من المتعارف عليه في جميع الدول أنها تسعي الي زيادة عددالمحترفين لما يعود بالنفع علي المنتخبات، الا أننا نجد في مصرظاهرة غريبة تكاد تكون الأولي من نوعها في العالم أجمع بعد قرار العديد من النجوم المصريين العودة إلي البطولة المحلية تاركين الأضواء والشهرة في أوروبا، التي تعتبر المحك الأساسي لتفريخ لاعبين قادرين علي تحقيق طموحات بلادهم في المستقبل . وبدلا من أن يزيد عدد اللاعبين المحترفين المصريين بالخارج فوجئ الوسط الرياضي المصري بقرار عودة 5 لاعبين دفعة واحدة، وهم أحمد حسام ميدو من ميدلسبره، وعمرو زكي من ويجان الإنجليزيين، وعصام الحضري من سيون السويسري، والحارس شريف إكرامي من فينورد الهولندي، وأحمد أبومسلم من اجاكسو الفرنسي، ووليد سليمان من الأهلي السعودي ليبقي محمد زيدان لاعب بروسيا دورتموند الألماني، ومحمد شوقي لاعب ميدلسبره الإنجليزي الهابط للدرجة الثانية وحسني عبد ربه لاعب أهلي دبي الإماراتي ، بالإضافة إلي جمال حمزة المحترف الجديد في صفوف نادي ماينز الألماني . وتأتي عودة زكي للزمالك بعد موسم واحد في الدوري الإنجليزي بعدما زادت خلافاته مع مدرب ويجان، أما ميدو فاتخذ نفس القرار بحجة أنه يريد أن يكون قريبا من أعين حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر، وبالنسبة للحضري ففضل اللعب بقميص الإسماعيلي بعدما وجد صعوبةً في التأقلم مع الغربة، وشعوره بعدم الراحة في الاستمرار مع سيون السويسري . وفي الوقت المفترض فيه أن تمثل عودة المحترفين قوة ضاربة لأنديتهم نجد أنهم أصبحوا عالة عليها حيث لم يلعب زكي سوي شوط واحد في مبارة انبي وتعرض بعدها للاصابة فيما حرم ميدو فريقه من تحسين مركزه في جدول الدوري بعد أن تسبب في اضاعة ضربة جزاء أصر علي التصدي لها في مباراة بتروجيت ليضيع ثلاث نقاط غالية فضلا عن الأسلوب غير اللائق الذي ظهرعليه ميدو في التعامل مع زملائه و لاعبي الفرق المنافسة، حيث ظهر كبلطجي في الملعب ليجد الزمالك نفسه أمام مجموعة لاعبين منهارة أخلاقيا بدءا بميدو ومرورا بشيكابالا و عمرو زكي فضلا عن جمال حمزة الذي يرغب في العودة لأحضان الزمالك مرة أخري بعد جلوسه أسيرا لدكة البدلاء مع فريقه الألماني . أما الاسماعيلي الذي راهن كثيرا علي عصام الحضري والذي ملأ وسائل الاعلام تصريحات قائلا أنه حان الوقت ليحصد الدراويش البطولات، فقد فشل في الدفاع عن شباكه نظيفة وتلقت هدفًا من بتروجيت و ثلاث أهداف من انبي وقبلها تلقت هدفين من المنصورة الصاعد حديثا للدوري الممتاز . ولم يكن أكثر المتشائمين يتصور عودة المحترفين المصريين فمنذ عام كانت أهداف زكي بقميص ويجان محل اهتمام وسائل الإعلام الإنجليزية، لدرجة أن تقارير عديدة ذكرت نية ليفربول وريال مدريد الإسباني التعاقد مع اللاعب صاحب القوة البدنية الكبيرة، لكن الوضع اختلف تماما بعد 12 شهرا . وجاءت بداية الدوري الإنجليزي هذا الموسم خالية من تواجد أي لاعب مصري في الأندية المشاركة في المسابقة للمرة الأولي منذ أربعة مواسم، خاصةً بعد رحيل زكي وميدو وهبوط لاعب الوسط محمد شوقي مع فريقه ميدلسبره للدرجة الأولي، لتكون ضربة موجعة للجماهير المصرية التي كانت تتفاخر بتواجد لاعبيها في المسابقة المحلية الأقوي علي مستوي أوروبا. وفضل شوقي البقاء مع ميدلسبره في الدرجة الثانية لأنه لا يريد العودة لمصر، ولكن مشاكله مع مدربه جاريث ساوثجيت تؤثر بشدة علي تركيزه الذهني، وهذا ما اتضح خلال مباراة غينيا الودية حيث تسبب بخطأ فادح أدي إلي تلقي مرماه الهدف الثالث. أما زيدان فقد أصبح مستبعدا بقرارٍ من صفوف منتخب بلاده بسبب تهربه من المباراة الودية أمام غينيا، لتكون جميع الظروف السلبية أحاطت باللاعب منذ أن تردد في الآونة الأخيرة أن علاقته بالممثلة مي عز الدين تمر بمرحلة عدم استقرار، في الوقت الذي يعتبر فيه شوقي محترفا مع إيقاف التنفيذ، بمعني أنه يشارك في التدريبات من دون أن يلعب أساسيا بسبب علاقته المتوترة مع المدرب. زاد من كمّ الضغوط التي يعاني منها زيدان التصريح الذي أدلي به يورجن كلوب المدير الفني لبروسيا دورتموند لمجلة "بيلد" الألمانية عقب الخسارة أمام هامبورج برباعية، والذي يقول فيه: "زيدان لم يستطع تنشيط أداء الفريق بعد نزوله لأرض الملعب بسبب حالة الكسل التي سيطرت عليه منذ مشاركته قبل نهاية اللقاء ب20 دقيقة، كنت أريد بإشراكه علاج عدم التزام الفريق بالخطة الموضوعة لكنه لم يضف جديدا، وبشكل عام لم يؤد أي لاعب واجباته بشكل جيد وهذا شيء لن أسمح بتكراره". وشارك زيدان في الجولتين الأولي والثانية من الدوري الألماني مع دورتموند كبديل حيث يدفع به المدرب في الدقيقة 70 خلال الشوط الثاني، فأمام كولن أحدث نزوله فرْقا وساهم في فوز فريقه بهدف نظيف، ولكن أمام هامبورج فالوضع كان سيئا للغاية، خاصة أنه شارك عندما كان دورتموند متأخرا بنتيجة ( 3-1 ) وبالتالي لم يضف جديدا لتنتهي المباراة بالخسارة (4-1) . أما بالنسبة لباقي المحترفين فنجد أن أبرزهم الثلاثي حسام غالي "لاعب وسط النصر السعودي"، وعبد الظاهر السقا "مدافع إسكيشهيرسبور التركي"، وجمال حمزة "ماينز الألماني"، ولكنهم يعانون من التجاهل المستمر من قِبل شحاتة. وبسبب هذا التجاهل المستمر لم يجد السقا الذي شارك في فوز بلاده ببطولة إفريقيا عام 2006 سوي أن يخرج بتصريحٍ غريب تناقلته وسائل الإعلام، قائلا: "أتلقي إشادة الجماهير والإعلام في تركيا، ومع ذلك لا يتم استدعائي للمشاركة في أي لقاء دولي من دون أي سبب واضح أو مقنع، فهل الأتراك لا يفهمون في كرة القدم؟، يبدو أن العودة للدوري المصري الممتاز هي الطريق الوحيد للانضمام لمنتخب مصر؛ لأن البعيد عن العين بعيد عن القلب". في النهاية يمكن القول بأن عودة محترفينا عكست غياب الثقافة الاحترافية عنهم وتعكس حالة من تدليل النجوم التي يعيشها اللاعبون المصريون في بلدهم .. فقد أثبت اللاعب المصري بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يعرف معني الاحتراف بالمرة، فهو غير قادر علي الالتزام في عمله لفترة طويلة بالإضافة لارتكابه جميع الأخطاء الاحترافية دون أدني تفكير.