تنسيق المعهد الفني الصحي 2024.. الرسمي لطلاب علوم ورياضة    "دستورية النواب": أنهينا أكثر من 500 مادة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية    في اليوم العالمي لمحو الأمية.. الحوار الوطني يستعرض توصياته بشأن تطوير منظومة التعليم    محافظ المنيا يترأس لجنة دراسة المشروعات المتقدمة للمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    رئيس الوزراء يلتقي وزير المالية لمتابعة ملفات عمل الوزارة    وزير الصحة يبحث التعاون مع ممثلي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    هل هناك معايير جديدة للحذف من بطاقات التموين؟.. متحدث الوزارة يكشف    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر سبتمبر 2024    إيهود باراك: إسرائيل أقرب إلى الهزيمة في قطاع غزة    مصراوي يكشف موعد عودة علي معلول للتدريبات الجماعية مع النادي الأهلي    بشرى لجماهير أرسنال عن إصابة كالافيوري    القاهرة 34 درجة.. الأرصاد تعلن طقس الاثنين بدرجات الحرارة والظواهر الجوية    نص اعترافات المتهم بقتل زوجته خنقًا في كفر الشيخ: المخدرات عملتلي تهيؤات وأفكار شيطانية (خاص)    تفاصيل 9 أفلام تدعم القضية الفلسطينية بمهرجان الإسكندرية السينمائي فى دورته الأربعين (صور)    "تحدي الرقص".. هل يحسم صراع شيرين عبدالوهاب مع روتانا؟    أيمن عزب: أتمنى تقديم سيرة عبد الوهاب في مسلسل    جوائز ب 740 ألف دولار.. تركي آل الشيخ يكشف شروط المشاركة في جائزة القلم الذهبي    رسميًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2024 في مصر (مدفوعة الآجر للقطاع الحكومي والخاص)    وزير الصحة يتابع مؤشرات توافر الأدوية بالسوق المحلية    احذر- التجشؤ المتكرر قد ينذر بمرض خطير    تصاعد التوترات بين الأرجنتين وفنزويلا على خلفية حصار الشرطة لسفارتها في كاراكاس    أخبار الأهلي : هل يعتزل أحمد حجازي بعد أزمته مع المنتخب ؟ اللاعب يحسم قراره    محسن صالح يعترف مفيش نجم بيمضى على بياض حبا فى الأهلي كله بالفلوس ولو جاله عرض أكبر هيمشى    رئيس وزراء العراق: خطونا خطوة مهمة لحسم ملف بقاء قوات التحالف الدولي في العراق    سيول المغرب| انهيار منازل وتضرر الطرقات وتعليق الدراسة    نقيب الصحفيين يكشف سبب وقف القيد من جريدة الميدان    استلام مُسوّغات التعاقد يبدأ غدًا.. محافظ بني سويف يناقش إجراءات مسابقة 30 ألف معلم    حرق إسرائيل أو وقف العدوان.. تفاصيل المظاهرات الداخلية بتل أبيب    السوداني: اتخذنا خطوة مهمة نحو إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة بالعراق "يونامي"    إعلام إسرائيلي: سقوط 5 صواريخ في منطقة مفتوحة ببلدة زرعيت بالجليل    زاهي حواس يطلق حملة لاستعادة تمثال رأس نفرتيتي من برلين    «dmc»: النسخة الأولى من منتدى الإعلام الرياضي تشهد زخما كبيرا    أمين الفتوى يوضح مدى جواز أن تمتنع الزوجة عن زوجها بسبب تدخينه    أمينة الفتوى: الأصل في سفر المرأة تكون بمحرم لكن الظروف تغيرت    أسرة بطلة الأثقال صفاء الضبع: شرفتي مصر والصعيد بالبرونزية    دوري مصري طبيعي منتظم.. هل هو من المستحيلات؟    محافظ أسيوط يتفقد المخزن الإقليمي للأدوية ومستشفى الرمد    عالم أزهري: من يصلي الفرض في وقته يستظل بعرش الرحمن يوم القيامة    تعيينات قضائية.. قراران جديدان للرئيس السيسي    تطور مفاجئ.. ليفربول يستعد لكسر سياسته التعاقدية من أجل محمد صلاح    جوائز فينيسيا السينمائى تذهب للأفكار الجريئة والأدوار المثيرة    الحرب على أطفال غزة.. اليتم والجوع ونقص التطعيمات    فحص 5 آلاف مواطن في قافلة طبية ضمن مبادرة «بداية» ببورسعيد    حبس سيدة احتجزت ابنة زوجها وعذبتها بالنار في كفر الشيخ    وزيرة البيئة: مصر تدعم الموقف الأفريقي حول الوصول لبروتوكول يدعم مواجهة الجفاف    حلمى التونى .. تلميذ الفن الشعبى    وزير الخارجية يزور جامع الشيخ زايد الكبير    محافظة الجيزة تفتح شارع الجمهورية بالهرم بعد رفع التعديات والإشغالات    «التضامن» تواصل فعاليات حملة «هنوصلك» لإصدار بطاقة الخدمات المتكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة    القوات المسلحة تنظم برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم    حكم قضائي بعدم دستورية إضافة رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء    مبادرة «القاهرة خضراء»: نستهدف زراعة 3 آلاف شجرة في مختلف الأحياء    «الداخلية» تواصل حملاتها بضبط 12321 قضية سرقة تيار كهربائي    رئيس الكتلة البرلمانية لحزب (قوة يهودية) الذي يتزعمه بن غفير يقتحم المسجد الأقصى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 8-9-2024    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. وفرص لسقوط الأمطار على بعض المناطق    كيفية معرفة وقت تذكرة المترو.. تجنب الغرامة الفورية لهذه الأفعال    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام في السودان (3)
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 30 - 11 - 2009


مع النخبة السودانية
في القاهرة وفي اجتماع تنويري لقيادات وكوادر حزب الأمة السوداني مع رئيس الحزب الصادق المهدي وقف أحد كوادر الحزب قائلا: "والله يا سيد الصادق صحيح أننا كسبناك في السياسة لكننا خسرنا فيلسوفا كبيرا"، وهذا صحيح فالصادق المهدي مثل النخبة السودانية يتمتعون جميعا بثقافة رفيعة تكاد لا تجدها في أي نخبة عربية أخري. الصادق المهدي علي سبيل المثال له أكثر من نظرية لحكم السودان، منها الديمقراطية التعاقدية، أي القائمة علي عقد اجتماعي وسياسي بين الناس جميعا علي النظام الديمقراطي الذي يرتضونه، ثم عاد بعدها بسنوات قليلة وكتب عن الديمقراطية المستدامة، وربما كان هو أول من استخدم مصطلح مستدامة ومن بعده أصبح هذا المصطلح حاضرا علي مستوي العالم كله ومقرونا بالتنمية.. المستدامة.
أما الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الآن، فهو فقيه دستوري نادر، وقد تختلف معه في توجهاته السياسية، لكنه أيضا كان صاحب فكرة الأممية الإسلامية، وحينما قاد حزبه السابق المؤتمر الوطني انقلابا عسكريا وسيطر علي الحكم منذ 1989 فتح الترابي الأراضي السودانية لكل الفصائل الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وكان يمكن له التجديد في الأفكار الإسلامية السياسية لولا أنه احتضن جماعات الإسلام السياسي العنيفة ودعمها.
وكان الراحل جون جارانج زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان زعيما سياسيا لا يشق له غبار، وحمل أفكارا للسودان الجديد قائمة علي التنوع والتعدد وحقوق المواطنة قبل أن تنتشر هذه الكلمة بعد ذلك في كل أنحاء العالم، لكنه بدلا من أن يسعي لبناء هذا السودان الجديد الذي بشر به ساهم في تكريس فكرة الانفصال بين شمال السودان وجنوبه.
وحين يتأمل أحد النخبة السودانية الثرية في أفكارها وحركتها لا بد وأن يتساءل، لماذا لم تفلح هذه النخبة في انتشال بلادها من الفقر والحرب ومخاطر التمزق؟.. وهل هذه النخبة نعمة أم نقمة؟
مشكلة السودان الحقيقية أنه وقع وسط تقاطعات عالمية لا طاقة له به، فهو بلد عربي بالجغرافيا والحكم، لكنه أفريقي بحكم الجغرافيا أيضا والتركيبة السكانية، وكان حلم النخبة الدائم أن يكون السودان هو الجسر الذي تلتقي عليه العروبة والأفريقية.. لكن هذه الأحلام كانت تواجه دائما بمشروعات دولية تريد نزع السودان من محيطه العربي وإبقائه فقط ضمن الحزام الأفريقي جنوب الصحراء الذي يفصل المنطقة العربية في القارة السمراء عن محيطها. وبينما يعتبر السودان واحدًا من أكثر البلاد في العالم تنوعا بين الأديان واللغات والثقافات والأعراق، فإنه لم يفلح في إذابة كل هذه الاختلافات في بوتقة واحدة ليصنع منها هوية سودانية يرتضيها الجميع.. ولم يصبح هذا التنوع خلاقا ولا وسيلة للتعايش وإنما تحول إلي طريقة للخلاف والنزاع والحرب والتداخلات الخارجية.
ورغم إدراك النخبة السودانية لهذه التحديات العظيمة التي تواجه بلادهم، ورغم وجود انتاج سياسي وفكري كثيف للتعامل مع الوضعية الجغرافية المميزة، فإن المشروعات الأجنبية التي استهدفت وما تزال السودان يبدو أنه كان لها الكلمة الأولي والأخيرة في هذا البلد الأكبر في أفريقيا من حيث المساحة، والأغني من حيث الطبيعة، والأكثر ثراء من حيث البشر.. لكن لايبدو أيضا أن كل ذلك تم تجنيده لصالح الحفاظ علي وحدة السودان، وتحول من نعمة إلي نقمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.