتسميات المنتخبات ليست وليدة اليوم، فإن منتخب اليونان واحتفاء بالفوز التاريخي بلقب اليورو 2004 فقد وجد لنفسه لقبا بعد صعوده علي منصة التتويج، إذ اختار اليونانيون لمنتخبهم لقب القراصنة، إذ اعتبروا هذا اللقب عبارة عن غنيمة سلبها اليونانيون من قلب باخرة برتغالية أي بعقر دارهم، وطبعا لن يقوم بهذا العمل إلا قراصنة شجعان هم أصلا عناصر المنتخب اليوناني . في إفريقيا.. الأسد ملك الغابة وأنت تتابع مجريات دورة من دورات كأس أمم إفريقيا، لابد وأنك ستشعر أن المنافسة هي أصلا بين أشرس حيوانات الغاب، فعلي مدار سنتين يشهد بلد إفريقي تطاحنا ضاريا وحربا ضروسا بين الحيوانات تمثل المنتخبات الإفريقية، وتعد منتخبات القارة السمراء هي الأكثر تشبثا بألقاب الحيوانات، فالإنسان هناك أقرب إلي الطبيعة، والحيوان يجسد مظهرا آخر من مظاهر الحياة وعنوان القوة والشجاعة والكبرياء . ولأن الأسد هو ملك الغاب وملك الحيوانات الذي لا يعلي عليه، فإن المنتخبات الملقبة بالأسود هي الأفضل في القارة الإفريقية نسبة إلي لقبها، ذلك أن المنتخب المغربي أو "أسود الأطلس" حقق إنجازا تاريخيا، إذ إنه أول منتخب إفريقي يجتاز الدور الأول في كأس العالم عام 1986 ولا ننسي أيضا إنجاز منتخب "الأسود غير المروضة" أو الكاميرون في كأس العالم 1990 في إيطاليا وما حققه أيضا "منتخب أسود تيرانجا" السنغال في كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان . وأمام الأسود تنتفض حيوانات أخري كأفيال الكوت ديفوار كقوة قادمة علي الساحة الإفريقية والعالمية و"النسور الخضر" لنيجيريا، و"نسور مالي"، و"أسود سيمبا " لمنتخب الكونغو الديمقراطية، و"سناجب" لمنتخب البنين، و"العقارب" لمنتخب زامبيا، و"نمور الجابون"، و"نسور قرطاج" لمنتخب تونس .