اتفق محللان فلسطينيان على أن عملية إطلاق النار التي أوقعت قتيلين إسرائيليين وأربعة جرحى مساء أمس في نابلس تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين والمقدسات، واستبعدا في الوقت ذاته وجود علاقة بين العملية وخطاب رئيس السلطة محمود عباس مساء الأربعاء في الأممالمتحدة والذي هدد فيه بعدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال. وقال الكاتب والمحلل، فهمي شراب، من غزة، في حديث ل"رصد"، تعقيبا عن العملية: "إن ما شهدته باحات الأقصى وما تناقلته لنا شاشات التلفاز والإعلام من صور الاعتداءات الوحشية والبربرية الإسرائيلية على النساء والشيوخ وكبار المصلين والمرابطين في الأقصى، زادت مشاعر الكراهية تجاه المستوطنين والجنود الإسرائيليون، وعمقت الجراح الفلسطينية وولدت مشاعر الانتقام الطبيعية والعفوية دون تخطيط من تنظيم او دولة ما". ونوه "شراب"، أيضا إلى أن مشاهد قتل وحرق الأطفال في الأسابيع الأخيرة (عائلة دوابشة) وقتل الفتاة هديل الهشلمون بكل هذه القسوة أثارت لدى أحرار الضفة شعور بالرد بأي أسلوب يكون رادع لهؤلاء المعتديين. واستبعد المحلل الفلسطيني، أي ربط بين خطاب أبو مازن وبين عملية اليوم في نابلس، قائلا: "ما زال لا يوجد أي تغير على حال السلطة يجعلها تغير نهجها 180 درجة، حتى لو ثبت بان الذي قام بهذه العملية أفراد من كتائب شهداء الأقصى!"، متوقعا بأن تشهد الفترة القادمة في الضفة تصعيد المقاومة الفلسطينية وارتفاع وتيرتها وأساليبها وتطور في أدواتها وأيضا مستوى قدراتها وذلك بسبب العنف الإسرائيلي المتصاعد الذي يمارس ضد أهلنا في الضفة وايضا بسبب موقف السلطة من ذلك والذي لا يرتقي لمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني. وأوضح أن السلطة ورئيسها أبو مازن يمكن له اقتناص هذه الفرصة التي جاءت ليثبت بأنه بإمكانه اشعال حرب واشعال انتفاضة بين عشية او ضحاها وذلك لمضاعفة فرص إنعاش عملية المفاوضات او الحصول على امتيازات أكبر من إسرائيل. كما تشكل هذه العملية فرصة يمكن للسلطة استغلالها لتحريك الدول الحريصة على استقرار الأمن في المنطقة بأن تدعم الموازنة وتستمر في تحويلات المبالغ التي اعتادت تحويلها خشية انزلاق الأمور إلى توتر وانتفاضة، وكانت السلطة حذرت قبل أسبوعين تقريبا بأنها قد لا تستطيع الايفاء بالتزاماتها أمام موظفيها بسبب عجز الموازنة وامتناع دول عربية وغربية عن دعمها المعهود. ورأى "شراب" أن الهجمة الإعلامية الإسرائيلية التي تصاعدت بعد خطاب الرئيس الفلسطيني وعقب العملية، ترجع إلى أن دولة الاحتلال تعاني من تآكل في شرعيتها على المستويين الدولي والاقليمي وتريد فقط أن تتهم الطرف الفلسطيني بأنه غير معني بالتفاوض والسلام. مشيرا إلى أن هذه الهجمة الاعلامية لا تشكل حالة دائمة ولكنها عرضية تريد الانتقاص من شرعية ومصداقية الطرف الفلسطيني، بحسب ما قال. في السياق، أوضح الكاتب السياسي، ياسين عز الدين، من الضفة الغربية، في تصريح خاص ل"رصد"، أن مثل هذه العمليات تحتاج لأسابيع من التخطيط وبالتالي لا علاقة لها بخطاب محمود عباس، لكن تزامنها مع الخطاب "ضربة معلم"، بحسب وصف، مضيفا: "هذا من لطائف الأقدار لأنه ستدفع الوضع نحو المزيد من التصعيد. وقال "عز الدين": "إن الوضع العام في الضفة منذ يوم الثلاثاء الماضي هو أقرب للانتفاضة، وبالأخص في المنطقة الممتدة من نابلس حتى الخليل مرورًا برام الله وبيت لحم، وما ينقص هو الاستمرارية. وتأتي عملية اليوم لتشكل دافعًا إضافيًا". مشيرا إلى أن المستوطنة التي حصلت قربها العملية (ايتمار) هي "معقل لجماعات تدفيع الثمن المتطرفة بالإضافة إلى مستوطنة يتسهار، وهذا يفسر ردة فعل المستوطنين العنيفة"، مبينا أن مستوطني الضفة لهم نفوذ كبير في الإعلام وحكومة الاحتلال، ويقودون حملة مزايدات وتحريض منذ فترة، وهذا سيقود حكومة الاحتلال لردود أفعال غير مدروسة قد تفجر الوضع بشكل تام. وتوقع "عز الدين" أن يحاول جيش الاحتلال والشاباك كبح أي رد فعل غير مدروس وخاصة تجاه السلطة الفلسطينية، لانها الضمانة الأخيرة لمنع انطلاق انتفاضة في الضفة. وقتل مستوطن وزوجته وأصيب أبناؤهم الأربعة في عملية اطلاق نار على سيارتهم على الطريق الواصل بين مستوطنتي "إيتمار وألون موريه" مساء الخميس في نابلس بالضفة الغربية، حيث هرعت إلى مكان العملية قوات كبيرة من جيش الاحتلال وطواقم الإسعاف والإنقاذ. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال إنه في أعقاب عملية إطلاق النار الجيش فرض طوقا أمنيا في محيط منطقة العملية. وفي حادث آخر، أصيبت مستوطنة إسرائيلية بجراح طفيفة نتيجة رشقها بالحجارة بمفترق يتسهار (قرب نابلس)، وتم نقلها إلى مستشفى بيلنسون في بيتاح تكفاه لتلقي العلاج. وساد الغضب أوساط المستوطنين الإسرائيليين، بعد الحادث، حيث هاجموا سيارات فلسطينية بالحجارة قرب العملية، كما اشتبكوا مع قوات الاحتلال المتواجدة بالمكان وقذفوهم بالحجارة. واعتبر أكثر من مسؤول إسرائيلي أن هذه العملية هي نتاج تحريض رئيس السلطة محمود عباس في خطابه أمام الأممالمتحدة، مساء أمس، والذي هدد فيه بوقف التزامات السلطة بالاتفاقيات الموقعة، فيما باركت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" العملية التي اعتبرتها ردا طبيعيا ومتوقعا على جرائم الاحتلال وانتهاكاته المستمرة بحق المواطنين والمقدسات وتدنيس الأقصى.