كتب : فريد زكريا ... نقلا عن نيوزويك الامريكية تفجيرات أوغندا ما هي إلا بداية.. هذه هي الكلمات التي جاءت كتحذير علي لسان أبو زبير «زعيم شباب المجاهدين في الصومال» حيث أعلنت حركة شباب المجاهدين عن مسئوليتها عن التفجيرات التي شهدتها العاصمة الاوغندية التي وقعت خلال متابعة الحشود للمباراة النهائية ببطولة كأس العالم والتي أسفرت عن مقتل 70 شخصا، وأعادت تلك التفجيرات الحديث حول الصلة الغامضة بين حركة الشباب وتنظيم القاعدة إذ حذر عدد من المحللين من أن الدول الفاشلة تمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي ولكن في الواقع إن الحالة التي عليها الصومال الآن وحركة شباب المجاهدين تثبت عكس ذلك. الصومال دولة فاشلة وهو أمر غير قابل للجدل فقد نشرت مجلة فورين بولسي المؤشر السنوي للدول الفاشلة وللعام الثالث علي التوالي تتصدر الصومال المركز الاول بلا منازع ، فالصومال ليس لديها حكومة فعالة منذ عام 1992 وهو وضع مأساوي ولكن يبدو أن صناع القرار بالولاياتالمتحدةالامريكية علي اقتناع بأن الصومال هي واحدة من المناطق التي تشكل خطرا علي المصالح القومية الامريكية. ومن جانبه أوضح روبرت جيتس-وزير الدفاع- أن مواجهة تلك الدول الفاشلة وبشتي السبل هو التحدي الأمني أمام الولاياتالمتحدةالامريكية في الوقت الراهن.. وأيدت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون وجهة النظر تلك حيث اتخذت خطوات فعلية للمساعدة في التصدي لتلك المعضلة، وعندما كانت كوندوليزا رايس تشغل منصب وزيرة الخارجية الامريكية لم تكف عن الاشارة الي الدول الفاشلة بأنها أسوأ تهديد يواجه الأمن الأمريكي. ونري أفغانستان التي تئن من الفوضي منذ التسعينيات بل وأصبحت معقلا لتنظيم القاعدة الذي تجهز نفسها للهجوم علي أمريكا، لكن الوضع في أفغانستان بات أكثر تعقيدا فحركة طالبان جاءت إلي السلطة بدعم من الجيش الباكستاني الذي دعم لفترة طويلة الاسلاميين الراديكاليين وتضم اليوم عددا قليلا من أعضاء تنظيم القاعدة في أفغانستان - من 60 إلي 100 - وفقا للسي أي إيه. وأشار كين مينخوس- الخبير بشئون القرن الإفريقي في كلية "ديفيدسون"- إلي أن الإرهاب العالمي يستفيد بشكل أقل من الدول الفاشلة بينما يحقق مكاسب أكثر من الدول الضعيفة مثل باكستان والتي يدعم بعض الأفراد داخل نظامها الحاكم الإرهابيين، الجدير بالذكر ان هناك العديد من الدول الفاشلة مثل بورما والكونغو وهاييتي ولكن لم تشكل أي منها اي تهديد إرهابي عالمي. وعقب انهيار الحكومة في الصومال في عام 1992 أرسلت الولاياتالمتحدةالامريكية قوات إلي البلاد كجزء من مهمة الاممالمتحدة لمواجهة المجاعة ثم سرعان ما تدخلت في الصراع الداخلي علي السلطة وانتهي الامر بانسحاب مهين، وبعد عقد من الزمان بدأت واشنطن في تمويل الفصائل الصومالية المتناحرة لانزعاج واشنطن من تزايد الحركات الراديكالية علي يد اتحاد المحاكم الاسلامية بل كانت واشنطن قد قدمت دعما ضمنيا الي التدخل الاثيوبي. وتسلط الصومال الضوء علي مدي تعقيد نهج الدول الفاشلة فإذا قامت واشنطن بالتصدي بعنف إلي المسلحين فإن دور المتطرفين سيتنامي وهم الذين يدعون أنهم قوميون يحاربون الامبريالية الامريكية، واذا ما لجأت واشنطن لخيار المحادثات معهم سيوجه اليها البعض اتهامات بتمكين الجهاديين لذا فالحل الحقيقي هو تعزيز قدرة البلاد فتحظي الحكومة بمزيد من الشرعية وستفقد المعارضة المصداقية. والسؤال الآن هو ماذا نفعل في الصومال؟، يري برونوين بروتون- المحلل السياسي في مجلس العلاقات الخارجية - أن الحل في فك الارتباط والفكرة تكمن في مراقبة الموقف بحذر لبحث دلائل الارهاب العالمي الحقيقي، فعلاقة الشباب بتنظيم القاعدة يبدو انه علي الجانب الخطابي فقط ولكن اذا كانوا حقا يمثلون خطرا وقوة فيكون هناك استعداد لتوجيه ضربات لهم وهو ليس أمرا صعبا فالصومال ليس بها جبال أو غابات وهو ما يساعد علي أن تكون مسرحا لمكافحة الارهاب.. ويجب الانتباه الي عدم العبث في الشأن السياسي الداخلي.. ويري بروتون اننا نمتلك القدرة المحدودة للتأثير علي الاحداث في الصومال بشكل سلبي لكن لدينا قدرة لانهاية لها في جعل الاشياء أكثر فوضي.