للمرة الأولي منذ عام 1960 لن تستطيع شراء سلاح التلميذ أو الأضواء أو غيرهما من الكتب المدرسية الخارجية إلا من خلال السوق السوداء! ففي الفجالة أشهر منافذ بيع وتوزيع الكتب الخارجية وجدنا الخبر اليقين حالة من الركود جعلت أصحاب المكتبات يصرخون وأولياء أمور حائرون يبحثون لأبنائهم عن الكتب في الأزقة وتحت السلالم ومداخل العمارات. مشاهد أزمة وزارة التعليم مع دور النشر بسبب حقوق الملكية الفكرية تبدو واضحة. بلهجة غاضبة عبر فضل محمد صاحب مكتبة عن حالة الركود التي تعاني من بدء المكتبات في «عز الموسم» قبل أيام بعد العام الدراسي الجديد لوقف بيع الكتب الخارجية هذا العام نتيجة للأزمة بين الوزارة ودور النشر للحصول علي ملايين الجنيهات من دور النشر ويتوقع أن تزداد وحدة الأزمة مع تمسك الوزارة بقرارها الذي سيؤدي إلي وقف حال المكتبات الصغيرة وإرباك أولياء الأمور ورواج بيع الكتب الخارجية والمذكرات العشوائية التي تنتج بمطابع «بير السلم» بعيداً عن الرقابة. ويتفق معه شوقي إبراهيم بائع كتب علي تبعات حدة الأزمة ويستعد قائلاً إن طبعات الكتب الخارجية الجديدة لعام 2011 بالفعل تم توزيعها من دور النشر علي المكتبات ولكنها مخزنة ومحظور بيعها وهناك تفتيش شبة يومي من وزارة التربية والتعليم لرصد مدي التزام المكتبات بعدم البيع وكأنهم يفتشون علي مخدرات أو مواد مهربة. وفي ظل حالة الترقب وعدم البيع هناك بعض المكتبات التي تبيع الكتب الخارجية خلسة ولكن لزبائنها والمدرسين الذي اعتادت التعامل معهم فقط أما أي ذبون عادي فيرفضون التعامل معه كما حدث مع عبدالسلام شاهين أحد أولياء الأمور الذي كان يبحث عن الكتب الخارجية لابنته طالبة الثانوية العامة لاقتراب العام الدراسي معبرًا عن عدم فائدة كتب الوزارة واعتماد ابنته علي الكتب الخارجية إلي جانب الدروس الخصوصية وعدم إتاحة الكتب للتلاميذ وخاصة الشهادات في رأيه يؤدي إلي «فشلهم فشلاً ذريعًا» علي حد تعبيره. بينما لجأ أصحاب دور النشر إلي القضاء لوقف قرار الوزير الذي يعتبرونه تشريدًا لنحو 2 مليون عامل يعملون بهذه الصناعة لعدم مقدرة الناشرين علي تحمل الملايين المطلوبة منهم. يعتبر محمد عبدالمجيد- مدير إحدي دور النشر- أن ما يحدث «خراب بيوت» لجميع العاملين في هذا المجال وصاحب الدار سوف يلجأ إلي تقليص أعداد العاملين وخفض رواتبهم في حالة تحمله تكلفة حق الملكية الفكرية، كما أن هناك 50 ألف مكتبة علي مستوي الجمهورية متخصصة في بيع الكتب الخارجية سوف تتوقف عن العمل. ويؤرخ - أمين نبيل- مدير دار نشر لظهور الكتاب الخارجي مؤكدًا أنه ظهر للمرة الأولي عام 1960 كمساعد لكتاب الوزارة موضحًا أن دور النشر كانت ملتزمة طوال هذه السنوات بتسديد حقوق وزارة التربية والتعليم والتراخيص المطلوبة منها ومراجعتها للمادة العلمية والالتزام بالمعايير والشروط التي تفرضها للموافقة عليها إلي جانب حصول الكتاب الخارجي علي رقم ايداع بدار الكتب المصرية باعتباره مؤلفًا جديدًا مستقلاً بذاته. ورغم أن سعر التصريح في السابق كان لا يزيد علي 6 جنيهات للكتاب الواحد ومع مرور السنوات فقد وصل إلي 400 جنيه ثم 600 جنيه إلي أن وصل إلي ألف جنيه إلي أن جاء قرار الوزير الحالي بفكرة حقوق الملكية الفكرية ليصل سعر الترخيص إلي آلاف الجنيهات. وتتراوح أسعار الكتب الخارجية في المتوسط بين 8 إلي 12 جنيهًا للمدارس الأميرية أما اللغات فقد يصل إلي 25 جنيهًا نظرًا لاحتواء الكتاب علي أجزاء اضافية كما يقول محمد عبد المجيد. في المقابل ورغم تضرر دور النشر من القرار شجع الخبراء هذه الخطوة، ويقول د.علي مدكور استاذ تطوير المناهج التعليمية بكلية التربية جامعة القاهرة الكتاب الخارجي بأنه «بدعة» مصرية لا يوجد بأي دولة في العالم. فالكتاب المدرسي يؤلف - كما يقول - بشكل علمي وطبقًا لشروط ومعايير تتم مراعاتها بعناية من قبل خبراء وأكاديميين وهناك محكومون سريون يقومون باختيار الأفضل ما بين مجموعة من الكتب من خلال المسابقة التي تطرحها الوزارة وعلي الوجه الآخر يري أن الكتاب الخارجي «تجاري» وهدفه الأساسي التوزيع والربح لذا يعتمد في الأساس علي وضع معلومة مباشرة والأسئلة المتوقعة وحلها حتي يحفظها التلميذ دون فهم. أيضا يعتبر د.كمال مغيث، خبير بحوث التعليم، أن الكتب الخارجية وصلت إلي حالة من الفوضي العارمة التي تحتاج إلي وقفة لوضع حد لها.. ويلفت إلي ضرورة التفكير في مشاكل التعليم بعيدا عن الماديات الأمر الذي يتطلب من الوزارة منع إعطاء أي حقوق ملكية فكرية لأي جهة، بحيث يقتصر الأمر علي كتب الوزارة وملازم التدريبات الخاصة بها، مع ضرورة توقيع الوزارة أقصي عقوبة علي المنتفعين من جريمة تأليف الكتب الخارجية من الباطن لصالح دور النشر. بينما انتقد عبدالسميع حمزة، رئيس المعاهد القومية الأسبق بوزارة التربية والتعليم، القرار المفاجئ بالحصول علي حقوق الملكية الفكرية من دور النشر دون إعطاء فرصة لتقنين أوضاعهم، ويري أن القرار في حاجة إلي دراسة متأنية. كما أن المبالغ التي ستفرضها الوزارة علي دور النشر -من وجهة نظره- سيتحملها في النهاية ولي أمر التلميذ الذي يعتمد علي الكتاب الخارجي بشكل أساسي لحاجة الكتاب المدرسي الشديدة إلي تطوير، مؤكدًا أن الاستمرار في طرح كتب الوزارة علي حالها إهدار للمال العام.