يظل القارئ يتابع كاتبا معينا ربما بحكم العادة وربما بحكم الصدفة إلي أن يجد نفسه فجأة وقد أصبح لا يتخيل ألا يقرأ لهذا الكاتب.. ودون وعي تنشأة علاقة نفسية تربط بين القارئ والكاتب رغم أنهما قد يكونان في حالات كثيرة لم يلتقيا أبدا فإن الكاتب يكتب بيقين أن هناك من ينتظره بل فينتظر منه كلمات بعينيها.. وكذلك القارئ الذي يبحث عن كاتبه ويتابعه ويعاتبه إذا تأخر عنه وكأنه يريد أن يسمع كلامًا معينًا منه لا يسمعه ولا يستسيغه إلا منه تحديدا.. ويفرح جدا ويحتفل به إذا وجده ولو مصادفة في مطبوعة ما.. فيكون كمن وقع علي كنز.. وهذا تحديدا ما حدث مع كاتبنا الكبير علي سالم مع القارئ عمرو حسين الذي أرسل إليه هذه الرسالة المطولة وننشر اجزاء منها. عزيزي الأستاذ الفنان المفكر المبدع القدير علي سالم أخيرا وجدت وسيلة ما للاتصال بك ولا اكتب إليك لطلب نسخة من القصيدة الجميلة فترجمتك لها ممتازة ولكنها فرصة انتظرتها طويلا لأبعث إليك بتحية صادقة من أعماق القلب مليئة بما أكنه لك من مشاعر والاعجاب والتقدير أيها المبدع العظيم. فأنا يا سيدي من أكبر قراء وأشد محبي وعشاق علي سالم بدرجة قوية جدا وربما مدهشة، وعلي سالم بالنسبة لي ليس مجرد فنان عظيم يجيد حرفته وهي صناعة البهجة بل هو قدوة ونموذج عظيم اتطلع إليه بالكثير من الاحترام والأكبار. فلقاءاتك ومناظراتك درس في أدب الحوار والاختلاف وعندما أشاهدك في البرامج التلفازية أعجب بمدي الصدق والاتساق والتوافق بين ما تقول وما تكتب وأنك لا تقل عظمة عن ابداعك فأنت يا سيدي التهذيب مجسدا حتي مع أكثر الناس بعدا عن التهذيب وأقربهم إلي العدوان والفجاجة طلقاتك كلها موجهة نحو الشر والزيف تخوض معاركك وخصوماتك بمنطق قوي ووضوح في الفكرة ونبل راق نادر المثال كما أنك نموذج محترم في دفاع الإنسان عما يؤمن أنه صحيح ومحقق للخير والمنفعة مهما كانت العقبات والتضحيات. وكذلك أبحث دائما في شبكة النت عن كل مقالاتك وحواراتك الصحفية وعن تسجيلات مناظراتك في الفضائيات وعما إذا كنت أصدرت كتبا جديدة واقبل علي كل ما أعثر عليه لك بنهم شديد فأنا لا أمل ولا أشبع من علي سالم بل إنني كنت منذ فترة وجيزة عندما عرفت بعض الصحف التي تكتب فيها كنت اشتري علي وجه الخصوص جريدتي «روزاليوسف» يوم الاثنين ونهضة مصر الخميس لأقرأ مقالاتك وبعدها أقوم بقصها من الجريدة للاحتفاظ بها واستمر ذلك إلي أن توقفت مقالاتك في نهضة مصر وكم دهشت عندما سمعتك مرة تقول بكل تواضع اكتب الآن في الصحف نظرا لابتعادي عن المسرح وبالرغم من اسفي لأنني لا أري ابداعك مجسدا علي خشبة المسرح وبالرغم من خسارة المسرح المصري لابداعات فنان بارع مثلك كما أن التليفزيون لا يذيع من مسرحياتك القديمة كما تمتعت بقراءتها إلا مسرحية واحدة فقط هي مدرسة المشاغبين. بالرغم من ذلك فإنني أجد أن قلمك لا يقل متعة وابداعا في المقالات التي تبين كما أنت مفكر عميق يحترم قارئه والتي انتظرها دوما لأري وجهة نظر موضوعية معتدلة ورؤية ثاقبة في العديد من الموضوعات والقضايا المطروحة علينا سياسية كانت أو اجتماعية أو فنية أو موضوعات أخري متنوعة مثل الحديث عن العملاق العظيم نجيب محفوظ كما في مقالة «رجل مصنوع من الحروف الموسيقية» أو انطباعك عن بلد زرته كما في مقالة «سويسرا السهم والتفاحة» أو غيرها وذلك كله في إطار فني مبدع كالعادة يتناول حتي أصعب المشكلات بعذوبة فائقة. ولا عجب فكتاباتك كلها و«خاصة المسرحيات» ابداعات فنية راقية وعظيمة سواء كانت أعمالاً فنية أو مقالات صحفية أو كتبًا فكرية وأنا لا أقرؤها لمجرد التسلية رغم أنها مصدر قوي وأكيد للبهجة والمتعة ولا أظن أنني لا استطيع الثناء عليها في رسالة فدون ذلك الصفحات الطوال والتي قد لا توافيها حقها من المدح والتقدير لكنني أكتفي بأن أقول أنها دعوة قوية عذبة علي اعتناق العديد من الأفكار والمعاني النيرة مثل النبل والاتقان والاحساس بالمسئولية والتهذيب حتي من الخصوم وحب الحياة والدفاع عنها ضد كل ما يتهددها من شر وقبح والاعتدال واحترام العقل والتفكير الواقعي البناء والاتقان والجدية والاجادة والرغبة في الانجاز واعتباره المحطة الرئيسية في طريق السعادة والقوة المبنية علي الثقة والاعتزاز بالنفس وعدم الشعور بالدونية والتعامل علي أساس من الندية مع الآخر أي آخر كل ذلك وأكثر بدأت التعرف عليه من كتاباتك وابداعك.. وكانت بداية معرفتي بك منذ وقع بين يدي مصادفة كتاب «أيام الضحك والنكد» ولم أكن وقتها من هواة القراءة كثيرا. قرأته عرضا ولكنني فوجئت بدرجة استمتاعي وانبهاري الشديد به واحسست كأنني عثرت علي كنز اسمه علي سالم فعزمت علي الحصول علي جميع أعمالك الإبداعية فبدأت رحلة بحث عن كل كتبك ومسرحياتك وفي ظل مناخ لا تحظي فيه معظم الأعمال الجدية بالاهتمام والتقدير المناسب وما أطلبه منك أن توافيني دائما بأسماء الكتب والأعمال الإبداعية التي تصدر لك أولا بأول لأتمكن من شرائها وكذلك لتخبرني لو كتبت في صحف أخري مستقبلا فأنا حاليا اتابعك يوميا في «روزاليوسف» وأسبوعيا في الشرق الأوسط، لأنني كثيرا ما أجد صعوبة في العثور علي ابداعاتك الفنية. كما اتمني أن يكون لك موقع علي شبكة النت تتواصل به قريبا مع كل معجبيك ففنان حقيقي مثلك أولي بالاستفادة من تكنولوجيا العصر التي يجب أن تكون في خدمة كل جميل وختاما لك كل الحب والود وليجعل الله «نهارك أبيض» ول«يسعد صباحك» وليجعل أيامك «ضحك بلا نكد»، «لتتمكن من مجابهة الأفكار الصادرة عن كل المشاعبين».