وصلتني علي بريدي الإلكتروني هذه الرسالة تحت عنوان (طرق تعذيب النساء)، وقد صنفت الرسالة تلك الطرق حسب جنسية المرأة علي النحو التالي بالنص: - المصرية: عد الفلوس قدامها.. ومتديهاش..! - الباكستانية: حميها كل يوم. - اللبنانية: أمنع عنها المكياج. - الكويتية: أربطها وخلي التليفون يرن. ثم تقول الرسالة: تخيل الدنيا بدون نساء، ستجد الأسواق هادية، وهناك كساد اقتصادي، والشوارع فاضية، وشركات الاتصالات تخسر، وسوق السيارات تقع، ودواء الضغط ملهوش لازمة، وكل الرجال يدخلون الجنة. وطبقاً لتصنيف العمر، تقول الرسالة إن المرأة في سن20 ككرة القدم.. يركض خلفها 22 رجلاً، وفي سن30 ككرة السلة.. يركض خلفها10 رجال، وفي سن40 ككرة البيسبول.. يركض خلفها رجل واحد، وفي سن50 ككرة التنس.. كل رجل يرميها للآخر، أما في سن 60 فهي ككرة الجولف.. تقذف إلي الحفرة. انتهت الرسالة.. التي قرأها الجميع بعين الدعابة والفكاهة التي تدعو للضحك والتندر، فكانت تعليقاتهم تؤكد علي ذلك. بل وزاد بعضهم بأن استكمل بعض الحكايات والأمثلة والدعابات التي تسير في الاتجاه نفسه. ولم أجد تعليقاً واحداً يحلل ما سبق من منطلق قضايا النوع الاجتماعي.. أي قضايا المساواة بين الرجل والمرأة. رسمت الرسالة الإلكترونية العديد من الملامح السلبية للمرأة بأشكال متعددة.. تتطابق مع نظرة المجتمع المصري والعربي للمرأة. وهي صورة تجتمع فيها القيم السلبية إجمالاً. وهو ما يؤكد أن جزءًا كبيرًا من تصوراتنا وثقافتنا لا يعتمد علي الاختبار الشخصي.. بقدر ما يعتمد علي القصص والحكايات المتوارثة.. تلك التي توجه تفكيرنا وتوجهاتنا، وبالتالي قراراتنا وأحكامنا. كما تحمل الرسالة صورة أخري سلبية أجدها أشد خطورة، وهي التي تتعامل مع المرأة من منطلق كونها سلعة كلما كان عمرها أصغر.. كلما زاد سعرها وقيمتها التي تجعل الرجال يلهثون وراءها.. وهو ما يؤكد التصور التقليدي للمرأة.. كسلعة جنسية في ثقافتنا بالدرجة الأولي، وليست كياناً إنسانياً مساويا للرجل بالتمام والكمال. إن كل الصفات السلبية التي تضمنتها الرسالة لا تنطبق علي المرأة فقط، ولكن صياغتها بهذا الشكل جعلتها وكأنها تخص المرأة وحدها من جهة، وأن صفات الرجل.. تأتي علي النقيض منها من الجانب الآخر. نحتاج إلي التدقيق فيما نقرأ، وقبل ذلك فيما نكتب.. لكي لا نجد أنفسنا في خندق التمييز ضد المرأة.. رغم كل ما ندعيه من مطالبات للمساواة ومنع التمييز وتمكين المرأة المصرية سياسياً وثقافياً واجتماعياً وقانونياً واقتصادياً. كما يجب علينا عدم الاستهانة بما يندرج تحت بند الدعابة والفكاهة.. لأنه في حقيقة الأمر أخطر ما يؤثر علي تكويننا الثقافي لأنه وعي غير مباشر. وهو ما يكون أكثر تأثيراً علي وجدان المجتمع وأفكاره من الوعي المباشر.