في ربيع عام 1940، وبينما المحتل النازي يتقدم في الأراضي الفرنسية، كان في الوقت نفسه "جهاز المصادرة" ، وهو جهاز انشئ خصيصا لهذا الغرض، يقوم اعتمادا علي قوائم اعدت مسبقا ،حتي من قبل اعلان الحرب- بعلميات مصادرة ونهب للاعمال الفنية الفرنسية استمرت طوال سنوات الاحتلال. ففي هذه الفترة انتقلت آلاف اللوحات والكتب والمخطوطات وقطع الأثاث والتحف النادرة والمقتنيات الثمينة إلي المانيا، سواء عن طريق عمليات السرقة المنهجية المنظمة التي قام بها هذا الجهاز، أو عن طريق عمليات تهريب قام بها الضباط والجنود الالمان. وبعد 8 سنوات من البحث والتحقيق عكف فيها الصحفي هكتور فليتشيانو علي تتبع هذه القضية ، نشر عام 1997 أول كتاب له يتناول هذا الموضوع بعنوان "المتحف المفقود"، وأدت ترجمة الكتاب في دول مختلفة إلي ظهور معلومات جديدة عن هذه الأعمال الفنية التي سرقها النازيون في أوروبا وفرنسا بالاخص، وبدأت تتشكل حركة دولية لاعادة هذه المقتنيات لاصحابها أو ورثتهم. ومن أهمهم تاجر التحف الشهير بول روزنبرج،الذي اشتهر ببيع لوحات أشهر الفنانين مثل بيكاسو وماتيس. فقد جاب المؤلف فرنسا بحثا عن هؤلاء الأشخاص أو أسرهم ليكتشف معلومات جديدة مذهلة وقصصاً مثيرة عن أكبر عمليات "النهب الثقافي" في التاريخ والتي كانت تتم في أغلب الأحيان بناء علي أوامر مباشرة من هتلر شخصيا. فقد كان هتلر ، الذي ظل يمارس الرسم حتي بعد أن فشل في دراسته بمدرسة الفنون الجميلة بفيينا، مهتماً بشكل خاص بلوحات الفنانين الفرنسيين في القرن السابع والثامن عشر. وكان يحلم بملء متحف لينز بأعمال الفنانين الكبار مثل سيزان ورمبرانت. وفي الطبعة الجديدة من كتاب "المتحف المفقود"، والتي صدرت هذا العام عن دارنشر جاليمار بعنوان"تحقيق حول سرقة النازيين للأعمال الفنية الفرنسية"، يؤكد فليتشيانو انه بعد انتهاء الحرب استغل أصحاب دور المزادات وسماسرة التحف هذه الفرصة وحصلوا علي هذه التحف واللوحات وباعوها ليضيع حق اصحابها الاصليين ويختفي هذا التراث الفرنسي الثمين مثل لوحة "الجارية" للفنان ماتيس. ويكشف الكتاب لأول مرة البعد الثقافي للجرائم النازية ، فلم تكن رغبة هتلر في جمع هذه اللوحات والتحف رغبة "فنية" خالصة ، بل تصب أيضا في اطار ترسيخ فكرة تفوق الجنس الآري.