لماذا لا نعترف بأننا نعاني من التعصب؟. الإجابة: لأننا متعصبون!.وهي إجابة منطقية طحن!. المتعصبون لا يعترفون بتعصبهم، فهم كالمجانين لا يدركون حالتهم، بل يعتقدون أنهم أعقل العقلاء، وأن الحق معهم فلا يمكن أن يكونوا علي خطأ، إذا تساهل المجتمع معهم اتهموا العقلاء ممن لا ظهر لهم بالجنون وسعوا لعزلهم كأنهم مرضي، فإذا لم يتمكنوا أطلقوا عليهم الرصاص وهذا أسهل وأسرع. أتحدث عن حادث نجع حمادي الذي لن يكون الأخير بالقطع! لماذا لا نعترف بأن عندنا فتنة طائفية؟. لأننا لو اعترفنا بوجودها صار علينا أن نتوقف عن التمييز بيننا وبين القبط بينما لا تزعجنا هذه الحوادث ما دامت لا تصيبنا (نحن) إنما تصيبهم (هم)، ولا يزعجنا استمرار هذا التمييز، فما يزعجنا هو أن ندخل في معركة مع المتعصبين لتغييرهم أو ردعهم، من هنا ندعي أن الحوادث الطائفية فردية، من يرتكبونها غير أسوياء وليسوا منا. فالأسهل أن نداري الحقيقة ونعتم عليها رغم علم الجميع بها في بلادنا وبلاد العالم الذي يتفرج علينا ولا يصدقنا لأنه يصدق عقله. في الستينيات كانت عندنا فنانة لم تتزوج لوقت طويل، ولأنها كانت محبوبة ومسنودة فقد ظل يشار إليها بالآنسة حتي بعد أن شاخت. وعندئذ شاعت نكتة تقول إن الدليل علي كونها آنسة أن كل الرجال الذين عاشروها أقسموا أنها مازالت عذراء!. وظل يشار إليها بالآنسة بعد زواجها السري الأول!.أما الصحفي الذي تجرأ وكتب خبرا عن زواجها فقد وضعته سلطة الزعيم عبد الناصر في السجن!.وهي واقعة كتبت وسجلت بعد موته وإن لم تأت حتي الآن في مقالات كبير الصحفيين في ذلك العهد محمد حسنين هيكل الذي كان يكتب تحت عنوان (بصراحة)!. والرأي العام عندنا بعد كل الحوادث الطائفية مازال بكرا كتلك الآنسة لا يعترف بأننا نعاني العنصرية. لماذا ؟ لأننا عنصريون!. وهي إجابة آخر حاجة!. تعبير (آخر حاجة) من التعبيرات الشبابية التي استجدت وقد فهمته أخيرا. فقد قرأت في صحيفة لا تختلف عن غيرها كثيرا خبرا بأن أحد المسلمين في نجع حمادي بعد الحوادث الطائفية الأخيرة، قام بمساعدة جاره( المسيحي) في نقل طفله للمستشفي عندما وقع علي سلم، ثم تعلق الصحيفة بأن مدينة نجع حمادي بهذا تكون قد شهدت تجسيدا لروح الوحدة الوطنية بين (عنصري الأمة). نشر الخبر بالصفحة الأولي يعني أنه من الغرائب و إلا ما استحق النشر حتي في صفحة الحوادث، فما الغريب أن يساعد مواطن جاره؟!.الجديد الذي هو آخر حاجة فعلا، هو نفسه القديم جدا ونردده منذ عقود عن وحدة (عنصري الأمة) وهو ما يثبت العكس تماما. فلم يكن هناك انفصال أعقبته وحدة إلا في عهد مينا موحد القطرين!. وبالتالي تعبير عنصري الأمة يعني (عنصرية الأمة) أو (الأمة العنصرية)، فما معني أن المسلم من عنصر والقبطي من عنصر آخر؟. لاحظ اختيار الجريدة كغالبية صحفنا لكلمة (مسيحي) بدلا من قبطي التي تعني المصري ومنها جاء اسم مصر (ايجيبت) كما هو معروف، لكن التعصب يحيل القبطي المصري الذي يتبع الكنيسة الشرقية إلي مسيحي لينصرف الذهن إلي (غربي)، وبالتالي فالقبطي محتل كالغرب المسيحي الذي احتلنا بعد أن عشنا آلاف السنين عربا مسلمين موحدين بالله!!وهكذا يخرج القبطي من ملتنا ومن مصريتنا وتاريخنا معا. فكر في صياغة الخبر ثانية لتعرف كم كان الرجل المسلم متسامحا غير متعصب بدليل مساعدة جاره المسيحي قريب ونسيب عائلات ريتشارد قلب الأسد الذي هزمه صلاح الدين الأيوبي المصري الكردي الذي نال أصوات 999.99٪ من أصوات المسلمين المصريين في الانتخابات التي أشرف عليها وزيره الطاهر قراقوش!. القبط هم سكان (مصر) قبل أن يصبحوا أقباطا ومعني أنهم من (عنصر) أن المسلمين من ( عنصر) أخر جاء من منطقة ( العرب) إلي مصر فاتحين أو غزاة حسب ما تراه. لكن التاريخ ينصف المصريين المسلمين، فغالبيتهم من القبط الذين دخلوا الإسلام بعد أربعة قرون من دخول الظافر بن العاص الذي لسماحته لم يحرق إلا القري التي لم تستسلم له، ولم يقتل إلا من عجز عن دفع الجزية، المهم أن أكثرية المسلمين المصريين من عنصر واحد هو القبط. ولأن الإسلام يبيح زواج المسلم من قبطية، فقد كثر الزواج بين من ظلوا أقباطا, والقبط الذين أسلموا بحكم العيش معا لآلاف السنين، ولهذا يقال للقبطي (يا أبو خال) لأنه يصبح خالا للطفل الذي تزوجت أخته من قبطي أسلم، هذه هي مصر، وحدة واحدة إلا بعض قبائل ( عربية ) مازالت تسكن علي أطراف الصحاري أو الصعيد وتعيش بأخلاق القبائل. لست قبطيا أو كاثوليكيا أعيش في المهجر وأرمي بلادي بتهمة العنصرية. وأقر بأني أسمع كلاما كثيرا عن المواطنة ولكني لا أري فعلا، فإن وجد فهو ذر للرماد في العيون، وأستطيع أن أقرر أن هناك تعصبا واضحا وأحيانا صارخا من بعض المسلمين خارج السلطة وداخلها ضد الأقباط يجعل بعضهم كرد فعل يصبح بدوره متعصبا لدينه، وهنا تقع المسئولية علي المسلمين لأنهم الأغلبية ويمسكون بالسلطة، لا تقل لي إن بعض المناصب يتولاها الأقباط . فهي (كوتة) سرية لا تفصح عنها السلطة.مستمرة منذ أيام عبد الناصر وسارية للآن. وهو ما يعني أن هناك تمييزا ضدهم أسوأ من التمييز ضد المرأة التي جعلنا لها (كوتة) هي أيضا، وكما يزيد التحرش بالمرأة سنة بعد سنة يتزايد التحرش بالعنف ضد الأقباط، ولا عجب أن يتزامن هذا مع الحجاب والنقاب. زينا العلم المصري بالصقر ثم بالنسر وهي رموز عربية ولم نفكر في الأهرام مثلا كرمز يخصنا وحدنا دون بقية الأمم، فضلا عن أنه مازال ينفق علينا مسلمين وأقباطًا حتي اليوم ولمئات السنين!.