لا شك أن الكاتب الفرنسي الكبير جان كوكتو المولود في الخامس من يوليو سنة 1889 أحد أبرز علامات الثقافة الفرنسية في القرن العشرين أما عن سلوكه الشخصي الذي قد لا يروق للكثيرين فهو جزء من منظومة الحضارة الغربية فلا متسع لإدانته أو التشهير به ولا معني أيضا للدفاع عنه وتمجيده. قرب نهاية الأربعينيات من القرن العشرين قام جان كوكتو بجولة في الشرق وزار مصر ليكتب عنها مؤلفا شهيرا عنوانه كلمة مصرية صحيحة تحمل الكثير من الدلالات معليهش!. عشرات من الاتهامات يوجهها كوكتو إلي الحياة المصرية بعضها صحيح لا يمكن الدفاع عنه وبعضها لا يخلو من التطرف والتحامل وفي الحالتين يجد في الكلمة الشعبية ذائعة الصيت مفتاحا يفسر من خلاله جملة السلبيات التي يرصدها. من حقه أن يكتب كما يريد فليس من مجتمع إنساني واحد عبر التاريخ كله يخلو من الآثام والأخطاء والخطايا وقد تكون الزيارة العابرة مبررا لسطحية التناول وإنطباعية المعالجة فكيف إذن يكون الأمر بالنسبة للمصريين الذين يبالغون الآن في وصف مصر المعاصرة متكئين علي قاموس مفرداته في السب والشتم والسوداوية واليأس والإسراف في التحامل والتطاول غير المسبوق؟! ليسوا غرباء حتي يلتمس لهم الغدر مثل كوكتو وليسوا بالجهلة أو محدودي الوعي والثقافة لكنهم يستثمرون المظاهر السلبية بحثا عن أهداف سياسية ولا ضمير عندهم في سبيل ذلك أن يلحقوا التشوية بالوطن والشعب بالماضي والحاضر والمستقبل. ليس صادقا من يقول إن مصر مجتمع مثالي تسكنه الملائكة لكن الكذبة المغرضين وحدهم من يزعمون أننا نعيش في غابة قوامها الفساد والانحراف وضياع الأخلاق والقيم صحف وفضائيات يأكل العاملون فيها خبزهم من احتراف الأكاذيب والافتراءات والمزعج أنهم يزايدون علي الجميع بإدعاء الوطنية المتطرفة والتلويح برايات النزاهة المطلقة! لو أنهم حسنوا النية لأنطبق عليهم عنوان كتاب جان كوكتو: «معليهش»! لكنهم ليسوا كذلك!