كلما تقدمنا خطوة إلي الأمام نعود عشرات الخطوات إلي الوراء.. هذه المقولة تنطبق علي حال قطاعي السياحة والطيران في مصر اللذين تلقيا ضربات متتالية منذ ثورة 25 يناير وجاءت أحداث ماسبيرو الأخيرة لتعصف بقطاعي السياحة والطيران بعيدًا ولتقضي علي أمل نمو هذين القطاعين اللذين كانا يمثلان العمود الفقري للاقتصاد المصري. بعد الثورة انخفضت نسب الاشغال بالفنادق فلم تتعد 10% ما دفع بعض الفنادق لإغلاق أبوابها وتم إنهاء عمل الآلاف من العاملين وتحملت بعض الفنادق خسائر فادحة كي لا تستغني عن عامليها.. فهناك التزامات علي الفنادق تجاه العاملين بدفع المرتبات حتي في حال عدم وجود دخل... ولكن بمرور الوقت تحسن الأمر قليلاً خاصة في الغردقة وشرم الشيخ حتي وصلت نسبة الاشغال إلي 60% وإن بقيت القاهرة والأقصر وأسوان علي أحوالها المتدنية إلي أن جاءت أحداث ماسبيرو فعادت خطوات السياحة إلي الوراء وتأكد للسائحين أن مصر تعاني من عدم الاستقرار وأنها ليست دولة آمنة وبالتالي اتخذوا قرار عدم الذهاب إليها وهذا ما أكده جميع العاملين في قطاع السياحة. أما قطاع الطيران فلم يكن أفضل حالا من السياحة فمنذ ثورة 25 يناير تراجعت حركة الطيران كثيرًا وتوقفت الطائرات بما لا يقل عن 50% علي الأرض ومما زاد من المشكلة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي قام بها العاملون في قطاع الطيران المدني وبعد أن تم التفاهم مع أبناء القطاع وهدأت الأوضاع جاءت ضربة داخلية من أبناء القطاع تسببت في أزمة كبري وسببت حالة من الارتباك والتكدس وتأخر إقلاع وهبوط العشرات من الرحلات الجوية بالمطار وخسائر وصلت إلي ملايين الجنيهات وذلك عندما تباطأ وتوقف ضباط المراقبة الجوية الذين قاموا باعتصامات تسببت في أزمة كبري في تشغيل حركة الإقلاع والهبوط ثم جاءت أحداث ماسبيرو التي عادت بقطاع الطيران المدني إلي الوراء بعد أن شهد طفرة كادت تنطلق به إلي العالمية. وحول توقعات خبراء السياحة والطيران في الفترة المقبلة بعد أحداث ماسبيرو يقول أحمد الخادم مستشار وزير السياحة منير فخري عبدالنور أنه تم بالفعل إلغاء كثير من الحجوزات بعد أحداث ماسبيرو وهذا الإلغاء رد فعل طبيعي للقلق وعدم الأمان الذي كان واضحًا في أحداث ماسبيرو، والسياحة لا تعيش في قلق أو خوف. ويضيف الخادم أنه بجانب أن الشركات ووكلاء السفر والسياحة ألغوا الرحلات التي قامت بعض الدول مثل إسبانيا التي قدمت نصيحة لمواطنيها المسافرين إلي القاهرة أو الإسكندرية ضرورة الابتعاد عن الأماكن المزدحمة وعدم الذهاب إلي المناطق الشعبية. أما اليابان فمازالت نصيحتها إلي مواطنيها توخي الحذر من الذهاب إلي مصر وهو تحذير من الدرجة الثانية. وحول تحرك وزارة السياحة في الفترة المقبلة إزاء ما حدث يقول الخبير السياحي أحمد الخادم إن وزارة السياحة وهيئة التنشيط السياحي ستعمل في الفترة المقبلة علي التركيز علي علي المناطق الآمنة مثل البحر الأحمر وجنوب سيناء وسنطلب من شركات السياحة ومنظمي الرحلات التركيز علي هذه المناطق وبذل مجهود كبير لتسويق هذه الأماكن، كما أن الوقت الحالي هو المناسب لتسويق الساحل الشمالي بالنسبة للإيطاليين الذين يفضلون مرسي مطروح والعلمين فنسبة الاشغال بهذه الأماكن ترتفع في هذا الوقت من كل عام. وفي رأي الخبير الفندقي وجدي الكرداني أن أحداث ماسبيرو أوقفت حال الجميع في قطاع السياحة فقد تم إلغاء 90% من الرحلات خاصة من اليابان ودول البلقان ويوغوسلافيا.. ويوضح الكرداني أنه عندما حدث الهجوم علي السفارة الإسرائيلية شرحنا لعملائنا في الخارج أن هذه أحداث فردية ولأنها كانت حول السفارة الإسرائيلية فقد تفهموا وجهة نظرنا أما بعد أحداث ماسبيرو تأكد لهم أن هذه أحداث داخلية وأنه يوجد قلق وعدم أمان ما أدي إلي هذا التراجع في أعداد السائحين الذي لم يحدث في تاريخ السياحة المصرية بالرغم من أن السياحة المصرية مرت بكثير من المشاكل والمصاعب ولكن حادث ماسبيرو كانت نتائجه سلبية للغاية فقد أحدث ارتباكا في كل شيء والالتزامات التي تواجهها كبيرة فنحن علينا التزامات في دفع مرتبات العاملين وفواتير المياه وكهرباء وغيرها وهذا لا يقابله أي دخل بل إن دخل الفنادق أصبح صفرًا كل هذا بسبب الأحداث التي سبتت عدم الأمان والقلق في المجتمع.. والسياحة تزدهر في مجتمع يسوده الأمان والاستقرار.. وهذا ما نحتاجه اليوم وغدا. وفي رأي الخبيرة الفندقية قمر البورونو العضو المنتدب بشركة أماركو «نيل كروز» أن الإعلام وتضخيمه للأحداث كان له الأثر السلبي الكبير علي السائحين في مختلف الدول وأدي إلي خوف وقلق السائحين فحدوث اضطرابات في أي دولة تجعل السائح يفكر أكثر من مرة قبل التوجه إلي الدولة التي بها اضطرابات وقلق وعدم أمان. وعن الموسم السنوي والحجوزات الخاصة به علي المراكب النيلية تقول قمر إنه لم يحدث إلغاءات ولكن لم يحدث أيضا تأكيدات. وإذا كانت شركات السياحة والفنادق تعاني معاناة شديدة من إلغاء حجوزات الرحلات فمشاكل شركات الطيران لا تقبل معاناتها عن شركات السياحة فمصر للطيران الشركة الوطنية خسائرها مستمرة نتيجة الأحداث والاضطرابات كما أن شركات الطيران تعاني معاناة شديدة بسبب عدم الاستقرار الذي أدي إلي انخفاض حركة الركاب فكما يقول أشرف لملوم العضو المنتدب لشركة نسما للطيران وهي إحدي شركات الطيران التي مازالت صامدة في مواجهة كثير من المشاكل التي سببتها الاضطرابات المختلفة، إن أحداث ماسبيرو تأثيرها السلبي اتضح بعد 48 ساعة من الأحداث فالدول الأوروبية ألغت رحلاتها بنسبة 40%. ومن الدول التي قامت بتخفيض رحلاتها التشيك وفرنسا وإيطاليا وبولندا. وأشار أشرف لملوم إلي أن وسائل الإعلام المختلفة والإنترنت كان لها تأثير كبير في هذه الإلغاءات وكان تأثيرها السلبي قويا ولقد حاولنا أن نشرح لعملائنا الحقيقة ولكن تأثير الإعلام السلبي كان أقوي من أي شرح. ولذلك نحن نحتاج إلي مجهود كبير لنستعيد عملاءنا وهذا يتطلب التواجد في كل البورصات الدولية. ويوضح لملوم أن شركات الطيران تحتاج أن تقف الدولة بجوارها وتدعمها - ويقول إن الدعم ليس ماديا ولكن مساعدتنا في تخفيض التكلفة وذلك بالإعفاء من الضرائب ورسوم الايواء والهبوط في المطار - فنحن كشركات طيران تريد أن نحيا بأقل حجم من الخسائر فنحن كشركة طيران يقع علينا التزامات كثيرة فمنذ ثورة 25 يناير وحتي الآن بالرغم من انخفاض الحركة إلا أننا لم نستغن عن أي موظف أو عامل بالشركة بل إننا قمنا بتعيين عدد كبير من الشباب المصري.. فالفترة الحالية والمقبلة تحتاج إلي تكاتف ووقفة واحدة لكل فئات المجتمع.